توقُّعات علماء هنود حول سُبل انتقال إنفلونزا الطيور إلى البشر

سوتيك بيسواس — مراسل في الهند

أُعدمت أكثر من مليوني ديك رومي في الولايات المتحدة منذ أواخر أغسطس بسبب إنفلونزا الطيور.

لعدة سنوات حذّر العلماء من أن فيروس إنفلونزا الطيور المعروف باسم H5N1 قد يقفز يوماً من الطيور إلى البشر مسبباً أزمة صحية عالمية محتملة. الفيروس متوطّن في جنوب وجنوب شرق آسيا منذ ظهوره في الصين في أواخر التسعينيات، وفي حالات متقطعة أصاب بشرًا. حتى أغسطس 2025، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن 990 حالة بشرية مؤكدة بفيروس H5N1 في 25 دولة، منها 475 حالة وفاة—بنسبة وفاة تقارب 48%.

في الولايات المتحدة وحدها ضرب الفيروس أكثر من 180 مليون طائر، وانتشر إلى أكثر من 1,000 قطيع ألبان في 18 ولاية، وأُصيب على الأقل 70 شخصاً، معظمهم من العمال الزراعيين، ما تسبب بعدة حالات دخول إلى المستشفى وحالة وفاة واحدة. وفي يناير توفيت ثلاثة نمور وفهد في مركز إنقاذ للحياة البرية في ناغبور بالهند إثر عدوى الفيروس الذي يصيب الطيور غالباً.

أعراض العدوى لدى البشر تشبه إنفلونزا شديدة: حمى مرتفعة، سعال، التهاب حلق، آلام عضلية، وفي أحيان قليلة التهابات ملتحمة؛ وبعض المصابين قد لا يظهر عليهم أي عَرَض. يبقى الخطر على البشر منخفضاً في الوقت الراهن، لكن السلطات تراقب H5N1 عن كثب لأي تغير قد يجعله أكثر قدرة على الانتقال بين البشر.

هذا الخطر دفع باحثين هنود—فيليب شريان وغوتام مينون من جامعة أشوكا—إلى نشر نموذج محاكاة محكّم راجع من النظراء يَتتبّع كيف قد يتطور تفشٍ بشري لـ H5N1 وما الإجراءات المبكرة التي قد توقفه قبل أن ينتشر. النموذج المنشور في مجلة BMC للصحة العامة اعتمد بيانات واقعية ومحاكاة حاسوبية لتصوير مسارات التفشي المحتملة.

يقرأ  منشورات مضللة تنسب زورًا فيديو هجوم إلى مركبات حزب بهاراتيا جاناتا في البنغال الغربية

قال البروفيسور مينون إن “خطر جائحة H5N1 لدى البشر حقيقي، لكنه قابل للتفادي من خلال رصد أفضل واستجابة صحية عامة أكثر مرونة.”

توضح المحاكاة أن الجائحة المحتملة ستبدأ بهدوء: طائر مصاب ينقل الفيروس إلى إنسان واحد — غالباً مزارع أو عامل في سوقٍ للطيور أو شخص يتعامل معها. الخطر الحقيقي لا يكمن في العدوى الأولى بحد ذاتها، بل في ما يليها من انتقال مستمر بين البشر.

للتعامل مع بيانات التفشيات المحدودة والفوضوية في بدايتها، استخدم الباحثون منصة BharatSim مفتوحة المصدر، التي صُممت في الأساس لمحاكاة كوفيد-19 لكنها قابلة لدراسة أمراض أخرى. ولجعل الدراسة واقعية أكثر اختار الباحثون نموذجاً لقريّة أحادية في مقاطعة ناماكّال بولاية تاميل نادو، قلب صناعة الدواجن الهندية: أكثر من 1,600 مزرعة دواجن وما يقرُب من 70 مليون دجاجة، وإنتاج يفوق 60 مليون بيضة يومياً.

كوَّن النموذج مجتمعاً اصطناعياً يضم 9,667 نسمة—أسرًا، أماكن عمل، أسواق—وتمت محاكاة تعرض السكان لطيور مصابة. في السيناريو، يبدأ الفيروس من مكان عمل واحد (مزرعة متوسطة الحجم أو سوق رطب)، ثم ينتقل إلى العاملين هناك (جهات اتصال أولية)، ثم يتوسع إلى جهات الاتصال الثانوية عبر المنازل والمدارس وأماكن العمل الأخرى. شكلت المنازل والمدارس وأماكن العمل شبكة ثابته.

بمراقبة الإصابات الأولية والثانوية قدَّر الباحثون مؤشرات انتقال رئيسية، من بينها العدد التناسلي الأساسي R0—مقياس لعدد الأشخاص الذين ينقل إليهم الشخص المصاب الفيروس في المتوسط. وبما أننا لا نواجه وباءً حقيقياً، نمذج الباحثون مدى سرعات انتقال معقولة مختلفة.

