شاهد: بي بي سي تُغطّي أحدث دفعة من ملفات إبستين
أصدرَ مكتبُ المدعي العام الأميركي، الثلاثاء، أحدث وأكبر حزمةٍ من ملفات جيفري إبستين — أكثر من 11 ألف وثيقة. تستكمل هذه الوثائقُ سيلَ الإفصاحات التي انطلقت يوم الجمعة، تلبيةً لموعد نهائي نصّت عليهْ قانونٌ جديدٌ يُلزم الوزارةَ بنشر جميع ملفاتها التحقيقية المتعلقة بالممول والمتهم بالتحرّش الجنسي المتوفّى.
تظهرُ في كثيرٍ من المستندات التي نُشِرت الثلاثاء عملياتُ حجب واسعة للمعلومات والأسماء؛ فقد طُمِست هوياتُ أشخاصٍ يوردهم مكتب التحقيقات الفدرالي كمشتبهٍ في تواطؤهم مع إبستين. وقد تعرّضت وزارةُ العدل لانتقاداتٍ حادّةٍ من مشرّعين عبر الطيف السياسي بسبب حجم الحجب، في حين يُحدِّدُ القانونُ بوضوحٍ أن الحجبَ مسموحٌ به فقط لحمايةِ هويات الضحايا أو لحمايةِ تحقيقاتٍ جنائيةٍ قائمة.
برز اسمُ دونالد ترامب في مجموعة الوثائق هذه أكثرَ من الإصدارات السابقة؛ وغالِبُها قصاصاتُ صحفٍ تذكره، ولكن ثمة رسالة إلكترونية بارزة من مدعٍّ فيدرالي تشير إلى أن ترامب سافر على متن طائرة إبستين. وصرّحت وزارةُ العدل أن بعضَ الملفات «تحتوي على مزاعم غير صحيحة واستعراضية» بشأن ترامب. الذكر في ملفات إبستين وحده لا يعني ارتكابَ جرم؛ وطلبت بي بي سي تعليقاً من الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في تحقيقاتنا.
رسائل إلكترونية بين «أ» وغيسلاين ماكسويل عن «فتيات»
من بين آلاف الصفحات في هذه الدفعة تبرز رسالة إلكترونية من عام 2001 مرسلةٌ من شخصٍ وُصِف بأنه «أ». أُرسلت الرسالةُ إلى رفيقة إبستين المقربة والمتهمة والمدانة لاحقاً غيسلين (غيسلاين) ماكسويل، التي حُكم عليها في 2022 بالسجن 20 عامًا بتهم الاتجار الجنسي بالقاصرات وجرائم أخرى. يقول المرسلُ في الرسالة إنه في «مخيم بالمورال الصيفي للعائلة الملكية». ثم يسأل «أ» ماكسويل: «هل وجدْتِ لي بعض الأصدقاء غير اللائقين الجدد؟»
وردّت ماكسويل في رسالةٍ لاحقة في اليوم ذاته: «آسفةٌ لإخفاقي في إرضائك، لكن ينبغي قول الحقيقة: لم أتمكن إلا من العثور على أصدقاءٍ لائقين فقط». أُرسلت رسالة «أ» من العنوان [email protected] وظهَر اسمُ المرسِل كـ«الرجل الخفي». وتظهرُ صورةٌ من إفصاحات سابقة لملفات إبستين رسالةً مماثلة من [email protected] مسجلةً في دفتر عناوين إبستين تحت مسمّى «دوق يورك».
تضمُّ الملفاتُ الجديدةُ تبادلاتٍ أخرى بين ماكسويل و«الرجل الخفي» تُشير إلى رحلةٍ إلى بيرو. وفي أكتوبر فقدَ أندرو ماونتباتن-وندسور لقبَ دوق يورك إثر التدقيق في علاقته بإبستين؛ وقد أنكر مرّاتٍ عديدةً ارتكاب أي سلوكٍ يقتضي المساءلة، قائلاً إنه لم «يرَ أو يشهد أو يشتبه في أي سلوك من ذلك النوع الذي أدّى لاحقًا إلى اعتقاله وإدانته». وتواصلت بي بي سي مع فريق أندرو ماونتباتن-وندسور لطلب تعليق.
بريد إلكتروني لـِمكتب التحقيقات يعدد 10 مشتبهين بالتواطؤ مع إبستين
تشملُ الوثائقُ رسائلَ إلكترونيةً يبدو أنها صادرة بين عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي في 2019 تذكرُ عشرةَ أسماءٍ محتملةَ «للمتواطئين» مع إبستين. وتفيد الرسائلُ أن ستةً من هؤلاء العشرة قد بُلِّغوا باستدعاءاتٍ (subpoenas): ثلاثةٌ في فلوريدا، واحدٌ في بوسطن، واحدٌ في مدينة نيويورك، وآخر في كونيكتيكت. وكانت أربعُ استدعاءاتٍ أخرى لم تُبلَّغ بعد عند إرسال تلك المراسلات، من بينها استدعاءٌ لشخصٍ وُصف بأنه «رجلُ أعمالٍ ثري في أوهايو».
