تدقيق تصريحات ترامب: خطابه في بنسلفانيا ومقابلته مع «بوليتيكو» أخبار دونالد ترامب

تحدث رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب في مقابلة أجرتها معه صحيفة بوليتيكو داخل البيت الأبيض يوم الإثنين، وطرَح خلالها سلسلة من الادعاءات القوية المتعلقة بوضع الاقتصاد، وبـ«الخطر» الذي يزعم أنه مصدره عصابات المخدرات الفنزويلية، وبشعبيته بين الأميركيين السود. وفي اليوم التالي ألقى خطابًا على طراز التجمع الحزبي في بنسلفانيا استمر حوالي 90 دقيقة شنَّ خلاله هجومًا لاذعًا على إلهان عمر، أول عضوة مسلمة في الكونغرس من الحزب الديمقراطي، زاعمًا أنها في البلاد بصورة غير قانونية.

نحيل هنا بعض مزاعم ترامب إلى فحص الحقائق ونورد النتائج أدناه.

الادعاء الأول: «ورثت أسوأ موجة تضخم في التاريخ، والاقتصاد يزدهر الآن»
ما قاله ترامب: في التجمع وفي المقابلة مع بوليتيكو كرر ترامب أنه ورث «فوضى» اقتصادية، وادعى أن معدلات الأسعار كانت عند مستويات قياسية عندما تولى الرئيس الحالي منصبه، وأن أسعار البنزين كانت مرتفعة للغاية قبل أن تنخفض إلى مستويات بلغت 1.99 دولارًا للغالون في بعض الولايات.

الحقائق: تقارير مؤسسات فحص الحقائق، من بينها Factcheck.org، توضح أن ترامب لم يرث «أسوأ تضخم في التاريخ». معدل التضخم السنوي كان أقل من 3% في الأشهر الستة التي سبقت تولي الرئيس بايدن منصبه، وصعود التضخم لاحقًا مرتبط جزئيًا بالأضرار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19 والإجراءات المتعلقة بها. مؤشر أسعار المستهلك ارتفع من نحو 5.4% إلى 9.1% في الفترة الممتدة حتى يونيو 2022، لكن هذا لا يرقى إلى أسوأ مستوى شهدته البلاد؛ فبعد الحرب العالمية الأولى بلغ التضخم ذروته عند نحو 23.7% في يونيو 1920، وسجل مارس 1980 ذروة أخرى بلغت 14.8%. أما بخصوص أسعار الوقود، فمتوسط سعر غالون البنزين في الولايات المتحدة كان حوالي 3.05 دولارات في نوفمبر، مع تفاوت كبير بين الولايات (من نحو 2.41 دولارًا في أوكلاهوما إلى 4.53 دولارات في كاليفورنيا حسب بيانات ديسمبر)، وسعر 1.99 دولارًا الذي استشهد به ترامب ينطبق على محطات معزولة ذات أسعار منخفضة وليس متوسطًا عامًّا للولاية. الان تراجع السعر إلى مستويات أقل في بعض المناطق، لكن التعميم يضلِّل الجمهور.

يقرأ  الكرملين: قوات الناتو في أوكرانيا تشكل تهديدًا لموسكو

الادعاء الثاني: «إلهان عمر في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية»
ما قاله ترامب: استغرق ترامب وقتًا في التجمع لانتقاد هجرة أشخاص من الصومال ودول أخرى، وزعم أن إلهان عمر دخلت البلاد بطريقة غير قانونية وأنها تزوجت من أخيها للحصول على الإقامة، مطالبًا بطردها.

الحقائق: الصومال تملك مؤسسات حكومية بينها قوات مسلحة وبرلمان وقوى شرطية، وإنكار ذلك غير دقيق. ولدت إلهان عمر في مقديشو عام 1982، ولجأت عائلتها من الحرب الأهلية الصومالية إلى مخيم للاجئين في كينيا، ثم حصلت العائلة على حق اللجوء في الولايات المتحدة عام 1995 حين كانت عمر في الثانية عشرة من عمرها. بعد منح اللجوء يحصل اللاجئون على صفة المقيم الدائم القانوني ثم يمكنهم التقدم للحصول على الجنسية بعد خمس سنوات؛ وعمر أصبحت مواطنة أميركية عام 2000 وهي في السابعة عشرة. الادعاءات حول زواجها من شقيقها وكونها تقيم بصورة غير قانونية تكررت في أوساط اليمين الأميركي منذ 2018، لكنها نُفِيَت واستندت المنافسات على سجلات زواج وطلاق تفصيلية نُشِرت آنذاك. سجلت عمر زواجها الأول بع احمد عبدي سالان هيرسي عام 2002 في مراسم دينية، وأنجبت طفلين ثم انفصلت، ثم تزوجت مدنيًا في 2009 من أحمد نور سعيد إلمي، وانفصلت عنه 2011، ثم عادت إلى هيرسي 2012، وبعد طلاق إلمي 2017 أعادت الزواج قانونيًا من هيرسي 2018. لا توجد أدلة موثوقة تثبت أن أيًا من هذين الرجلين هو أخ لها، وعمر نفت المزاعم بشدة.

