الانهيار أم الانتقال إلى سوقٍ أذكى؟

«كل العائلات السعيدة متشابهة؛ كل عائلة تعيسة تعيسة بطريقتها الخاصة»؛ بهذه العبارة الشهيرة افتتح ليو تولستوي رواية آنا كارينينا، ومن هذا المنطلق وُلد ما يصطلح عليه اليوم بمبدأ كارينينا: النجاح في أي مشروع معقّد يتطلّب توافر كل العوامل الجوهرية وعملها بسلاسة، بينما الفشل يكفيه عنصر واحد مفقود. هذا العام، ومع تذبذب سوق الفن، تعلّم كثير من التجار هذا الدرس بالقسوة.

قد تكون لكل معرض أسباب خاصة تتسبّب في إغلاقه، وكما لدى كل عائلة تعيسة حكايتها، هناك تفسيرات كثيرة لسلسلة الإغلاقات التي شهدناها. ومع ذلك، حين تشير الأرقام بوضوح إلى تقلّص السوق، يصعب القبول بأن الأسباب لا تتلاقى عند نقطة واحدة: مصاريف ثابتة باهظة تتسرب من الخزينة، ومشتَرون أقل ينفقون أقل. انه اتجاه يضغط على كثير من لاعبي السوق.

مقالات ذات صلة

بعض الأصوات شكّكت في تغطية التشاؤم الإعلامية، واحتفت تقارير أخرى بظهور بعض الصالات الصغيرة الجديدة وتوسّعات على نحو محدود. ومنذ معرض آرت بازل باريس بدا المزاج أكثر تفاؤلاً، وشهِد نوفمبر مزادات كبرى في نيويورك بحوالى 2.2 مليار دولار من المبيعات، وهو رقم أعاد بعضاً من الثقة للميدان. لكن المشهد العام بالنسبة للمعارض كان أقرب إلى نهايات متتالية منه إلى بدايات مبشّرة — وتواصل هذا الإيقاع على مدى العام.

في النصف الثاني من السنة ظهرت معظم حالات الإغلاق الجديدة. أعلن تيم بلوم في يوليو أنه سيضع صالته في طور «الانسحاب» ليبحث عن نموذج عمل مختلف، وبعد أسبوع أغلَق جامع الأعمال آدم ليندمان معرضه «فينوس أوفر مانهاتن» في نيويورك بعد 14 عاماً، قائلاً إن الوقت قد حان لرفع «العلم الأبيض». وعلى النقيض، أعلن البيت المعارض العالمي هاوزر وورث عن افتتاح فرع جديد في بالو آلتو مقرر في 2026.

يقرأ  شركة نيو تتوسع عالمياً — وهذه المرة تتجه إلى سنغافورة، كوستاريكا وأوزبكستان

في أغسطس كشفت صالتي كليارينغ في نيويورك ولوس أنجلوس عن إغلاقهما بعد 14 عاماً، واختارت تانیا بوناكدار تقليص مساحة لوس أنجلوس التي دامت سبع سنوات. في المقابل وسّعت كلير أوليفر نشاطها في هارلم، ووسّع سيباستيان غلادستون نشاطه في لوس أنجلوس، وفتح بن هانتر صالة أكبر في لندن. وحالة أخرى لم تكن إغلاقاً بالمعنى الحرفي بل إعادة تسمية: بعد خمس سنوات على وفاة مؤسسها، تحوّل كازمين إلى أولني جليسون تحت إدارة عنصرين من فريقها القديم.

مع عودة الموسم الدراسي ظهرت خسائر ملموسة: أعلن معرض تيلتون في نيويورك إقفال أبوابه؛ أغلقت لوس أنجلوس لافر؛ توقفت صالة شون كيلي عن عرض معارضها في لوس أنجلوس؛ أغلقت بيس صالتها في هونغ كونغ؛ وأعلنت كلوديا ألتمان-سيغيل في سان فرانسيسكو إغلاق معرضها بعد نحو 16 عاماً واصفة السوق بأنه «أصبح أصعب من قبل». في أكتوبر أنّتهت مسيرة غاليري فرانشيسكا بيا في زيورخ التي تأسست عام 1990، وكشفت ألمين رِيش عن إغلاق فرعها في لندن مع استمرار عملها في ثمانية مواقع أخرى عالمياً.

مع اقتراب عيد الشكر، أعلن معرض سبرون ويستووتر في نيويورك إغلاقه بعد نصف قرن على خلفية نزاع قانوني بين المؤسسين؛ وأفاد ستيفن فريدمان بأنه سيغلق مقرّه في مانهاتن بعد أقل من ثلاث سنوات على الانتقال إليه. وأعلنت صالات أخرى مثل بروجكت ناتيف إنفورمَنت ومتحف نِر ألتمن عن إنهاء نشاطاتها. في المقابل أفاد تقرير أن ثنائيًا من نيويورك يعملان على مشروع جديد يحمل اسم لومِكس في لاس فيغاس داخل منزل ريفي تحول إلى صالة عرض.

وفي عشية عطلات ديسمبر، تواترت أنباء متباينة: أعلنت صالة هايت آرت في باريس إغلاق فضائها الفعلي، فيما قالت صالة ستيفنسون إنها ستغلق فرع جوهانسبرغ بعد 17 عاماً وتستمر في كيب تاون وأمستردام. وعلى مستوى التوسعات، اشترت هاوزر وورث قصرًا تاريخيًا في صقلية لتفتح فرعاً هناك بحلول 2030، وأعلن كل من بيس ودي دونا وديفيد شرادر عن شراكة جديدة ستنطلق في الربيع المقبل.

يقرأ  مجلة جوكستبوز — هي سو كيم: «ما أتوق لرؤيته» في معرض إيفريداي مونداي، سيول

ما الدلالة من كل ذلك؟ يحذّر بعض المطلعين من الوقوع في فخ التشاؤم الشامل. قالت كينسي روب، المديرة التنفيذية لجمعية تجار الفن الأمريكية (ADAA) — التي تمثل أكثر من 200 معرض في نحو 40 مدينة أميركية وتنظّم معرضًا سنوياً في نيويورك — إن «الإغلاقات تحكي حكايات مختلفة»: بعضها انعكاس للاحتراق المهني أو للأعباء التشغيلية أو لتحوّل نموذج العمل، وبعضها جزء من تبدّل طبيعي للأجيال في ميدان يهيمن عليه كثير من المعارض الصغيرة ذات الإدارة العائلية.

«أرى هذه الفترة صعبة لدى البعض، لكن لا أعتبرها انهيارًا للسوق بل لحظة انتقال»، قالت روب. «لقد كان 2025 عامًا مثيرًا دراماتيكيًا على نطاق أوسع، وأحاول الحفاظ على هذا المنظور». كما دافعت عن بعض التغطية الإعلامية بالقول: «ليست كل الأخبار سوداوية، بل قد نكون أمام سوق أكثر حذراً، أكثر انتقائية، وأكثر ذكاءً ومرونة». اشارت هذه الملاحظة إلى أن التحولات قد تفضي في النهاية إلى مشهد فني أعيد توازنه على أسس مختلفة.

أضف تعليق