أكثر الاكتشافات الأثرية تأثيرًا في عام 2025

شهد هذا العام اكتشافات أثرية غزيرة ومثيرة، ويراجع هذا الملخّص أبرز الاكتشافات التي غيّرت أو قد تغيّر فهمنا للتاريخ البشري في المستقبل القريب. من أقدم أصباغ الأزرق المكتشفة في أوروبا إلى لفائف البحر الميت والهيركولانيوم المفكّكة بالذكاء الاصطناعي، تنوّعت الاكتشافات بين مواقع جديدة وتحقيقات معمقة في مواقع معروفة سابقًا.

قطع أثرية عمرها نحو 6000 سنة تحت قصر وستمنستر
بشواهد عمل بشري تعود إلى نحو 6000 سنة، كشف علماء آثار أثناء أعمال التنقيب في قصر وستمنستر بلندن عن أكثر من ستين شظية فلينت مكسورة وأداة واحدة معالجة تعود إلى أواخر العصر الميزوليتي أو أوائل النيوليثي (حوالي 4300 ق.م.). وُجدت هذه المواد محفوظة في رمال كانت جزءاً من جزيرة ثورني، حيث يعتقد أن مجتمعات ما قبل التاريخ كانت تمارس الصيد والصيد بالجماعة وجمع الغذاء. كما ظهرت أدوات وحُلي وآثار من عصور لاحقة: حذاء جلدياً من العصور الوسطى، وقطع أنابيب تبغ فخّارية من مرحلة إعادة إعمار القصر بعد حريق 1834، وقطعة مذبح رومانية يبلغ عمرها أكثر من ألفي سنة، وشارة قلب مزهّر من الرصاص من القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وإبريق بيرة من القرن التاسع عشر منحوت عليه اسم صاحب حانة محلية، وبلاطات أرضية مزخرفة من وستمنستر. في أغسطس، عُثر أيضًا على بقايا كبيرة لقاعة طعام من القرون الوسطى تعود إلى 1167. تجري أعمال الحفر بدورات من قبل متحف لندن للآثار (MOLA) بتكليف من هيئة الترميم والتجديد.

اكتشاف 573 حصناً حجرياً في شمال غربي الصين
في جبال قرب يولين بمقاطعة شانشي كشفت فرق بحثية عن شبكة مكوّنة من 573 حصناً حجرية، أقدمها يعود إلى نحو 2800 ق.م. بُنيت هذه المنشآت على امتداد آلاف السنين لذا تبرز تطوّر طرق تشييد المجتمعات المحصنة في الصين القديمة. تعود بعضها إلى فترة يانغشاوا، وهي مرحلة تكوّن خلالها أول القرى الزراعية في المنطقة، أقدم مما كان يُفترض سابقًا.

آثار تساعد في تحديد زمن حكم فرعون مصري
باستخدام التأريخ بالكربون المشع، قارن باحثان مواد مرتبطة بالفرعون نبفتي-رع أحمس من مجموعات المتحف البريطاني ومتحف بيرتي بلندن مع بذور وفروع محترقة ناجمة عن ثوران ثيرا-سانتوريني. خلص التحليل إلى أن ثوران ثيرا حدث قبل التاريخ المعتمد سابقًا بفترة 60–90 سنة، وأن صعود أحمس إلى العرش وقع في النصف الثاني من القرن السادس عشر ق.م. وتعد هذه المقارنة الأولى من نوعها بين هذين الإطارين الزمنيّين.

إناء خزفي مصري في مقصف بمبيي
عُثر ضمن عملية ترميم ثيرموبوليمو في ريجيو V بمنطقة تجارية وسكنية في مدينة بَمبيي الرومانية على إناء خزفي مصري عمره نحو ألفي عام، نوع يُسمّى سيتولا، مزخرف بمشاهد صيْد على طراز مصري ومن المحتمل أنه من إنتاج الإسكندرية في العصور الرومانية، ما يعكس اندماج الصيغ الثقافية والدينية بين العالمين اليوناني-الروماني والمصري.

يقرأ  في هدنةٍ هشة — فلسطينيون ينقبون في ركام غزة عن أحبائهم ويعودون إلى منازلهمأخبار الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني

شريط الحفر في بيرو قد يكون سوقًا قديمًا
دراسات حديثة تشير إلى أن “شريط الحفر” في وادِ بيسكو — سلسلة تقارب ميلًا من أكثر من 5000 حفرة دائرية محفورة على تلال صحراء بيرو — قد مثّل مركزًا تجاريًا قبل الإمبراطورية الإنكا، ثم طوّره الإنكا إلى نظام محاسبي متقن. أظهر تصوير بطائرات درون وتحاليل تربة أن أنماط الحفر توازي هيكل الكيبوس (الخيوط المعقودة) كما وُجدت آثار ذرة وقصب، ما يوحي بأن الحفر كانت تستعمل لتخزين منتجات نباتية تبادلها التجار والمزارعون والصيادون.

قبر الملك توت عنخآمون مهدد بالانهيار
قبر توت عنخآمون بوادي الملوك يعاني من تآكل وهشاشة ناجمة عن فيضانات مفاجئة وخطوط صدع جيولوجية، أدى ارتفاع تذبذب الرطوبة وتضرر الأعمدة الحاملة والجدران. اقترحت دراسة إجراءات ترميم مبتكرة تقلّل تذبذب الرطوبة داخل القبر وتحدّ من دوران الهواء، إضافة إلى برنامج تقوية محدد لاسترجاع الاستقرار ووقف التدهور، ويمكن تطبيق هذه الحلول في مواقع مماثلة تعاني مشاكل متعلقة بالمياه والزلازل.

بومبيي كانت تضم فيلات فاخرة متعددة الطوابق مع أبراج للنخبة
إعادة بناء ثلاثية الأبعاد لأجزاء من بومبيي، واعتمادًا على بيت ثياسوس في الريجيو IX إنسولا 10، أظهرت وجود مبانٍ سكنية-تجارية متعددة الطوابق أكثر فخامة مما افترض سابقًا؛ إذ لم تقتصر الطوابق العليا على وحدات إيجار أو مساكن العبيد، بل كانت مساحات فاخرة للنخبة وقد شكّلت نموذجًا قديمًا لبنى وسطية ظهرت لاحقًا في مدن إيطالية من العصور الوسطى.

المواعِد (تماثيل المواي) في جزيرة عيد الفصح كانت تُنقل “سائرَة”
نظريات حديثة مدعومة بنمذجة ثلاثية الأبعاد واختبارات ميدانية تقترح أن تماثيل المواي الضخمة، التي يصل وزن بعضها إلى 92 طنًا، نُقلت في وضعٍ عمودي باستخدام حبال مُنسّقة لتحريكها بخطى تشبه المشي إلى منصاتها (الأهُو)، ما يدلّ على فهم متقدم لمبادئ الرنين وتناوب الحركة لدى شعب رابا نوي.

أقدم صبغة زرقاء في أوروبا
تحليل حجر فلسطيني من موقع مولهايم-ديتسهايم الألماني كشف عن أقدم استخدام معروف لصبغة معدنية زرقاء في الفن في أوروبا، إذ أمكن تحديد بقايا زرقاء على أداة حجرية عُمْرها نحو 13 ألف عام على أنها الأزوريت، وهي مادة لم تُسجَّل سابقًا في فنون العصر الباليوليثي الأوروبي.

يقرأ  شفق قطبي مذهل حول العالم: مصوّرون يوثّقون عروضاً ضوئية مدهشة أثناء الذروة الشمسية — كولوسال

“قلعة منسية” في جزيرة اسكتلندية
كتاب صدر عن جمعية الآثار الاسكتلندية سلّط الضوء على موقع قلعة مجهولة سابقًا في جزيرة إيسلا تعود للقرنين الثاني عشر أو الثالث عشر، ويعرض نتائج بحوث شاملة نُفّذت بين 1989 و1998 تحدّد فيلًا أبرَجًا وحوافر ومفاتيح صناديق كانت تُخزّن فيها وثائق مهمّة، مشيراً إلى دور فينلاقان كمركز للسلطة خلال فترة لوردشيب الجزر.

مرسوم هرغليفي نادر عُرف في مصر
عثر علماء مصريون على نسخة كاملة ومجهولة سابقًا من مرسوم كانوبوس الذي أصدره الملك بطلميوس الثالث إيورجيتس عام 238 ق.م. يقترن الجزء العلوي للستِلا بشمس مجنّحة وثعابين الملك المتمثلة بالأوراعي المتوَّجة، ويحوي النص الهيروغليفي المكوّن من ثلاثين سطرًا. قد يقدّم هذا الاكتشاف رؤى جديدة في اللغويات والمنظومات السياسية والدينية خلال العصر البطلمي.

مسكن نخبة للموشي في شمال بيرو
في موقع ليكابا II بوادي تشيكاما عُثر على بقايا مسكن مُحكَم يعود لحوالي 1400 سنة يُوصف بأنه “قصر صغير” مكوّن من خمس حجرات مبنية من الطوب الأصفر، يحيط بها مناطق للحرف والعمل المنزلي. داخل المبنى وُجدت فخاريات موشي مزخرفة بصور محاربين، وأوانٍ مستورَدة ونسيج وبقايا طعام، وعظام قرود كابوتشين من الأمازون وإبل أنديز وطيور ساحلية، ما يشير إلى تدفّق سلع وذبائح غريبة كجزء من عبادات أو إتاوات.

حمام روماني قد يعود لسيرة سِيقِيرون
في أطلال باي وثمّ في أعماق مياه ضحلة، اكتُشف حمام روماني محفوظ يتضمن أرضية موزاييك مدعومة بأعمدة صغيرة—نظام تسخين تحت الأرض (suspensura) مع أنابيب جدار مجوفة (tubuli) يشير إلى منشأة استحمام نخبوية قد تكون جزءًا من فيلا مرموقة ارتبطت ربما بمارْكوس توليوس سيسرو. الآثار الجدارية والقطع الخزفية قيد الفحص لتحديد هوية المالك وعصر المنشأة بدقة.

