انقسام واضح داخل التيار المحافظ في مؤتمر تورنينغ بوينت
شهد المؤتمر السنوي لمنظمة Turning Point USA تصاعداً في الخلافات بين وجوه محافظة بارزة في الولايات المتحدة، ما فضح شرخاً عميقاً داخل الحزب الجمهوري وبين قواعد حملة «لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً» (MAGA). المؤتمر الذي استمر أربعة أيام وعُقد في مدينة فينكس بولاية أريزونا جمع قادة جمهوريين وشخصيات إعلامية وناشطين محافظين، وبرزت خلاله تفاوتات أيديولوجية حادة داخل الحركة.
من هي تورنينغ بوينت يو إس إيه؟
تورننغ بوينت يو إس إيه هي منظمة غير ربحية محافظة أسسها تشارلي كيرك عام 2012. بعد مقتل كيرك في حادث في يوتا في سبتمبر الماضي تولت أرِيكـا كيرك منصب الرئيس التنفيذي. لدى المنظمة أكثر من 850 فرعاً في حرم الجامعات الأميركية وتعمل على تعبئة وتدريب الشباب المحافظ في المدارس الثانوية والكليات والجامعات، وتروّج لمبادئ السوق الحر والحكومة المحدودة. مؤتمر AmericaFest، الذي يعقد سنوياً منذ 2021، يجمع خطباً سياسية وبرامج ثقافية وفرص تواصل تسعى إلى تعبئة الناشطين الشباب.
من هم أبرز المتحدثين؟
ضم الحدث خليطاً من المسؤولين المنتخبين ووجوه الإعلام المحافظة والمشاهير، من أبرزهم:
– بن شابيرو — مؤسس مشارك لـDaily Wire ومعلق محافظ
– تاكر كارلسون — صحفي ومؤسس شبكة إعلامية خاصة
– ميغان كيلي — مذيعة وصحفية
– نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس
– اريكا كيرك — الرئيسة التنفيذية لتورننغ بوينت
– ستيف بانون — بودكاستر ومستشار سابق في إدارة ترامب الأولى
القضايا الخلافية
صراع حول التعصب والتآليه وتسييس منصّات النشر
افتُتِح النقاش بنبرة حادة حين دشّن بن شابيرو مداخلة نقدية قوية موجّهة إلى زملائه المحافظين، لاسيما كارلسون وميغان كيلي، متّهماً إياهم بـ«الاسترزاق» ونشر أصوات متطرفة ونظرية مؤامرة داخل التيار. وانتقد بشدة استضافة تاكر كارلسون لشخصية من أقصى اليمين متهمة بمعاداة السامية، واصفاً تلك الخطوة بأنها «عمل بلادة أخلاقية».
رد كارلسون جاء سخرية مباشرة على ذات المنصة، معتبرًا أن محاولات مقاطعة بعض الأصوات تؤجّج الانقسام داخل وسائل الإعلام المتحالفة مع الجمهوريين. وفي السياق نفسه شن شابيرو هجوماً على كنداس أوينز لتصريحاتها الناقدة لحملة إسرائيل في غزة، متّهمها ببث «هراء مؤامراتي» في الساحة العامة.
كما ندّد المرشح السابق للرئاسة فيڤيك راماسوامي بكل أشكال الكراهية على اليمين، مشدداً على أن من يشرعن إبادة أو تمييز مجموعة عرقية أو دينية «لا مكان له كقائد» داخل الحركة المحافظة. ومن جهته تحدث كارلسون أيضاً ضد موجات التعصب الموجهة للمسلمين، قائلاً إن مهاجمة ملايين الأميركيين لمجرد دينهم «قُبيح».
موقف الحكومة الأميركية وإسرائيل
تصاعد الحديث عن دعم واشنطن لإسرائيل خلال المؤتمر. اتهم بانون أنصار إسرائيل المتحمّسين بـ«أولوية إسرائيل» على حساب مصلحة الولايات المتحدة، داعياً إلى عدم جرّ أميركا إلى حروب لا نهاية لها، فيما أكد آخرون على ضرورة احترام سيادة إسرائيل دون أن يتحوّل ذلك إلى التزام أعمى يورّط الولايات المتحدة في صراعات إقليمية.
في خطبته الختامية رفض نائب الرئيس جي دي فانس الانخراط في تصنيفات مطهّرة، ودعا الحركة المحافظة لأن تكون شاملة لكل من «يحب أمريكا» بغضّ النظر عن لون البشرة أو الوضع الاقتصادي أو العمر أو الانتماء الجغرافي أو درجة الجدلية في آرائه.
من أميركيٌّ بالمعنى السياسي؟
أثار راماسوامي نقاشاً مركزياً حول من يُعرّف بأنه «أميركي»، معارضاً فكرة أن الأصل أو التاريخ العرقي يحددان الانتماء، ومؤكداً أن الانتماء الأميركي يقوم على الإيمان بسيادة القانون، وحرية الضمير والتعبير، والمساواة المبنية على الكفاءة، والولاء الصريح للدستور والحلم الأميركي، وهو ما كتبه أيضاً في مقالة رأي بصحيفة نيويورك تايمز.
هذا الموقف يتباين إلى حدّ مع نائب الرئيس فانس الذي أعرب في خطاب سابق عن تحفظه إزاء منح الجنسية لمَنْ يتفقون فقط مع مبادئ معيّنة كالإعلان عن الاستقلال، في إشارة إلى خلاف أوسع داخل الحزب حول معنى المواطنة والولاء.
خلاصة
أظهر مؤتمر AmericaFest التوتر المتزايد داخل التيار المحافظ الأميركي بين من يدافع عن سياسات تقليدية ودعم لا يتزعزع لإسرائيل ومن يدعو إلى إعادة تحديد الأولويات وفق شعار «أميركا أولاً»، وبين من يحذّر من عودة خطاب التطرف والمؤامرات إلى المشهد السياسي. الصراعات بين الشخصيات الإعلامية والسياسية لم تعد نزاعاً على منبر واحد، بل انعكاس لصراع أيديولوجي أوسع داخل الحزب الجمهوري وقاعدته الشعبية. قال إن الأمة ليست سوى جماعة من الناس توحّدهم ذاكرة تاريخية ومصير مشترك.
خلال كلمته في المؤتمر يوم الأحد، سلّط فانـس الضوء على جهود إدارة ترامب الرامية إلى إلغاء سياسات التنوع والإنصاف والإدماج، التي وُضعت لضمان تكافؤ الفرص للمجتمعات التي واجهت عبر التاريخ حواجز وعقبات.
«في الولايات المتحدة الامريكية، لم يعد على المرء أن يعتذر لكونه أبيض»، وأضاف أن الولايات المتحدة «ستظل دائمًا أمة مسيحية».