اعتقالات وترحيل
قبِضت سلطات جنوب أفريقيا وأصدرت أوامر بترحيل سبعة مواطنين كينيين كانوا يعملون بصورة غير قانونية في مركزٍ يعالج طلبات لاجئين لبرنامج إعادة توطين مثير للجدل أطلقته إدارة ترامب ويستهدف في المقام الأول الأفريكانرز البيض.
وقالت السلطات إن عمليات الاعتقال التي جرت يوم الثلاثاء في جوهانسبرغ جاءت بعد تقارير استخباراتية أكدت أن الكينيين دخلوا البلاد بتأشيرات سياحية وتولّوا أعمالاً رغم أن وزارة الشؤون الداخلية رفضت سابقاً طلبات الحصول على تأشيرات عمل لنفس المناصب. وأوضحت الحكومة أن السبعة سيُمنعون من العودة إلى جنوب أفريقيا لمدة خمس سنوات.
أبعاد ديبلوماسية متصاعدة
أثارت العملية خلافاً ديبلوماسياً جديداً بين بريتوريا وواشنطن، في ظل توتر متصاعد على مدار 2025 بسبب مزاعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرافضة على نطاق واسع بأن السكان البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون لـ«إبادة جماعية» واضطهاد عرقي. وصرّح وزير الخارجية الأمريكي لسي إن إن بأن «التدخل في عمليات اللجوء التي نجريها أمر غير مقبول» وأن واشنطن ستطلب توضيحات فورية.
ونقلت شبكة سي إن إن أيضاً عن احتجاز مؤقت لموظفين أمريكيين اثنين خلال المداهمة، بينما قالت الحكومة الجنوب أفريقية إنّه لم يتم توقيف أي مسؤول أمريكي.
المنظمات والأدوار
كان الكينيون يعملون في مراكز معالجة تُشغلها حركة Amerik aners — مجموعة يقودها جنود جنوب أفريقيون بيض — ومنظمة RSC Africa الكينية التي تديرها منظمة Church World Service. وتتعامل هذه الجهات مع طلبات برنامج ترامب، الذي نقل أعداداً قليلة من جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة هذا العام.
ومن جهتها، قالت وزارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا إن وجود مسؤولين أجانب يتعاونون مع عمال بلا وثائق «يثير أسئلة جدّية بشأن النوايا وبروتوكولات ديبلوماسية» وبدأت اتصالات رسمية مع كل من الولايات المتحدة وكينيا.
«إذا لم تكن أبيض… انسَ الأمر»
أصدر ترامب في فبراير أمراً تنفيذياً بعنوان «التصدي للأفعال الفاضحة لجمهورية جنوب أفريقيا» قضى بقطع كل المعونات الأمريكية وإعطاء أولوية لإعادة توطين الأفريكانرز البيض الذين زعم أنهم يتعرّضون للتمييز المدعوم حكومياً. ولاحقاً حدّد سقف اللاجئين لعام 2026 عند 7,500 شخص، مع حجز حصة كبيرة لمواطني جنوب أفريقيا البيض.
قال سكوت لوكاس، أستاذ السياسة الأمريكية والدولية في معهد كلينتون بجامعة كوليدج دبلن، لشبكة الجزيرة إن الفارق في معاملة ترامب للاجئين البيض من جنوب أفريقيا مقارنةً باللاجئين الملونين من دول أخرى يكشف «صراحة معكوسة» في سلوكياته ونظرته للعالم. وأضاف: «اذا كنت أبيض ولديك علاقات تدخل، وإذا لم تكن أبيض فانسَ الأمر».
نفيّات وانتقادات داخلية
ترفض حكومة جنوب أفريقيا بشكل قاطع مزاعم الاضطهاد. وقال وزير الشؤون الخارجية رونالد لامولا إنه لا توجد بيانات تدعم ادعاءات اضطهاد البيض، مشيراً إلى أن الأفريكانرز يُعدّون من «الأكثر امتيازاً اقتصادياً» في البلاد. كما رفضت منظمات أفريكانر الرئيسية توصيف ترامب، وامتنع كل من AfriForum وحركة Solidarity — اللتان تمثّلان نحو 600,000 عائلة أفريكانر — عن قبول عرض اللجوء، مؤكّدتين أن الهجرة ستعني «التضحية بهوية أحفادهم الثقافية». وصرّح مجتمع أورانيا الأفريكانري قائلاً: «الأفريكانرز لا يريدون أن يكونوا لاجئين؛ نحب وطننا وملتزمون به».
تدهور في العلاقات
قدّم ترامب مراراً أدلة ثبت تزييفها لدعم مزاعمه، من بينها ما وصفته وسائل الإعلام بتصويبٍ محكَم خلال زيارة رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إلى البيت الأبيض. كما عرض في مايو مقاطع فيديو تضمنت لقطات تبيّن لاحقاً أنها من جمهورية الكونغو الديمقراطية وصوراً لنصب تذكاري مؤقت ادّعى خطأً أنّها مقابر جماعية.
وتفاقمت العلاقات بين البلدين هذا العام؛ فقد طرد ترامب سفير جنوب أفريقيا في مارس، وقاطع قمة العشرين التي انعقدت في جوهانسبرغ في نوفمبر، ثم استبعدها الشهر الماضي من مشاركة مجموعة العشرين في ميامي 2026 ووصفها في منشور على مواقع التواصل بأنها «ليست دولة تستحق العضوية في أي مكان». وبعد يوم واحد فقط من الاعتقالات، أدانت جنوب أفريقيا استبعادها من قمة العشرين بوصفه «إهانة للتعددية».