نقش مصري قد ينعش الجدل حول موسى التاريخي
قراءة جديدة لنقوش عمرها نحو 3800 سنة منجم الفيروز في مصر، استندت إلى مسح ثلاثي الأبعاد وصور عالية الدقّة، تدّعي تفسير عبارات مبكرة بالعبرية مثل «זאת ממשה» (“هذا من موسى”) و«דבר משה» (“قول لموسى”). لو ثبتت صحة القراءة، فستكون هذه أقدم إشارات خارج الكتاب المقدس لشخصية موسى، متقدمة زمنيًا على أقدم النصوص العبرية المكتشفة وأبجدية الفينيقيين. العمل ما زال يحتاج مراجعة أقران.

قبر الملوك المايا في كاراكول بليز
في كاراكول بليز عثر علماء آثار على قبر مؤسس المدينة تي كاب تشاك الذي تولّى الحكم عام 331 م، ويُقدّر عمر القبر بنحو 1600 سنة. احتوى القبر خرزًا من اليشم، عظامًا منحوتة، أصدافًا، قناعًا من اليشم على شكل فسيفساء، وأوانٍ تحمل صور آلهة وملوك المايا وهم يتلقون قرابين، ما يفتح نافذة على دفاتر الحكم المبكرة للمدينة.

يقرأ  الجيش الأمريكي: مقتل ثمانية في ضربات استهدفت زوارق يشتبه في استخدامها لتهريب المخدراتواشنطن: ضربات بحرية تودي بحياة ثمانية في قوارب يُشتبه بأنها نقلت مخدرات

الذكاء الاصطناعي يؤرخ لفائف البحر الميت بعمر أقدم
دمج باحثون من جامعة خرونينغن تقنيات الذكاء الاصطناعي مع التأريخ بالكربون المشع فأسفرت دراسات تُبيّن أن عدداً كبيراً من مخطوطات البحر الميت أقدم مما اعتُقد، ما يعني أن بعض المقاطع ربما كانت معاصرة لمؤلفيها التوراتيّين، وأن خطوط الكتابة التي عُدّت فيما مضى مميزة لعصور محددة استُخدمت لفترات متداخلة أطول.

كُشف عن مؤلف يوناني قديم في لفة هيركولانيوم المحترقة في أوكسفورد
مسابقة “تحدّي فيزوفيوس” استخدمت الذكاء الاصطناعي لمساعدة فرق عالمية على فك شفرات اللفائف المحترقة من هيركولانيوم. في أحد اللفائف المحفوظة في أوكسفورد تمكن الباحثون من تحديد العنوان والمؤلف: يعود إلى فيلوديموس الأبيقوري، ويبدو أن النص جزء من عمل بعنوان «عن الرذائل» وقد يكون المجلد الأول من سلسلة تضم عشرات الأبواب في موضوعات مثل الغطرسة والمجاملة والجشع وإدارة المنزل.

قبر أمير مصري في سقارة
عُثر عند سقارة على مقبرة الأمير واسرف رع، ابن الملك أوسركاف مؤسس الأسرة الخامسة، وتضم المقبرة أبوابًا زائفة من الجرانيت الوردي منحوتة بألقابه، وطاولة قرابين من الغرانيت الأحمر، وتماثيل تعود إلى الأسرة الثالثة، ما يدلّ على إعادة استخدام الموقع في فترات لاحقة بعد نحو ألفي سنة من دفنه.

جداريات مرتبطة بطقوس ديونيسوس في بومبيي
عثرت بعثة في بيت ثياسوس على جدارية ضخمة تصور موكبًا من تابعي إله الخمر ديونيسوس، من رقاصات وصيادات وساتيرات يعزفون ويحتفلون، وتعود اللوحات إلى الفترة 40–30 ق.م. تُظهر المشاهد طقوسًا انغماسية ربما ارتبطت بسرّيات الانضمام إلى جماعات عبادة ديونيسوس.

أول قبر ملكي يُكتشَف منذ مقبرة توت عنخآمون
في وادي الملوك غربي الأقصر اكتشف علماء آثار مقبرة تُنسب للملك تحتمس الثاني، وهي أول مقبرة ملكية تُعلن منذ اكتشاف مقبرة توت عنخآمون عام 1922. اكتُشِفت المدخل والممر الرئيسي عام 2022 وأكدت الحفريات الداخلية لاحقًا أنها غرفة دفن ملكية، رغم تضرّرها بسبب فيضانات مبكرة. وُجدت أوعية من الألباستر منقوشة بعبارة “الملك الراحل” واسم زوجته وحماتها المحتملة حتشبسوت، وتستمر الأعمال الأثرية في الموقع لسنوات إضافية لجمع مزيد من المعلومات.

هذه الاكتشافات، سواء كانت قطعًا مفردة أو مواقع كاملة أو تطبيقات تكنولوجية جديدة، توسّع آفاق البحث الأثري وتعيد تشكيل جبهاتنا المعرفية حول الماضي البشري.

أضف تعليق