الادعاء الثالث: «ضربات القوارب الفنزويلية تنقذ 25,000 حياة أميركية في كل مرة»
ما قاله ترامب: في مقابلة بوليتيكو وخلال التجمع كرر ترامب أن ضربات البحرية الأميركية على زوارق مزعومة فانزويلية «توفّر 25,000 أميركيًا» في كل عملية من عمليات الإعطاب.

يقرأ  نظرية فيغوتسكي في التعلم الاجتماعي‑الثقافي: ما المقصود بها؟

الحقائق: الإدارة الأميركية لم تقدم أدلة دامغة تُثبت أن كل ضربة على زورق تنقذ عشرات الآلاف من الأرواح أو أنّ الزوارق المستهدفة كانت بالفعل تحمل مخدرات أو تتبع لشبكات تهريب محدَّدة كما قيل. منذ سبتمبر أُبلغ عن ضربات على نحو 21 زورقًا فنزويليًا على الأقل في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي أسفرت عن مقتل أكثر من 80 شخصًا. كما أن بيانات ومسوحات الأمم المتحدة ومصادر إنفاذ القانون تشير إلى أن الإنتاج العالمي للكوكايين وصل في 2023 إلى مستويات قياسية تقارب 3,708 أطنان، مع كون كولومبيا أكبر مصدر تليها بيرو وبوليفيا؛ ومسارات التهريب نحو الولايات المتحدة تمر في الغالب عبر كولومبيا وبيرو والإكوادور، ولا تُظهر الأدلة أن فنزويلا هي المصدر الرئيسي أو الممر الأساسي لكميات كبيرة من الكوكايين المتجه إلى السوق الأميركية. تقرير إدارة مكافحة المخدرات الأميركية لعام 2024 أشار إلى أن نحو 84% من الكوكايين الذي صُودِر في الولايات المتحدة له مصدر كولومبي، دون ذكر بارز لفنزويلا.

الادعاءات حول المتحولين جنسيًا والناخبين السود
ما قاله ترامب: في التجمع ادعى أن الديمقراطيين يريدون «تحوُّلًا جنسيًا لكل فرد في الأسرة» وسخر من فكرة تغيير الجنس، كما قال إن «السود يحبون ترامب» وزعم أنه حصل على أكبر نسبة تصويت من الناخبين السود.

الحقائق: السياسة المتعلقة بالتحوّل الجنسي والعلاجات المؤيدة للهوية الجندرية (مثل حاصرات البلوغ أو العلاج الهرموني أو الجراحات) تختلف بحدة بين الولايات الأميركية تبعًا للقوانين المحلية وممارسات الطب والتأمين، وليست سياسة اتحادية موحدة تطبق بنفس الشكل على كل الشبان أو العائلات. وفي أوروبا وبعض الدول جرى تشديد الوصول إلى هذه العلاجات للأطفال بسبب نقاشات علمية وطبية حول آثارها الطويلة الأمد، بينما في أجزاء من الولايات المتحدة قد تكون متاحة بشروط. لا توجد أدلة على أن الحزب الديمقراطي يروّج لفرض «عضو متحول» في كل أسرة؛ هذا تَصوير مبالغ فيه للسياسة الحزبية. أما بخصوص الأصوات السوداء، فقد أحرز ترامب مكاسب ملحوظة في الانتخابات العامة 2024، فحصل على نحو 20% من التصويت الأسود في نوفمبر 2024 مقارنة بحوالي 12% في 2020 — زيادة معتبرة، لكنها أدت مع ذلك إلى أن مرشحة الحزب الديمقراطي، كمالا هاريس، حصلت على غالبية أصوات الناخبين السود إجمالًا.

يقرأ  المنظمات غير الحكومية تثمن مساعي لبنان لتحقيق العدالة بعد استهداف صحفيين في هجوم إسرائيلي

الاستنتاج المختصر: كثير من تصريحات ترامب في المقابلة والخطاب احتوت على مبالغات أو تعميمات غير دقيقة أو مزاعم بلا أدلة موثوقة. التحقق من الوقائع يُظهر أن بعض الأرقام والإشارات التاريخية والسياقات تحتاج توضيحًا أو تصحيحًا قبل قبولها كما وردت.

أضف تعليق