هيسو كيم اعتاد طويلاً على تسمية معارضه والأعمال بنفس العناوين؛ عناوين معارضه كانت «الحياة العادية» ولوحاته غالباً «بدون عنوان». وقلما تجد استثناءات صغيرة في شكل عناوين فرعية، لكن النمط العام ظل ثابتاً. قد يبدو هذا تبسيطاً عند النظرة الأولى، إلا أنه ينبع من رغبته في التراجع والحفاظ على مسافة معينة من عمله. يتجلّى هذا الموقف أيضاً في طريقة تمثيله للأشكال البشرية بلا ربطها بأشخاص محددين، مما يتيح لأيّ مشاهد أن يرى نفسه فيها. ومن هذه المسافة الطفيفة يعود إلى مشاعر مألوفة — الحب والصداقة والعلاقات — ويسأل مجدداً عن مدلولاتها ومعناها.
يسجّل هيسو كيم الأفكار العابرة والمشاهد القصيرة بخط يده ورسمه. هذه الرسومات أقرب إلى ملاحظات سريعة تحفظ لحظةً ما بدلاً من السعي إلى صورة مكتملة. تتكوّن كما لو كانت لحاء شجرة ينمو ويتقشّر. وحتى حين يصبح الخط صعب القراءة، فإنه يحمل مشاعر خاصة وغير مفلترة تُقال تقريباً دون قصد.
لم يكن هناك مقصد ثابت في طريقته بالملاحظة والتسجيل اليومي، لكن تراكم الأحاسيس والعلاقات مع مرور الزمن بدا كاشفاً عن وجهة نظره الداخلية. هذا ما يظهر في عنوان المعرض «ما أشتاق لرؤؤية». قد يبدو خروجاً عن نمط التسمية السابق، لكنه تحول طفيف نابع طبيعياً من توجّه عمله.
في عالم تتبادل فيه الأفكار والصور بسرعة على الشاشات الصغيرة، نتواصل بسهولة ونبتعد بنفس السرعة. كما وصّف عالم الاجتماع زيجمونت بومان العلاقات الحديثة بأنها «سائلة»، تظهر هنا التوتر بين الرغبة في الاستقرار والرغبة في عدم التقيّد — واقع شعر به الفنان. في التعب والفراغ الذي يتركه التعرض المستمر، يتساءل عما يستحق التمسك به.
أشكال مستلقية وجهها نحو الأرض كأنما تبحث عن مكان للراحة، أو شكل واقف بذراعين مفتوحتين تحت آخر سقط للتو، تعبّر عن رغبة في إصلاح العلاقلات، وإيمان بأن الاتصال لا يزال ممكناً، وعن المشاعر الجوهرية التي يود العودة إليها. بإعادة منح ثقل لتلك العواطف التي يسهل تجاهلها، وبطبقات سميكة من الطلاء، يتحول عمله إلى سبيل نحو إمكانية إعادة تشكيل الحياة.
الأمل في لوحاته يكمن في إيماءة مدّ اليد إلى ما لم يصل إليه بعد لكنه ما زال مطلوباً.