نِيّاز فاروقي — بي بي سي، دلهي
خلاصة المشهد
اندلعت أزمة سياسية واسعة في الهند حول اتهامات بـ«سرقة الأصوات»، حيث اتهمت أحزاب المعارضة هيئة الانتخابات بتلاعبات من شأنها أن أعطت ميزة لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الانتخابات العامة لعام 2024. أدت المطالبات إلى تعليق جلسة البرلمان بعد أن طالب نواب المعارضة بنقاش حول نزاهة العملية الانتخابية، فيما احتُجز عشرات من قادة المعارضة مؤقتًا لدى محاولتهم التوجه إلى مقر مفوضية الانتخابات في العاصمة.
ما هي اتهامات راهول غاندي للمفوضية الانتخابية؟
رفع زعيم حزب الكونغرس راهول غاندي اتهامات واسعة النطاق بشأن تلاعب في قوائم الناخبين خلال انتخابات البرلمان 2024، مستندًا إلى بيانات تفصيلية حصل عليها من الهيئة نفسها — لكن المفوضيية والحزب الحاكم ينكرانان تفسيره لتلك البيانات. يذكر أن نسبة المشاركة بلغت نحو 66% في أكبر انتخابات في العالم، مع ما يقارب المليار ناخب مسجل، أي نحو شخص من كل ثمانية على سطح الأرض.
استند غاندي في جزء من ادعاءاته إلى بيانات عن منطقة ماهاديفابورا ضمن دائرة بنغالور الوسطى، مدعيًا أن قوائم الناخبين احتوت على أكثر من مئة ألف مدخل مشبوه شملت تكرار أسماء، عناوين غير صحيحة، وتسجيلات جماعية في عناوين مفردة. وقد عرض أمثلة لأشخاص، مثل شكون راني، قال إنهم أدلوا بأصواتهم مرتين — وهو أمر تمّت مرافعته من قبل المفوضية بأنها خلافية. كما زعم حذف لقطات كاميرات المراقبة من مراكز الاقتراع وأشار إلى حالة وجود 80 شخصًا مسجلين على عنوان واحد في ماهاديفابورا.
يؤكد غاندي أن حزبه فقد ما لا يقل عن 48 مقعدًا بسبب هذه المخالفات ويتهم هيئة الانتخابات بعدم تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل شخص». فاز حزب الكونغرس بـ99 مقعدًا من أصل 543، مقابل 240 لحزب بهاراتيا جاناتا. وطالب غاندي بنشر القوائم الرقمية للناخبين ليتمكن حزبه والجمهور من تدقيقها.
ردود المفوضية والحزب الحاكم
ردت مفوضية الانتخابات سريعًا واصفة الاتهامات بأنها «سخيفة»، وطالبت غاندي إما بتقديم شهادة موقعة تحت القسم أو بالاعتذار للأمة. وقالت وحدة المفوضية في كارناتاكا إن حزب الكونغرس لم يقدم اعتراضات رسمية أثناء عملية مراجعة القوائم قبل الانتخابات. كما أوضحت المفوضيية أنها تحتفظ بلقطات CCTV لمدة 45 يومًا بعد إعلان النتائج — وهي الفترة المتاحة للطعن في الانتخابات.
نفى قادة حزب بهاراتيا جاناتا الاتهامات بدور حاسم وبادلوا بالتصعيد اللفظي، معتبرين أن الاتهامات خطر على الديمقراطية وتهدف إلى تشويه مؤسسات الدولة. وصف وزير التعليم الاتحادي الفوضى بأنها تهديد خطير للمنظومة الديمقراطية، فيما اتهم وزير الزراعة الاتحادي المعارضة بتشويه سمعة النظام الدستوري.
التداعيات السياسية وإعادة مراجعة السجلات
أثارت الادعاءات ضجة سياسية متصاعدة، لا سيما في ظل جدل حول مراجعة استثنائية شاملة لقوائم الناخبين في ولاية بيهار استعدادًا لانتخابات محلية مهمة مقررة في نوفمبر. عملية المراجعة الخاصة، التي جرت بين يونيو ويوليو، شملت تحقّقًا من نحو 78.9 مليون ناخب — وهي أول مراجعة منذ 2003. تقول المفوضية إن الهدف كان طيًا حذف المكررين والمتوفين، بينما يرى النقاد أن السرعة التي جرت بها العملية أدت إلى حرمان عدد كبير من الناخبين، لا سيما المهاجرين والأقليات.
أبلغ العديد من الناخبين في بيهار عن أخطاء في المسودات، من صور خاطئة إلى أسماء متوفين. رفع عدد من الطعون إلى المحكمة العليا التي تنظر في طلبات بإظهار الأسماء المحذوفة (حوالي 6.5 مليون اسم) مع أسباب الحذف. وتقول المفوضية إن الحذوفات تشمل نحو 2.2 مليون متوفٍ، و700 ألف مسجل أكثر من مرة، و3.6 مليون ممن هاجروا من الولاية.
أُتيح تقديم طلبات تصحيح حتى الأول من سبتمبر، وسُجل أكثر من 165 ألف طلب حتى الآن. وتخطط المفوضية لإجراء مراجعة مماثلة على مستوى البلاد للتحقق من ما يقارب مليار ناخب. اعتبرت المحكمة العليا أن ادعاءات الحرمان من الحقوق «تبدو إلى حد كبير مسألة فقدان الثقة لا أكثر» وأنها ستتدخل فورًا في حال ثبوت عمليات استبعاد جماعية للناخبين.
تصعيد الخطاب
في 12 أغسطس رفع غاندي لهجته وادّعى أن عمليات التلاعب تمتد «بمنهجية وعلى مستوى وطني». استشهد بحالة إدراج اسم ناخب قيل إنه يبلغ 124 عامًا في المسودة الانتخابية لبيهار، قائلاً: «هناك حالات لا حصر لها مثل هذه. القصة لم تنته بعد» — أو كما عبّر بالهندية «Abhi picture baki hai».
خاتمة
الانقسام بين المعارضة والمفوضية والحزب الحاكم يعكس أزمة ثقة حضارية حول إدارة القوائم الانتخابية والإجراءات المؤسسية. تبقى المسارات القانونية والتدقيق العام هما المعياران اللذان سيحكمان مصداقية النتائج النهائية، فيما تتصاعد الضغوط السياسية والاجتماعية مع اقتراب مواعيد اقتراع حاسمة. انه يتضح أن المعركة ليست فقط على المقاعد، بل على ثقة الناخبين في آليات الديمقراطية نفسها. السيد نياز فاروقى