تقريرٌ لاحق إلى مكتب نيويورك في الـFBI قدّم تحديثًا بشأن المتواطئين، وذكَر أسماءً متعددةً معظمها مُحجوبة في الملف؛ واستُبقي اسمان غير محجوبين — غيسلين ماكسويل وواكسنر. ورد في إحدى الرسائل: «لا أعلم ما إذا كانت أوهايو قد اتصلت بواكسنر». ويُفهم من ذلك أن الإشارةَ موجهةٌ إلى الرئيس التنفيذي السابق لشركة فيكتوريا سيكرت، ليس واكسنر، الذي اختلطت علاقته بإبستين بالجدل، وقد أعلن في 2019 أنه يشعر «بالخجل» من تلك الصلات. وقال محامو واكسنر لبي بي سي إن «النائب العام المساعد المشرف على تحقيق إبستين صرّح آنذاك أن السيد واكسنر لم يكن لا متواطئًا ولا هدفًا للتحقيق»، مضيفين أن «السيد واكسنر تعاون بكاملِ استطاعته بتقديم معلوماتٍ عن إبستين ولم يُتَّصل به مجدداً».
قضيةُ تواطؤٍ محتملٍ مع إبستين تشكّل محورًا رئيسيًا لضحاياه ولعدة مشرّعين طالبوا بمزيدٍ من الشفافية من وزارة العدل. وقال النائب الديمقراطي سوهَاس سوبрамانيام، عضو لجنة الرقابة في مجلس النواب، لبي بي سي: «هناك عشرة متواطئين محتملين لم نكن نعلم عنهم شيئًا بينما كانت وزارة العدل تحقق». وأضاف أنه قلقٌ أيضًا من مستوى الحجب الذي يطال أسماءَ محامين وأشخاصًا ليسوا ضحايا، وأن مشرعين من الحزبين يفكّرون في خياراتٍ قانونية لإجبار الوزارة على كشف مزيدٍ من المعلومات.
ينصُّ القانون الذي أقرّه الكونغرس ووقّعَه الرئيس ترامب على أن الأسماءَ والمعلوماتِ التي قد تكون محرجةً أو تُلحق «ضررًا بالسمعة» لا تُستبعد كشرطٍ للحجب، ويطلبُ صراحةً من وزارة العدل الاطلاعَ على الاتصالاتِ الداخلية والمذكرات التي توضّح من كان موضوعَ تحقيق، والقرارات المتعلقة بـ«توجيه الاتهام، عدم التوجيه، التحقيق أو الامتناع عن التحقيق في إبستين أو شركائه».
وزارة العدل: رسالة إبستين إلى لاري ناصر مزوّرة
تلفت رسالةٌ ضمنَ الملفات المنشورة الكثير من الانتباه على الإنترنت، لكن وزارة العدل اعتبرتْها مزوّرة. فقد بدا أن الرسالةَ الخطية والظرف تُظهران إبستين وهو يكتب إلى لاري ناصر، طبيب الاتحاد الأميركي للجمباز السابق والمحبوس عقودًا في السجن لإساءته لرياضيات قاصرات. تقول الرسالة المزّعومة: «كما تعلم الآن، لقد اخترتُ الطريق المختصر إلى البيت. حظًا سعيدًا! شاركنا شيئًا واحدًا… حبّنا واهتمامَنا للشابات وأملَنا في أن يحققن كامل إمكاناتهن». ووقّعَ الكاتبُ: «الحياة ليست عادلة، لك، ج. إبستين».
أُعتبرت الرسالةُ غير قابلةٍ للتسليم فأعيدَت إلى سجن مانهاتن حيث كان إبستين محتجزًا قبل وفاته، فأُخطر مكتب الـFBI وعُرِضت لتحليلٍ جنائي، وما زال مكتبُ العدل يصفها بأنها مزيفة. وشمل طلب التحليل أيضاً حزمة الوثائق التي جرى الإفراج عنها.
وصفت وزارة العدل الامريكية يوم الثلاثاء الرسالة بأنها مزوّرة، مشيرة إلى عدد من الشواذّ في مضمونها وفي الظرف الذي وُضعت فيه. «لا يبدو أن الخط مطابق لخط جيفري إبشتين»، كتبت الوزارة على منصة إكس. وأضافت أن العنوان المرجعي للمرسل لم يذكر السجن الذي احتُجز فيه إبستين، ولم يتضمّن رقم السجين المطلوب للرسائل الصادرة.
وأشار المسؤولون إلى أن الظرف حمل ختم بريد من شمال فرجينيا، بينما كان إبستين محتجزاً في نيويورك، وأن الختم زُوِّد بتاريخ 13 آب/أغسطس 2019، أي بعد ثلاثة أيام من وفاته. وحتى قبل إعلان وزارة العدل أنه مزور، أثارت تلك الوثائق تساؤلات فورية.
سُجّل اسم المرسل على أنه «J. Epstein» في «Manhattan Correctional» — بينما كان الاسم الرسمي للسجن المغلق آنذاك «Metropolitan Correctional Center».
تُظهر الوثائق الصادرة يوم الثلاثاء أيضاً طلب التحليل الموجَّه إلى مختبرات مكتب التحقيقات الفيدرالي. وذكر طلب المختبر أن مرسلاً مسجلاً باسم «J. Epstein» في «Manhattan Correctional» حاول في أغسطس 2019 إرسال رسالة إلى «لاري نَاسَّر» على عنوان يقع في سجن فيدرالي بتوسون، أريزونا. وبحسب إدارة السجون، فإن ناسر محتجز حالياً في ولاية بنسلفانيا.
رحلات ترامب على متن طائرة إبستين الخاصة
يظهر اسم دونالد ترامب أكثر في هذه الملفات مقارنة بدفعات وثائق سابقة أفرجت عنها وزارة العدل. وفي رسالة بريد إلكتروني بتاريخ يناير 2020، كتب مدعٍ فيدرالي في نيويورك أن سجلات الرحلات التي وصلت حديثاً «تدل على أن دونالد ترامب سافر على متن طائرة إبستين الخاصة مرات أكثر بكثير مما جرى الإبلاغ عنه سابقاً (أو مما كنا نعلم به)». تم حجب اسم المتلقي من البريد الإلكتروني.
أوضح المدّعِ أنه تم تسجيل ترامب كراكب في «ما لا يقل عن ثماني رحلات بين 1993 و1996»، وكانت غِيسلين ماكسويل حاضرة في أربعٍ منها على الأقل. وسُجّل أيضاً أنه سافر في أوقات مختلفة برفقة مارلا مابلز، وابنته تيفاني، وابنه إريك. وكان ترامب متزوجاً من مارلا مابلز، والدة تيفاني، بين عامي 1993 و1999.
وأضاف المدَّعِ أن «في رحلة واحدة عام 1993، لم يُدرج على كشف الركاب غيره وإبستين؛ وفي رحلة أخرى، كانت أسماء الركاب الثلاثة الوحيدة هي إبستين وترامب وشخص كان عمره آنذاك 20 عاماً» — وقد حُجب اسم الراكب الثالث. وفي رحلتين أخريين، كان اثنان من الركاب، على التوالي، امرأتين قد تكونان شاهدتين محتملتين في قضية ماكسويل.
تتزامن توقيتات هذه الرحلات مع سنوات كان فيها المدّعون الفيدراليون يراجعون سلوك ماكسويل وتنقلاتها كجزء من القضية الجنائية المرفوعة ضدها؛ وقد دانتها المحاكم في نهاية المطاف بتهمة التآمر مع إبستين لتجنيد وإساءة معاملة قاصرات جنسياً.
ومع ذلك، فإن كثيراً من الإشارات الأخرى لاسم ترامب في الملفات الصادرة يوم الثلاثاء تقتصر على مقتطفات صحفية تذكره أو حملاته أو أحداث إخبارية أخرى.
وقد أنكر ترامب مراراً ارتكابه أي مخالفات تتعلق بإبستين. وفي بيان رافق الإفراج عن الملفات، قالت وزارة العدل إن الملفات الجديدة «تحتوي على ادعاءات غير صحيحة واستعراضية ضد الرئيس ترامب قُدِّمت إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي قبيل انتخابات 2020 مباشرة». وأضافت الوزارة: «لنكون واضحين: الادعاءات لا أساس لها وزائفة، وإذا كان لها أي ذرة مصداقية لكان قد استُخدم ذلك كسلاح ضد الرئيس ترامب بالفعل».
فيديو مفبرك لإبستين ضمن الوثائق
من بين الإدخالات الغريبة في دفعة الوثائق يوم الثلاثاء، كان مقطع فيديو مُفبرك يظهر شخصية تشبه إبستين داخل زنزانة سجن، ما أثار تساؤلات حول كيفية وصوله إلى الملفات الرسمية للوزارة. وأظهرت مستندات أخرى أن رجلاً من فلوريدا أرسل في مارس 2021 رابط الفيديو إلى محقّقين فيدراليين سائلاً عما إذا كان حقيقياً — لكنه لم يكن كذلك. استخدمت خدمة BBC Verify بحث الصور العكسي فوجدت أن نسخة من الفيديو نُشرت على يوتيوب في أكتوبر 2020، وأن الناشر قال إن المقطع أُنتج باستخدام رسوميات ثلاثية الأبعاد.
وبحسب تقرير إدارة السجون عام 2023، لا توجد أي تسجيلات فيديو من داخل زنزانة إبستين في يوم وفاته. وإدراج الفيديو المفبرك في هذا الإفراج يبيّن إلى أي حد وصل عدد الأسئلة التي تلقاها المسؤولون الفيدراليون من عامة الناس، الذين سمع بعضهم نظريات مؤامرة أو احتفظوا بشكوك لسنوات ويريدون إجابات عن حياة وإم وفاة إبستين.
شارك في إعداد هذا التقرير شايان سرداريزاديه. لم تُدرِج أي نص في رسالتك. رجاءً ألصق النص الذي تريد إعادة صياغته وترجمته إلى العربية بمستوى C2.