نازحو غزة يواجهون كارثة عاصفة بلا شيء تقريبًا — أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في مخيمات النزوح الواسعة في غزة تمتد صفوف الخيام المؤقتة كغطاء على أنقاض وحفر وأطلال أحياء مسطحة، والقلق يتصاعد مع اقتراب عاصفة جديدة. سكانٌ أنهكهم عامان من الحرب الإسرائيلية التي وُصفت بأنها إبادة جماعية يعيشون الآن بين رياحٍ وأمطار بعد سنوات من القصف والحرمان والفوضى.

حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني ينامون تحت شرائح البلاستيك والأغطية الممزقة؛ بالنسبة إليهم العاصفة ليست مجرد سوء طقس، بل تهديد إضافي على معركة البقاء اليومية.

التنبؤات الأرصادية حذّرت لعدة أيام من أمطار غزيرة ورياح شديدة قد تضرب القطاع اليوم والغد وخلال عطلة نهاية الأسبوع، مع مخاطر فيضانات مفاجئة وأضرار ناجمة عن الرياح. وما هو مؤكد هو أن غزة لا تواجه هذه العاصفة ببنية تحتية جاهزة أو ملاجئ مؤمنة أو شبكات تصريف فعّالة.

الخيام مدعومة بقطع من الحديد الخردة، والممرات تتحول إلى مجاري طينية بعد ليلة مطر واحدة، والعائلات لم يتبقَ لديها ما تحمي به أطفالها. كثير من الخيام ينهار طرفها الأوسط أو تهتز بشدة أمام أقل نسمة هواء.

التضامن كاستراتيجية بقاء
في مخيمات مدينة غزة تبدو هشاشة المأوى على مرأى العين. أغلب الخيام مبنية من أغطية مساعدات، وبلاستيك نُقِبَ من بين الحطام، وبطانيات مربوطة إلى أعمدة خشبية معاد استخدامها. “عندما تهب الرياح نمسك الأعمدة جميعاً كي لا تسقط الخيمة”، يقول هاني زيارة، أبٌ لجأ إلى حاجز غرب المدينة بعد دمار منزله قبل أشهر. خيمتهم غُمرت بالمياه الليلة الماضية وكان الأطفال يضطرون للبقاء في العراء البارد، وهاني يتساءل بألم ماذا يفعل أكثر ليحميهم.

في مخيمات كثيرة كان الأرض قد تبللت من أمطار سابقة؛ الرمل والماء يلتصقان بالأحذية والبطانيات أو أواني الطهي كلما تحرك الناس. القنوات التي يحفرها متطوعون لصرف المياه تنهار خلال ساعات، ومع عدم وجود بدائل تتحضر العائلات في المناطق المنخفضة لأسوأ السيناريوهات: أن المياه ستندفع مباشرة إلى خيامهم.

يقرأ  أسطول مساعدات إلى غزة يغادر برشلونة وغريتا ثونبرغ على متنه

الاستعدادات الأساسية كالتخزين المسبق للطعام وتكديس المياه النظيفة وتأمين وقود أو مأوى بديل هي رفاهية بالنسبة للنازحين في غزة. غالبية العوائل تتلقّى مياهٍ بالكاد تكفي، وتمتد أحياناً لأيام دون ماء للطهي أو للغسل. الإمدادات الغذائية مشدودة أيضاً؛ والمساعدات المتقطعة توفر أساسيات كالأرز والفاصولياء المعلبة لكن كمياتها لا تدوم أكثر من أيام معدودة. التحضير للعاصفة عبر طهي مسبق أو جمع مواد جافة أو توفير وقود أمورٌ لا يمكنهم القيام بها.

“لم نتمكن من النوم الليلة الماضية. خيمتنا غمرتها مياه المطر. كل ما كان لدينا جرته المياه. نريد أن نستعد، لكن كيف؟” تقول مرفيت، أم لخمسة أطفال نازحين قرب ميناء غزة، وتضيف: “لا يوجد لدينا إلا طعام يكفينا الليلة فقط. لا نستطيع أن نحفظ ما ليس عندنا.”

رغم الفقر المدقع، أصبح التضامن أمتن شبكات النجاة: الجيران يربطون الخيام بأيسر ما يملكون، والشباب يجوبون الأنقاض بحثاً عن قضبان ومستلزمات خشبية لتثبيت الأعمدة، والنساء ينظمن طبخاً جماعياً لتوزيع وجبات ساخنة على المحتاجين، خصوصاً الأطفال وكبار السن حين تتوفر الإمكانات.

تتكثف هذه الشبكات غير الرسمية كلما اقتربت العاصفة؛ المتطوعون ينتقلون خيمة بخيمة لرفع أماكن النوم عن الأرض، وسد ثغرات الأسقف بأكياس بلاستيكية، وحفر قنوات تصريف. الحشود تحاول نقل من هم في مناطق معرضة للغاية إلى أماكن أكثر أمناً وتشارك المعلومات عن بقاع أقل عرضة للخطر.

“لقد تعبنا”
بعيداً عن المخاطر الجسدية، الأثر النفسي عميق؛ بعد شهور من النزوح والخسارة والحرمان تبدو أزمة جديدة — وهذه المرة قوى الطبيعة — مرهقة بشكل لا يطاق. “خيامنا تدمرت. نحن منهكون. لم يعد لدينا طاقة”، يقول وسام ناصر. “كل يوم خوف جديد: الجوع، البرد، المرض، والآن العاصفة.”

الكثيرون يصفون شعورهم كأنهم محاصرون بين السماء والأرض، مكشوفون من الأعلى والأسفل، عاجزون عن حماية عائلاتهم من أي جهة. ومع تجمع السحب على ساحل غزة، تستعد العائلات لتلقي الضربة: يثبت البعض جدران الخيام بالحصى وأكياس الرمل، يدفع آخرون بطانيات الأطفال إلى الزاوية الأبعد أملاً أن يدوم السقف، والكثيرون بلا خطة واضحة؛ ينتظرون فقط.

يقرأ  المملكة المتحدة تسقط التهم عن رجلين اتُّهما بالتجسس لصالح الصين

لن تكون العاصفة ليلة واحدة عابرة بالنسبة للنازحين في غزة، بل تذكير إضافي بهشاشة الحياة هناك، وبأن البقاء بات مرهوناً ليس بالتحضير وإنما بالتحمّل. ينتظرون لأنهم لا خيار أمامهم، يستعدون بما لديهم القليل، ويصلّون أن تكون الرياح رحيمة هذه المرّة.

(أسماء بعض المتحدثين وردت كما ظهرت في التقارير الميدانية، وبعض المتضرررون صرحوا بأنهم تعرضو لأشد الليالي خلال الأمطار الماضية.)

أضف تعليق