دفاع ترامب عن ضربات القوارب بذريعة «الحرب على الإرهاب» لا يصمد، بحسب خبراء

حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي مواجهة تصاعد الانتقادات من خصومه الديمقراطيين ومن مناصري حقوق الإنسان، يلجأون بشكل متزايد إلى استحضار مصطلح «الحرب على الإرهاب» لتبرير ضرباته القاتلة على قوارب قبالة سواحل أميركا اللاتينية.

الخبراء القانونيون يؤكدون أن ثمة فرقًا جوهريًا بين قصف قوارب يُزعم أنها متورطة بتجارة المخدرات وبين الهجمات الأمريكية بعد 11 سبتمبر ضد عناصر يُشتبه بانتمائها لتنظيم القاعدة؛ فواشنطن ليست في حالة نزاع مسلح في أمريكا اللاتينية، ومن ثم لا تقوم أساسًا بعمليات حرب تقليدية هناك.

«يجب أن نعترف بأن هذه الضربات تمثل توسيعًا لتلك التجاوزات في السلطة التي شاهدناها في حرب الإرهاب»، قالت آني شيل، مديرة الدفاع في مركز المدنيين في النزاعات، مضيفة أن هذه الهجمات «تفتح بابًا جديدًا وخطيرًا تمامًا».

ولفتت شيل إلى أن القصف المتواصل في الكاريبي والمحيط الهادي الشرقي، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من مئة شخص منذ سبتمبر، يفتقر كذلك إلى تفويضٍ من الكونغرس.

استحضار اوباما

لمواجهة التدقيق، سعى مشرعون جمهوريون من حزب ترامب لربط قصف القوارب بحملة الاغتيالات عبر الطائرات المسيّرة التي شنها الرئيس الديمقراطي السابق اوباما ضد ما وُصف بـ«الإرهابيين». قال السيناتور تيم شيهي للصحفيين إن «نظام الاستهداف هذا استخدمناه خلال سنوات اوباما لاقتفاء وقتل كثير من الأشرار في أنحاء العالم».

وأعاد السيناتور ماركواين مولين نفس الطرح، مؤكدًا أن مهربي المخدرات «إرهابيون»، متسائلاً: «ما الفرق بين هجوم اوباما على أفراد صنّفوا منظمات إرهابية في الشرق الأوسط وبين هؤلاء الذين يحيكون سمومًا في شوارعنا الآن؟»

ورغم انتقادات منظمات حقوقية لسياسة الطائرات المسيّرة في عهد اوباما، يرى المدافعون والخبراء أن ضربات قوارب إدارة ترامب تتسم بتحدٍ أكبر للقوانين والأعراف.

«الخبراء متفقون على أنه لا توجد حالة نزاع مسلح في الكاريبي وأن مهربي المخدرات هم مدنيون، لا أهداف عسكرية مشروعة»، قالت شيل.

يقرأ  نيجيريا ترفع حالة الطوارئ عن ولاية ريفرز بعد ستة أشهر من الأزمة السياسية

المحلّلون أكّدوا لِـ«الجزيرة» أن من يُوصفون كمهرّبين هم في الواقع مدنيون، رغم إدعاءات مسؤولين أميركيين بأنهم «إرهابيون». من جانبه، يقول البنتاغون إن هذه الضربات مشروعة لأنها تستهدف «منظمات إرهابية مصنفة» ومن أجل «حماية الوطن» وفقًا لقانون الصراع المسلح.

لكن النقاد يجابهون هذه الحجة بالتأكيد أن قانون الصراع المسلح لا ينطبق لأن هناك غيابًا للنزاع المسلح في البحر الكاريبي والمحيط الهادي الشرقي. وفي رسالة إلى رئيس لجنة القضاء بالسنات، كتب عشرة سيناتورات ديمقراطيون يوم الخميس محذرين من «اختلاق نزاع مسلح أو وسم أشخاص زورًا بأنهم مقاتلون لقتلهم».

وأردفوا: «هذه الضربات عمليات قتل خارج نطاق القضاء وانتهاكات صادمة لمبادئ المحاكمة العادلة ولحق الحياة بموجب القانونين الأمريكي والدولي». وأضافوا أن مزاعم الإدارة بأن الضحايا مذنبون أو مرتبطون بمنظمات إجرامية أو إرهابية أو أنهم «مقاتلون» في نزاع غير موجود، لا تُشرعن هذه الجرائم.

