رئيسة موظفي البيت الأبيض، سوزي وايلز، التي اعتاد الإعلام أن يراها تعمل خلف الكواليس، وجدت نفسها فجأة تحت أضواء الصحافة بعدما أثارت مقابلات صريحة مع مجلة Vanity Fair جدلاً واسعاً.
في تلك المقابلات وصفت وايلز ترامب بـ«شخصية تشبه مدمن الكحول»، واصفت الملياردير التقني إيلون ماسك بأنه «غريب الأطوار للغاية»، ووصفت نائب الرئيس جيه.دي. فانس بأنه «منغمس في نظريات المؤامرة». وايلز انتقدت التقرير المكوَّن من جزئين واعتبرته «مادة تشهيرية».
ترامب وقف إلى جانب مساعدته المقربة، التي يلقبها بـ«آيس مايدن»، وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت: «الادارة بأكملها … موحدة تماماً خلفها».
ما الذي استند إليه تحقيق Vanity Fair؟
نشرت Vanity Fair تحقيقاً من جزئين عن الولاية الثانية لترامب التي بدأت في يناير. واستند التحقيق إلى مقابلات أجراها المخرج والصحفي الوثائقي الأمريكي كريس ويتبل مع وايلز على مدار العام الماضي. وذكر ويتبل أنه أجرى 11 مقابلة مسجلة رسمياً مع وايلز، وأن أولى هذه المقابلات كانت في 11 يناير، قبل أسبوع من حفل تنصيب ترامب.
من هي سوزي وايلز؟
وايلز، البالغة من العمر 68 عاماً، تشغل منصب رئيسة موظفي البيت الأبيض، وهي أول امرأة في التاريخ تتولى هذا المنصب. تعود علاقتها بترامب إلى 2015، حين دُعيت إلى برج ترامب في نيويورك في مرحلة تحوله من مطوّر عقاري إلى مرشح رئاسي. وصفها ويتبل في مقاله بأنها «أقوى شخص في بيت ترامب الأبيض بعد الرئيس نفسه». ونقل عن قيادي جمهوري سابق — لم يُذكر اسمه — قوله إن كثيراً من القرارات الكبرى تُتخذ بناءً على نزوة الرئيس، وأن القوة الوحيدة القادرة على توجيه هذه النزوات هي سوزي.
صعدت وايلز من كونها متدربة في كابيتول هيل في السبعينيات إلى أن أصبحت استراتيجة جمهورية رفيعة المستوى. وفي سن الثالثة والعشرين نالت وظيفة منسقة جداول في البيت الأبيض خلال رئاسة رونالد ريغان. نشأتها كانت صعبة؛ فوالدها، بات سمرال، المعلّق الشهير على مباريات كرة القدم الأمريكية، كان مدمن كحول، ونشأت وايلز في ستامفورد ومدينة سادل ريفر، وفقاً لتقرير Vanity Fair.
ماذا قالت وايلز عن ترامب وفريقه وكيف كان الرد؟
ترامب
قالت وايلز إنها لم تكن تشك مطلقاً في فوز ترامب بانتخابات نوفمبر 2024، وأضافت أنها كانت تنوي تقديم «ترامب جديد» للجمهور، بل أخبرت زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب هاكيم جيفريز قبل التنصيب بأنهما سيرىان جانباً مختلفاً من ترامب في ولايته الثانية: أكثر هدوءاً وأقل انفعالاً. نقل ويتبل عنها أنها لم ترَ ترامب يرمي أشياء أو يصرخ كما يصفه الآخرون، وأنها لم تشهد «ذلك السلوك الفظيع» الذي حدث معها قبل سنوات.
ورغم أن ترامب لا يشرب الكحول مطلقاً، نقَل التحقيق عنها وصفها لشخصيته بأنها «شبيهة بشخص مدمن كحول» وأنه يعمل من منظور مفاده أنه لا شيء مستحيل بالنسبة له: «لا شيء، صفر، لا شيء». دفاع ترامب جاء عبر حديث للنيويورك بوست، حيث قال إن وايلز كانت تقصد أنه — رغم عدم شربه — لو كان يشرب لكان معرضاً لأن يكون مدمن كحول، مضيفاً أنه قال ذلك عن نفسه كثيراً وإن شخصيته حريصة وممتصة للسيطرة. وامتدح عملها بقوله إنها قامت بعمل رائع، وانتقد تقرير Vanity Fair ووصفه بأنه مضلل ومسيّس.
كارولين ليفيت دافعت عن وايلز أيضاً على شاشة فوكس نيوز ووصفتها بأنها «أفضل رئيسة موظفين في تاريخ أمتنا»، واعتبرت أن التقرير محاولة أخرى لنشر أخبار زائفة من صحفي تصرّف بطريقة مخادعة وأخرج كلام الرئيسة من سياقه، محذرة أن المقال تجاهل كل الملاحظات الإيجابية التي أدلت بها وايلز وفريقها عن عمل الرئيس والآليات الداخلية في البيت الأبيض.
جيه.دي. فانس
قالت وايلز إن فانس انتقل من معارضة ترامب إلى دعمه الكامل لأسباب سياسية في المقام الأول، وأنه منخرط في نظريات مؤامرة منذ نحو عشر سنوات. فانس، الذي قال أيضاً إنه لم يقرأ تقرير Vanity Fair، دافع عن وايلز في كلمة ألقاها في ليهاي فالي بولاية بنسلفانيا، ووصفها بأنها شخص واحد في حضور الرئيس وخارجه، ولم يرَ منها أي خيانة، ما يجعلها أفضل رئيسة موظفين يمكن أن يطلبها الرئيس.
إيلون ماسك
أعربت وايلز عن آراء عن إيلون ماسك، مؤسس SpaceX وتيسلا، قائلة إنه كان مساعداً مقرباً لترامب في الأشهر الأولى من الولاية الثانية، أدار «وزارة كفاءة الحكومة» (DOGE) التي سعى من خلالها لتقليل البيروقراطية الحكومية، لكنها عُرِفت أيضاً بإجراءات تسريح واسعة للموظفين الفدراليين وإغلاق مفاجئ لوكالة المعونة الأمريكية (USAID). وصفت وايلز ماسك بأنه «ممثل منفرد»، وقالت لـويتبل إن «التحدي مع إيلون هو مواكبته»، ونقلت عنه أنه «مُعلن عن تعاطيه للكيتامين».
صورة وتوقيع
تُظهر لقطات لوايلز وهي تتحدث مع حضور خلال استقبال للسيرجيو غور، السفير الأمريكي الجديد لدى الهند، في مركز كينيدي في واشينغتن، بتاريخ 10 نوفمبر 2025 (ملف: ناثان هوارد/رويترز).
الخلاصة
المقابلات التي أدلت بها سوزي وايلز لم تُقال بلا نبرة؛ فقد أثارت ردود فعل متباينة داخل حلقات السلطة نفسها، حيث وجد مؤيدوها فيها دفاعاً وولاءً لتنظيم البيت الأبيض، بينما اعتبرها منتقدون مواقِف خطيرة وأنها كشفت عن خلافات داخلية وخطوط نفوذ تؤثر في صناعة القرار. قالت وايلز، كما نقلت عنها Vanity Fair: «وينام في كيس نوم داخل مبنى المكتب التنفيذي نهاراً. إنه غريب الأطوار، غريب حقاً، كما أظن أن العباقرة يكونون. قد لا يكون ذلك مفيداً، لكنه شخص مستقل».
لم يعلق ماسك علنياً على المقال. في مارس نشر على منصة X — التي كانت تُعرف سابقاً بتويتر والتي اشتراها عام 2022 — تغريدة قال فيها: «أنا معجب كبير بسوزي وايلز»، ردّاً على شريط مصوَّر يظهره يساعد وايلز بحمل حقيبة. وعندما عيّن ترامب وايلز رئيسة للأركان بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، نشر ماسك لقطة شاشة لأخبار الإعلان وكتب: «سوزي وايلز رائعة».
بامي بوندي
في المقابلة انتقدت وايلز أيضاً تعامل المدّعية العامة بامي بوندي مع ملفات جيفري إبستين. إبستين، الملياردير المدان بالاعتداء الجنسي على قاصرات، توفي بانتحار داخل زنزانة في مانهاتن عام 2019 بينما كان منتظراً محاكمته بتهم الاتجار بالجنس. رغم ذلك تروّج نظريات مؤامرة لفكرة أنه قد تكون هناك جريمة قتل لأن لديه ما يُزعم أنه قائمة عملاء لمسؤولين نافذين، من بينهم سياسيون، استغلّوا فتيات قاصرات. في يوليو خلصت وزارة العدل الأميركية، التي ترأسها بوندي، إلى أنه لم تكن هناك قائمة عملاء.
أثار مذكّرة وزارة العدل غضب نظريي المؤامرة على اليمين وجزء من قاعدة دعم الرئيس لأن المذكرة اعتُبرت تراجعاً عن سرد روج له أعضاء في إدارة ترامب السابقة. عندما سئلت بوندي في مقابلة مع فوكس نيوز في فبراير عن ما يُدعى بقائمة عملاء إبستين، أجابت: «إنها على مكتبي الآن لمراجعتها». في الشهر نفسه دُعي مذيعون ومؤثرون من اليمين المتطرف إلى البيت الأبيض عُرضت عليهم خلالها وثائق بعنوان «ملفات إبستين: المرحلة الأولى». أصدرت بوندي تلك الوثائق التي لم تكشف عن أي جديد جوهري في قضية إبستين.
