مجلس شيوخ ولاية إنديانا يسقط مشروع إعادة رسم الدوائر رغم ضغوط ترامب

هزيمة لإدارة ترامب في إنديانا

صوّت مجلس شيوخ ولاية إنديانا مساء الخميس بأغلبية 31 مقابل 19 لرفض مشروع قانون إعادة ترسيم الدوائر الانتخابية للكونغرس، موجهًا ضربة لجهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل انتخابات النصفية الحاسمة لعام 2026. القرار جاء رغم وجود أغلبية جمهورية قوية في المجلس.

من بين خمسين مقعدًا في مجلس الولاية، يتبوّأ الجمهوريون 39 مقعدًا، والولاية تميل بوضوح إلى الحزب الجمهوري في كل انتخابات رئاسية منذ 1968، باستثناء انقلاب وحيد لصالح الديموقراطي باراك أوباما عام 2008. هذا التصويت يعزّز الانطباع بأن الحزب الجمهوري يعاني شقاقًا تحت قيادة ترامب، لا سيما مع تراجع نسب التأييد له خلال السنة الأولى من ولايته الثانية.

أبلغت نتائج تصويت إنديانا ترامب أثناء حفل توقيع في المكتب البيضاوي، حيث سأله أحد الصحافيين: «قبل لحظات، مجلس الولاية رفض خريطة إعادة الترسيم. ما ردّ فعلك؟» فردّ ترامب مستعرضًا نجاحاته في دفع ولايات جمهورية أخرى للمضي قدمًا، ومشيرًا إلى انتصاراته في الولاية في حملاته الرئاسية الثلاث: «فزت بإنديانا ثلاث مرّات بفارق كبير، ولم أكن أعمل عليها بجهد كبير». ثم شنّ هجومًا على رئيس مجلس الشيوخ الولاية رودريك براي (Rodric Bray) وهدد بدعم مرشّح في الانتخابات التمهيدية ضده.

«ربما يخسر في الانتخابات التمهيدية القادمة، متى ما كانت. آمل أن يخسر»، قال ترامب، مضيفًا أنه سيساند أي مرشح يواجهه.

شروخ داخل الكتلة الجمهورية

ترسل إنديانا تسعة أعضاء إلى مجلس النواب الأميركي، مقعد واحد عن كل دائرة من دوائرها التسع؛ اثنان من هذه المقاعد محتلاّن حاليًا من قبل ديموقراطيين. لكن قادة الجمهوريين في الولاية اقترحوا خريطة جديدة تهدف إلى تقليل تأثير الناخبين الديموقراطيين وتمهيد الطريق لسيطرة مرشحين محافظين على جميع المقاعد التسعة في انتخابات العام المقبل.

يقرأ  الدانمارك تستدعي دبلوماسيًا أمريكيًا بسبب محاولات التأثير على غرينلاند — قضية تثير تقارير مرتبطة بأخبار دونالد ترامب

الخريطة المقترحة كانت جزءًا من حملة وطنية قادتها إدارة ترامب للحفاظ على السيطرة الجمهورية في الكونجرس. وقد سبق للمشروع أن اجتاز مجلس النواب في الولاية، إذ صوتت جمعية نواب إنديانا في 5 ديسمبر بأغلبية 57 ضد 41 لإحالته إلى مجلس الشيوخ. وكان حاكم الولاية الجمهوري مايك براون يدعم مشروع القانون ويحثّ أعضاء المجلس على تقليد زملائهم في المجلس الأدنى — وهو موقف دعمه ترامب بقوة لاحقًا — إلا أنّه ظهرت تشققات داخل الكتلة الجمهورية قبل وصول المشروع إلى مجلس الشيوخ، حيث انشقّ اثنا عشر نائبًا جمهورياً في مجلس النواب وصوّتوا ضده.

وعلى مستوى المسؤولين في مجلس الشيوخ، قام بعض الجمهوريين بالتعبير عن تحفظات. إذ عُرف عن بعض الأعضاء، مثل السيناتور غريغ والكر، معارضته لمحاولات إعادة الترسيم سابقًا، كما نقلت عنه صحف محلية قوله إنه لا يستطيع دعم مشروع يتطلب حكمًا قضائيًا لكي يُعتبر دستوريًا. وفي النهاية، انضمّ والكر إلى 21 سيناتورًا جمهوريًا، بمن فيهم براي، في التصويت ضد مشروع القانون يوم الخميس.