طمس الواقع

جون والش، مدير سياسة المخدرات وقضايا الأنديز لدى مكتب واشنطن لأمريكا اللاتينية (WOLA)، قال إن كارتلات المخدرات تفتقر إلى التنظيم والسلاح والدوافع السياسية التي تُؤهلها لتصنيفها كمقاتلين. «إطار وصف تجارة المخدرات بـ’الإرهاب المخدراتي‘ هو في حد ذاته طمس للواقع»، قال والش، مضيفًا أن هؤلاء المروّجين يسعون لبيع منتج يخلق الإدمان ويجني الأرباح، وليس لخوض حرب مع دول.

تبدو إدارة ترامب مستعينة بلغة «الحرب على الإرهاب» التي استخدمت في عهد اوباما وعهد جورج دبليو بوش لتبرير عسكرة سياساتها تجاه المخدرات. فقد صنفت إدارة ترامب منظمات المخدرات على أنها «منظمات إرهابية أجنبية» واعتبرت مادة الفنتانيل الصناعية «سلاحًا دمارًا شاملًا»، تكرارًا للخطاب الذي استُعمل قبل غزو العراق عام 2003.

يقول والش إن تصنيف الفنتانيل كسلاح دمار شامل يهدف إلى إذكاء رواية الإدارة بأن هذه كيانات عسكرية مرعبة تمتلك أسلحة دمار شامل، لكنه يضيف أن ذلك «لا أساس له». وأعرب عن القلق من أن يُستخدم هذا التصنيف لفتح سلطات استثنائية تسمح بتنفيذ ضربات داخل الأراضي الأميركية.

يقرأ  أربعة قتلى على الأقل إثر حريق يلتهم أبراجاً سكنية في هونغ كونغ

وأضاف أن إدارة ترامب تصرّح لنفسها بسلطة ضرب أي شخص مرتبط بما تُصنفه «منظمات إرهابية» — وفي حالة ضربات القوارب المقصود بهم المتهمون بتجارة المخدرات — في أي مكان. «هذا منطق قانوني معيب من كل الجهات»، قال والش، «والنقطة الأساسية هنا أنه لا يوجد مبدأ يحد من متى وأين يمكن للرئيس ترامب أن يطالب بهذه السلطة. فقد تكون في كاراكاس غدًا، أو في شيكاغو بعد يومين».

المناصِرون الحقوقيون يطالبون بالإفصاح عن المذكرة القانونية الرسمية لمكتب المستشار القانوني للإدارة (OLC) المتعلقة بالضربات، والتي لا تزال مصنفة. ويقول خبراء إن مذكرة الـ OLC ستكرر على الأرجح الحجج القانونية ذاتها التي بررت الاغتيالات والضربات بالمسيّرات خلال «الحرب على الإرهاب».

نفس العملية

قال السيناتور شيهي إن البنتاغون عند قصف هذه القوارب يستخدم «نفس العملية بالضبط» التي اعتمدت في الاغتيالات المستهدفة منذ 2021. وأضاف أن مهاجمة الرجال والنساء الشجعان في الخدمة الذين ينفّذون هذه العمليات «يعني إدانة النظام ذاته الذي استُخدم بشكل عابر للانتماءات السياسية على مدى 24 سنة».

اقترحت جيسيكا دورسي، أستاذة القانون الدولي بجامعة أوتريخت، أن الإشكال يكمن في العملية نفسها: «الاعتماد المفرط على آليات داخلية من دون مساءلة خارجية ذات معنى قلبَ السبب والنتيجة، فاعتُبرَت العملية قيدًا بينما هي في الواقع سمحت بالتوسع»، قالت دورسي في رسالة إلكترونية. «على أرض الواقع، التفسيرات القانونية المرنة وغياب الرقابة الحقيقية جعلت تلك الضمانات غير فعّالة في تقييد استخدام السلطة التنفيذية للقوة القاتلة، ومهدت الطريق لسياسات أكثر عدوانية نراها اليوم».

من جهته، انتقد سامويل موين، أستاذ القانون والتاريخ في جامعة ييل، الاستناد إلى إرث طائرات اوباما الميّسرة لتبرير الهجمات الحالية، وقال إن «خطأان لا يصنعان صوابًا». وأضاف أن إدارة اوباما أزالت حياة مزيد من الناس في مكانات أكثر وبسلطة قانونية محل شك، لكن ذلك لا يقدس ما تفعله إدارة ترامب؛ بل هو نمط متصاعد لصنع الحرب الأميركية. «إنها الهيئة التنفيذية الأميركية تمنح نفسها إذنًا متزايدًا للقيام بالمزيد بمرور الوقت، وهذه التوسعات نادرًا ما تُراقَب أو تُلغى».

يقرأ  دمج التكرار المتباعد مع ممارسات الاسترجاعلمتعلمي التعليم الإلكتروني

أضف تعليق