قالت وايلز، حسبما كتب وِببل، إن بوندي «فشلت تماماً» في فهم أن المؤثرين المحافظين الذين دُعُوا إلى البيت الأبيض كانوا بالضبط الجمهور الأكثر اهتماماً بتلك الوثائق. وأضافت أن بوندي وزعت على هؤلاء «مجلدات مليئة بالفراغ»، مؤكدة: «لا توجد قائمة عملاء، ولم تكن — تماماً — على مكتبها».
ما موقف وايلز من قضايا أخرى؟
عفو ترامب عن المتهمين في 6 يناير
في 6 يناير 2021 اقتحم آلاف المتظاهرين المبنى الكونغرس بدافع اتهامات كاذبة بتزوير الانتخابات الرئاسية 2020، في محاولة لعرقلة التصديق على فوز الديمقراطي جو بايدن. اقتحم أكثر من 2000 شخص مقرات الكونغرس، خرّبوا مكاتب وتعاركوا مع الشرطة؛ أسفرت الأحداث عن وفاة خمسة أشخاص على الأقل وإصابة العديد.
أدين نحو 1270 شخصاً بجرائم فيدرالية مرتبطة بأحداث الشغب، وتراوحت أحكام السجن من سنوات قليلة إلى أكثر من عقدين لزعماء مجموعات اليمين المتطرف. في يوم تنصيب ترامب لفترة رئاسية ثانية عفا أو خفّف من أحكام 1500 شخص مدانين أو ملاحقين بتهم مرتبطة بأحداث الشغب، ووصَف تعامل النظام القضائي معهم بأنه «فظيع».
أخبرت وايلز وِببل بأنها شككت في قرار ترامب بعفو 1500 شخص جميعهم. ونُقلت عنها في Vanity Fair قولها: «قلت: أنا موافقة على الأشخاص الذين كانوا مصادفات ولم يفعلوا شيئاً عنيفاً. وبالتأكيد نعرف ما فعله كلٌّ منهم لأن مكتب التحقيقات فعل عملاً رائعاً». وأضافت أن ترامب زعم أن حتى المعتدين العنيفين عوملوا بظلم.
إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)
أعربت وايلز عن صدمتها عندما علمت بإغلاق وكالة USAID. قالت لِوِببل: «أعتقد أن أي شخص يهتم بالحكومة وقد تابع USAID يعتقد، كما كنت أعتقد، أنهم يقومون بعمل جيد جداً».
الهجمات على ما يُزعم أنها زوارق مخدّرات
منذ سبتمبر شنت القوات الأميركية ضربات على أكثر من عشرين زورقاً في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ الشرقي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. تزعم إدارة ترامب، من دون تقديم أدلة، أن هذه الزوارق تنتمي إلى عصابات مخدّرات وتنقل مخدّرات، واتهمت أيضاً حكومة فنزويلا اليسارية بالتورط في التهريب.
قال ترامب في مقابلة مع بوليتيكو نشرت الأسبوع الماضي: «ننقذ 25,000 حياة كل مرة نُخرِب فيها زورقاً». ونُقلت وايلز لِوِببل وهي تقول: «الرئيس يؤمن بعقوبات قاسية لتجار المخدّرات، كما قال مرات ومرات… هذه ليست زوارق لصيد كما يزعم البعض. الرئيس يقول 25,000؛ لا أعلم ما هو العدد بالضبط. لكنه يعتبرها أرواحاً مُنقذة، لا قتلى». وأكدت وايلز أيضاً أن ترامب يريد الاستمرار في قصف الزوارق المزعومة قبالة سواحل فنزويلا حتى «يعترف مادورو بالهزيمة» — أو بعبارة الرئيس، حتى يقول «أنا استسلم».
كيف ردّت وايلز على مقال Vanity Fair؟
وَصَفت وايلز مقال Vanity Fair بأنه «قطعة هجومية مُصوَّرة بإطار مخادع». وغردت على X قائلة: «المقال الذي نشر في وقت مبكر من صباح اليوم هو هجوم مصاغ بطريقة مخادعة عليّ وعلى أفضل رئيس وطاقم بالبيت الأبيض والوزراء في التاريخ». وأضافت: «تجاهلوا سياقات مهمة وحذفوا الكثير من ما قلته أنا والآخرون عن الفريق والرئيس من القصة. أظن، بعد قراءته، أن الهدف كان رسم رواية فوضوية وسلبية ساحقة عن الرئيس وفريقنا».
ثم ادعت أن ترامب حقق في ولايته الثانية في أحد عشر شهراً أكثر مما حققه أي رئيس خلال ثماني سنوات. النص المرسل فارغ. الرجاء تزودي بالنص المراد ترجمته وإعادة صياغته.