مسؤول في “أطباء بلا حدود” يحذر للجزيرة: مستشفى نيالا في جنوب دارفور تحت وطأة تدفّق سريع لحالات الحصبة
تتنازع عائلات سودانية مهجّرة في دارفور، المنكوبة بالحرب، مع وباء حصبة خطير ينتشر بسرعة، وفق تحذير من منظمة أطباء بلا حدود.
قال الدكتور علي المحمد، مدير الطوارئ الصحية في المنظمة، في مقابلة مع قناة الجزيرة إن المستشفى التعليمي في نيالا، حيث تقدم المنظمة خدمات طب الأطفال والأمومة، بات “مغرقاً” في استقبال حالات الحصبة يومياً. وأضاف أن هناك 25 سريراً مخصصة للحجر لعلاج المصابين، لكن أعداد الحالات تتزايد باستمرار.
أوضح المحمد من أمستردام أن قدرة أطباء بلا حدود على تلبية كل احتياجات سكان دارفور محدودة للغاية: لا يمكننا تغطية كل شيء، نحاول التركيز على العلاجات المنقذة للحياة، ولكن إمكانياتنا أيضا محدودة.
تفشي الحصبة، وهو فيروس يمكن الوقاية منه باللقاح، يأتي في وقت تصاعدت فيه أعمال العنف بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في دارفور والمناطق المجاورة خلال الأسابيع الماضية. نتيجة لذلك، نزح أكثر من مئة ألف شخص من منازلهم في الفاشر بعد سيطرة الدعم السريع على المدينة أواخر أكتوبر عقب حصار استمر 18 شهراً.
الأمم المتحدة حذرت مؤخراً من أن دارفور أصبحت “مركز المعاناة الإنسانية في العالم”، وشددت وكالات الإغاثة على أن المدنيين المحاصرين يفتقرون إلى الأدوية والطعام والإمدادات الحيوية الأساسية، كما أن الوصول الإنساني مقيد بشدة.
أكثر من 1,300 حالة جديدة
تُفيد منظمة أطباء بلا حدود بتسجيل أكثر من 1,300 حالة جديدة من الحصبة في دارفور منذ سبتمبر الماضي. الحصبة، ذات قابلية انتقال عالية، تترافق مع حمّى مرتفعة وسعال وطفح جلدي، وتشكل خطراً خاصاً على الأطفال دون الخامسه بسبب المضاعفات الصحية الشديدة المحتملة، وفق ورقة معلومات صادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض الأميركية (CDC).
وأضافت المنظمة أن نحو 179,000 طفل سوداني تلقوا لقاح الحصبة خلال حملة استمرت ستة أشهر العام الماضي، غير أن هذا الرقم لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً من خمسة ملايين طفل معرضين للخطر. كما أن المنظمة غير قادرة على العمل في معظم مناطق شمال دارفور، بما في ذلك الفاشر، أو في شرق دارفور بسبب استمرار القتال.
وحذّر المحمد أيضاً من ظهور أمراض أخرى قابلة للوقاية مثل الخناق والسعال الديكي في دارفور، مع وصول كميات من اللقاحات لا تكاد تكون “قطرة في محيط” ما هو مطلوب. وبيّنت أطباء بلا حدود أن نقل اللقاحات يواجه صعوبات ناجمة عن العنف المستمر إضافة إلى “عوائق إدارية وبيروقراطية كبيرة”.
طالبت المنظمة الجهات المعنية بإزالة كافة الحواجز الإدارية والبيروقراطية فوراً أمام نقل اللقاحات إلى أنحاء دارفور، ودعت اليونيسف إلى إظهار مزيد من العجلة في تنسيق الجهود لزيادة شحن وتوزيع اللقاحات والمحاقن والإمدادات الضرورية.
هجمات على المنشآت الصحية
في الوقت نفسه، أدت الاعتداءات على مرافق الرعاية الصحية في السودان إلى تفاقم معاناة المدنيين والعاملين الصحيين. وأفادت شبكة أطباء السودان بأن قوات الدعم السريع أفرجت يوم السبت عن تسعة من العاملين الطبيين المحتجزين في نيالا من أصل 73 كانوا قد اعتُقلوا من قبل الجماعة شبه العسكرية. ورحبت الشبكة بهذه الخطوة ووصفتها إيجابية، لكنها دعت إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين.