نظرة عامة:
يحذّر المقال من أن تبنّي ولاية فلوريدا لإعلان «فينيكس» الصادر عن مؤسسة التراث الأمريكي يشكّل تهديدًا أيديولوجيًّا للتعليم العام، إذ يروّج لفرض اندماج ثقافِي، وتحميل التلاميذ وحدهم مسؤولية السلوك دون مساءلة المعلمين والإدارة، ونقل قيم تتقاطع مع أطر تفوّق البيض تحت ذريعة «الفضائل المدنية» — وهو سابقة وطنية مقلقة.
في خطوة أثارت الدهشة، صارت فلوريدا أول ولاية في البلاد تعتمد إعلان فينيكس: «رؤية أمريكية للتعليم»، وهو بيان مبادئ تعليميّة أعدّته مؤسسة التراث. للوهلة الأولى يبدو النصّ بريئًا — من لا يرغب في «تعليم عالي الجودة وغني بالمحتوى»؟ — لكن القراءة المتأنية تكشف عبارات ومفاهيم مقلقة تستحضر سياسات محو ثقافي وتبرّر تحميل الطلاب مسؤوليات دون الإقرار بدور المعلم والمؤسسات، إضافة إلى لغة قريبة من أُطر تفوّق البيض التي أزعجتني كمعلمة سابقة. لا ينبغي لسكان فلوريدا أن يغضّوا الطرف.
يُكرّر الإعلان عبارة «نقل الثقافة» أربع مرات؛ وهذا يثير إنذارًا حقيقيًا لأن للتاريخ الأمريكي سجلات موثقة عن استخدام المدرسة كأداة لتذويب الهويات القومية، بما في ذلك محاولات عنيفة لمحو ثقافات الشعوب الأصلية. نموذج صارخ هو مدرسة كارلايل الصناعية الهندية (تأسست عام 1879 في بنسلفانيا)، أول مدرسة فيدرالية بعيدة عن المحميات استقبلت أطفالًا من قبائل عدّة — بعضهم كانوا صغارًا جدًا — حيث خضع نحو 7,800 طفل من أكثر من 140 قبيلة لعمليات قسرية لإزالة هويتهم الثقافية، وتعرّضوا لانضباط قاسٍ وحتى للوفاة. كانت السياسة الرسمية آنذاك تلخّص بفكرة «اقتل في الطفل هويته الهندية وأنقذ الرجل»؛ ومع ضخامـة هذا التاريخ، فإن أي كلام عن «نقل الثقافة» داخل المدارس يحمِل دلالات مظلمة.
قسم آخر بعنوان «تشكيل الشخصية» يتناول سلوك التلاميذ ويطرح مزيدًا من الأسئلة: الإعلان يصرّ على أن «الطلاب يجب أن يتحملوا مسؤولية سلوكهم… لتعلّم أن لخياراتهم تبعات وللحفاظ على النظام اللازم لسير التعليم». لكن إن اقتصر التركيز على مسؤولية الطلاب وحدهم من دون الاعتراف بمسؤولية المعلمين والمؤسسات في بناء بيئات تعلم داعمة، فنحن نحمل أطفالًا لا تزال أدمغتهم في طور النضج عبء تنظيم ما يحيط بهم. العلم يؤكد أن نمو الدماغ يستمر حتى أواخر العشرينات، لذا كيف نتوقع من قشرة أمامية غير مكتملة النضج أن تكون الضامن الوحيد لبيئة تعليمية فعّالة؟ لا ينهض التعليم على «النظام» وحده، بل يتطلب علاقات إيجابية، وتوجيهًا، ودعمًا تدريسيًا — وغياب هذه العناصر إنذار أحمر.
الإعلان يذكر ضرورة تعليم «الفضائل المدنية» تسع مرات، ويشير إلى أن المدارس ينبغي أن تزرع لدى الطلاب معارف وفضائل لازمة للحكم الذاتي وبناء اتحاد أفضل، بما في ذلك «قيمة الخلاف المدني». هذه العبارة الأخيرة تثير القلق لأنها تستحضر مفاهيم مرتبطة بثقافة تفوّق البيض مثل «الحق في الراحة» و«الخوف من الصراع العلني»: الأولى تمنح أصحاب السلطة حقًّا في الراحة العاطفية وتحوّل اللوم إلى من يبرزون المشكلات (كالعنصرية) بدل معالجة الأسباب الجذرية؛ والثانيةً تُصوّر البوح بالحقائق الصعبة على أنه سلوك فظّ أو غير مقبول، وتردع أو تعاقب من يتحدّث بصراحة عن تجاربه. في كلتا الحالتين تتجاهل السلطة الأذى الواقِع — ويا لها من درس مقلق يُعلّم للأطفال.
وليس هذا فحسب، بل إن الوثيقة نفسها جاءت بقيادة مؤسسة التراث، الجهة التي تقف وراء «المشروع 2025» — دليل سياساتي يمينِي تُوظّفه إدارة ترامب في صياغة سياساتها الجدلـية. ومن بين المشاركين من له مواقف صريحة، مثل هانز إل. فون سباكوفسكي الذي صرّح بأن الادعاء بأن المولودين لأبوين متواجدين مؤقتًا في البلاد كطلاب أو سياح هم مواطنون أمريكيون «خطأ فادح»، مجادلًا بأنهم لا يستوفون التزامات الولاية القضائية المنصوص عليها في التعديل الرابع عشر — سياق يزيد من شكوكي حيال نوايا هذه المبادرة.
أتوقّع أن لا يتوقّف هذا الأمر عند حدود فلوريدا؛ فمسألة وقت قبل أن تفكر ولايات أخرى في دمج هذا النص ضمن أنظمة التعليم العام لديها. والسؤال المبدئي يظل: هل هذه الأيديولوجيا هي ما نريد أن نغرسه في جيلنا الصغير؟ الجواب ينبغي أن يكون قاطعًا: لا.
أتذكّر أنه عندما أعلن مسؤولو فلوريدا عن اعتمادهم لإعلان فينيكس، قال أحد أعضاء لجنة الصياغة: «كطائر الفينيق الأسطوري ينبعث النظام التعليمي أقوى وأكثر حيوية…» لكن أمام ثقل التاريخ والصلات الأيديولوجية المرافقة لهذا الجهد، فينبغي رمي إعلان فينيكس في مزبلة التاريخ بدل الاحتفاء به كـولادة جديدة.
كاميي هاجلي — معلمة سابقة في المدارس الحكومية وزميلة البرنامج العام للأصوات في مشروع المقالات (The OpEd Project) بالتعاون مع المعهد الوطني لتطوير الطفل الأسود.