جدل حول تأثير الخريطة

لطالما كانت ممارسات ترسيم الدوائر الحزبيّة مصدر جدل في السياسة الأميركية، بوصفها ممارسات تقوّض ديمقراطية التمثيل وتفرض تمييزًا انتخابيًا. ومن النقاط المثارة ضد مقترح إنديانا أنه من شأنه أن يضطر مقترعين من مراكز حضرية كإنديانابوليس إلى التنقل لمسافات تزيد على 200 كيلومتر للتصويت حضوريًا في بعض الحالات، وهو ما يصفه المعارضون بأنه عائق عملي أمام المشاركة الانتخابية.

حملة وطنية ومواجهة متصاعدة

لم توفر إدارة ترامب جهدًا في محاولة قلب الموازين لصالح الخريطة الجديدة. زار نائب الرئيس جيه. دي. فانس ولاية إنديانا في أكتوبر لمحاولة إقناع أعضاء جمهوريين مترددين، كما قام متحدثون بارزون مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون بمكالمات شخصية مع قادة الولاية. وقبل يوم من تصويت مجلس الشيوخ الحاسم، لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي بمزيج من الاسترضاء والضغط، في منشور مطوّل ضم أكثر من أربعمئة كلمة.

يقرأ  ترامب يفرض رسماً بنسبة ٥٪ على المكسيك بسبب خروقات معاهدة المياهأخبار دونالد ترامب

في الوقت الذي تمتلك فيه الأغلبية الجمهورية ضيقًا في مجلس النواب الاتحادي — حوالي 220 مقعدًا من أصل 435 — فإن كافة المقاعد ستكون عرضة للتنافس في انتخابات 2026، والديموقراطيون يأملون في قلب الغلبة لصالحهم. انطلقت محاولات مماثلة في ولايات أخرى؛ فمثلاً ضغط ترامب على المشرّعين في تكساس لإعادة ترسيم دوائرها، ما أفضى إلى تبنّي خريطة جديدة في أغسطس رغم مقاطعة ديموقراطية. تبعتها ولايات مثل ميزوري ونورث كارولاينا بتعديلات لصالح المكاسب اليمينية.

ردّ ديموقراطيون ومتغيرات محلية

لم يغب الرد الديموقراطي: في نوفمبر، أقرّ الناخبون في كاليفورنيا استفتاءً علق عمل لجنة مستقلة لترسيم الدوائر وتبنّى خريطة تميل للديموقراطيين أعدّها المشرّعون المحليون، في محاولة لمواجهة موجة إعادة الترسيم التي تدفع بها إدارة ترامب.

صعود التوترات داخل الحزب الجمهوري في إنديانا جعل موقف الولاية استثناءً عن هذا التيار؛ ففي منشور مطوّل حذّر ترامب من أن فشل إنديانا في تمرير خريطة جديدة «يعرض سلطة الجمهوريين للخطر»، وشنّ هجومًا لفظيًّا على الجمهوريين المنشقين واصفًا إياهم بـ«الضحايا» (SUCKERS) للديموقراطيين، ومؤكدًا أنه سيبذل ما في وسعه لمنعهم من إلحاق «الضرر بالحزب والبلاد» مجددًا.

عواقب سياسية وتهديدات بالانتقام

في أعقاب الهزيمة، تكثفت تهديدات ترامب وحلفائه بعزل أو دعم مرشحين ضد الـ21 سيناتورًا الجمهوريين الذين عارضوا المشروع. وكتب الحاكم براون على وسائل التواصل الاجتماعي معبرًا عن خيبة أمله إزاء مجموعة صغيرة من السيناتورات التي «تحالفت مع الديموقراطيين لرفض هذه الفرصة»، ووصف القرار بأنه رفض لقيادة الرئيس ترامب، معلنًا عزمه التنسيق مع البيت الأبيض لمحاسبة من لا يمثلون «مصالح سكان الولاية».

تُظهر أحداث إنديانا كيف أن معارك إعادة الترسيم لم تعد مجرد مناورة إدارية داخل الولايات، بل أصبحت ساحة صراع سياسي حاد بين حلفاء داخل الحزب نفسه، وتعيد رسم ملامح التحالفات قبل معركة 2026 النيابية. التغريدة الطويلة والضغوط الميدانية والتهديدات بالانتقام توضح أن الخلاف لن يختفي سريعًا، وأن التداعيات سترافق المشهد الانتخابي المحلي والوطني على حدّ سواء.

يقرأ  مسلحون على دراجات نارية يحافظون على استمرار الصراع في منطقة الساحلأخبار الجماعات المسلحة

(ملاحظة لغوية: في السطر المتعلق بالأغلبية في مجلس النواب استخدمتُ كلمة «الكونجرس» شائعة التداول في بعض الوسائل الإعلامية المحلية.)

أضف تعليق