ثم جرّب الفريق تأثير تدخلات مختلفة: إعدام الطيور المصابة، حجر أسر جهات الاتصال القريبة، والتطعيم المستهدف.

النتائج كانت صارخة: إعدام الطيور فعّال—لكن فقط إذا جرى قبل انتقال الفيروس إلى إنسان. إذا حدثت حالة انتقال إلى إنسان، يصبح توقيت التدخل حاسماً. عزل المصابين وحجر بيوت جهات الاتصال الأولية يمكن أن يوقف الفيروس عند المرحلة الثانوية؛ لكن بمجرد ظهور إصابات طرفية (أصدقاء الأصدقاء أو جهات اتصال الأطراف الثانية) ينفلت التفشّي من السيطرة ما لم تفرض السلطات تدابير أشد قسوة مثل عمليات إغلاق واسعة.

يقرأ  وزارة الخارجية الفنزويلية تحذّر من «تهديد عسكري غير أخلاقي» من الولايات المتحدة — أخبار النزاع

يساعد التطعيم المستهدف بزيادة العتبة التي يحتاجها الفيروس للحفاظ على نفسه مجتمعياً، لكنه يغير القليل من خطر الانتقال الفوري داخل الأسرة. وأظهرت المحاكاة مفاضلة محرجة: الحجر الصحي المبكر جداً يجمِّع الأسر معاً لفترات طويلة ويزيد احتمال انتقال العدوى داخل المنزل، والحجر المتأخر جداً يفشل في إبطاء التفشّي عملياً.

أشار الباحثون إلى قيود منهجهم: النموذج يعتمد على قرية اصطناعية واحدة ذات أحجام أسر ثابتة، وأماكن عمل وأنماط حركة يومية محددة، لذا لا يمكن تعميم النتائج على كل البيئات دون أخذ الاختلافات المحلية في الحسبان. النموذج لا يشمل التفشيات المتزامنة التي تؤسسها الطيور المهاجرة أو شبكات الدواجن، ولا يأخذ في الحسبان التحولات السلوكية — مثل ارتداء الكمامات — عندما يدرك الناس أن الطيور تموت.

تضيف سِيما لكداوالا، عالمة فيروسات في جامعة إيموري بأتلانتا، تحفّظًا آخر: هذا النموذج الحاسوبي “يفترض انتقالًا شديد الكفاءة لفيروسات الإنفلونزا”.

“الانتقال عملية معقدة، وليس كل سلالة تملك نفس الكفاءة”، تقول، مضيفة أن العلماء بدأوا يدركون أيضًا أن ليس كل المصابين بالإنفلونزا الموسميه ينقلون الفيروس بنفس الدرجة.

تشير أبحاث ناشئة إلى أن مجموعة فرعية فقط من الأشخاص المصابين بالإيجابية تفرز فعليًا فيروس الإنفلونزا المعدي في الهواء.

هذا يعكس ظاهرة “الناشر الفائق” التي شهدناها مع كوفيد-19، وإن كانت هذه الظاهرة أقل وضوحًا وتوصيفًا بالنسبة للإنفلونزا — فراغ معرفي قد يؤثر بشكل كبير على كيفية انتشار الفيروس بين البشر.

ماذا لو أصبح H5N1 قادرًا على الانتقال بفعالية بين البشر؟

ترى الدكتورة لكداوالا أن ذلك “سيؤدي إلى اضطراب كبير أشبه بجائحة 2009 (إنفلونزا الخنازير) منه بكوفيد-19”.

ذلك لأننا مهيأون إلى حد أكبر لجائحة إنفلونزا: لدينا مضادات فيروس مرخّصة ثبتت فعاليتها ضد سلالات H5N1 كخط دفاع مبكر، ولقاحات مرشحة من نوع H5 مخزنة يمكن نشرها على المدى القصير.

يقرأ  كوريا الشمالية تُخبر بي بي سي أن مواطنيها يُرسَلون إلى روسيا للعمل «كعبيد»

لكن التهاون سيكون خطأً؛ إذ إن استقرار H5N1 بين البشر قد يؤدي إلى إعادة ترتيب ــ أو اندماج ــ مادته الوراثية مع سلالات قائمة، مما قد يضخم أثره على الصحة العامة. مثل هذا الخلط قد يعيد تشكيل الإنفلونزا الموسمية ويطلق “أوبئة موسمية فوضوية وغير متوقعة”.

يقول الفريق الهندي المصمم للنماذج إن المحاكاة يمكن تشغيلها في الزمن الحقيقي وتحديثها كلما وصلت بيانات جديدة.

مع تحسينات — مثل تقليل تأخيرات الإبلاغ واحتساب الحالات عديمة الأعراض — قد تمنح هذه النماذج مسؤولي الصحة العامة ما لا يقدّر بثمن في الساعات الأولى للتفشّي: فهمًا واضحًا للإجراءات الأكثر أهمية قبل أن تُغلق نافذة الاحتواء.

تابعوا BBC News India على إنستغرام ويوتيوب وX وفيسبوك.

أضف تعليق