عام الأزمات: ٢٠٢٥
كان عام ٢٠٢٥ بالنسبة للرئيس دونالد ترامب سنة أزمات متلاحقة وخيارات حاسمة. منذ تنصيبه في ٢٠ كانون الثاني/يناير وبعد عودته السياسية الصاخبة، اتسمت سياساته بالإجراءات السريعة والحاسمة التي وسّعت سلطته التنفيذية عبر تكييف قوانين الطوارئ وتفسير واسع لمفهوم «الأمن القومي».
الهجرة والحدود والتصعيد السياسي
تبنّى الريس ترامب خطاباً يصف تدفق المهاجرين بوصفه «غزواً»، وشرع في سياسات صارت تهدف إلى تقييد طلبات اللجوء وإلغاء أو تقويض الوضع القانوني لآلاف المقيمين، بل ووُجّهت تهديداتَ استهدافٍ ضد مواطنين أميركيين في بعض الصيغ الخطابية. ترافقت هذه الخطوات مع اتخاذ تدابير لتعزيز الوجود الأمني والعسكري على الحدود وتحويل المسائل الهجرية إلى ذريعة لتوسيع الصلاحيات التنفيذية.
الطوارئ والأمن القومي
اختار ترامب استخدام قوانين طوارئ متعددة، من بينها لقبول حالات تُصدَر بمقتضى قانون الطوارئ الاقتصادية الدولي (IEEPA)، لتصنيف مجموعات جنائية مألوفة كـ«منظمات إرهابية أجنبية» وفتح الباب أمام إجراءات واسعة مثل عمليات الطرد الجماعي وتقييد إجراءات المحاكمات والإجراءات العادية. إلى جانب ذلك، أعلن حالة طوارئ في مجال الطاقة في اليوم الأول لولايته لتبرير تجاوز معايير بيئية قائمة.
لقد باتت تبريرات «الأمن القومي» عند إدارة البيت الأبيض ذات طابع عام ومرن، فتستعمل لتبرير سياسات تجارية تصعيدية (رسوم جمركية واسعة)، عقوبات على مؤسسات دولية، وتسويغ عمليات عسكرية خارجية تحت ذرائع مكافحة تهريب المخدرات واتهام شبكات التهريب بأنها تشكّل تهديداً وجودياً، بما في ذلك توصيفات مثيرة مثل وسم بعض المخدرات كأسلحة دمار شامل.
إعادة تشكيل الإدارة والسلطة التنفيذية
لم يكتفِ باستخدام قوانين الطوارئ؛ بل سعى ترامب لإعادة هيكلة أجهزة الدولة: فصل موظفين مدنيين عن وزارات وأنهاء صلاحيات رؤساء هيئات مستقلة، وإطلاق مؤسسات إدارية جديدة مثل «إدارة كفاءة الحكومة» (DOGE)، ومحاولات تغيير أسماء مؤسسات فدرالية وربما تجاوز متطلبات الموافقات لتعديلات مادية في البيت الأبيض. هذه الممارسات تندرج ضمن رؤية أوسع لإعادة تشكيل السلطة التنفيذية نحو مركزية أكبر.
الاستجابة القضائية والبرلمانية: صورة مختلطة
أظهرت ردة فعل الكونغرس والمحاكم شكلاً متبايناً. بينما ظل الكونغرس الخاضع أغلبه لسيطرة الجمهوريين متردداً في مواجهة الرئيس، أصدرت محاكم الدرجة الدنيا أحكاماً متباينة وفرضت قيوداً في قضايا محددة، فيما تركت المحكمة العليا أسئلة كبرى دون حسمٍ قاطع. بعض القضايا الحارقة، مثل شرعية الرسوم الجمركية الواسعة وتفسير قوانين الطوارئ، بقيت معروضة أمام المحاكم العليا، ومن المتوقع صدور أحكام مفصلية في الجلسات المقبلة.
في قضايا محددة، أعطت المحاكم العليا سيناريوهات مختلطة: السماح مؤقتاً بنشر الحرس الوطني في واشنطن، وتقييد نشرات مماثلة في ولايات كاليفورنيا وإلينوي وأوريغون، كما حدت المحكمة بعض ما سمّي بالاستعمال العاجل لقانون «أعداء الأجانب» الصادر في ١٧٩٨، مع حفظ بضعة حماية قضائية أساسية.
المخاطر العسكرية وخطر التورط في صراعات
اتخذت إدارة ترامب توجهاً عسكرياً تصاعدياً خاصة في نهاية العام، مع ضربات بحرية وجوية استهدفت قوارب يُقال إنها متورطة بتهريب مخدرات من فنزويلا، وإشارات متكررة إلى إمكانية توسيع الضربات عبر البر. وصفت الإدارة شبكات تهريب المخدرات بأنها «ناركوتيرورست» وطرحت إعادة تسمية وزارة الدفاع إلى «وزارة الحرب»، في خطاب يعكس استعداداً لاستخدام القوة خارج الأطر التقليدية. هذه الإجراءات أثارت انتقادات من منظمات حقوقية وسياسية اعتبرتها استخفافاً بشرعية العمليات العسكرية وحقوق المدنيين.
السياسة العامة والرأي العام
تعكس استطلاعات الرأي تذبذباً في موقف الجمهور: نسبة معتبرة ترى أن ادعاءات ترامب بشأن صلاحياته تجاوزت الحدود، في حين أن شريحة أخرى تبرر أو تتغاضى عن الأساليب إذا حققت نتائج مباشرة مرغوبة. سيُعد الاستحقاق النصفي القادم اختباراً فاصلاً لقدرة ترامب على الحفاظ على سيطرته الحزبية وتثبيت نموذج حكمه التنفيذي.
الكلمات الأخيرة من مراقبين قانونيين
يصف خبراء القانون والساسة هذه الحقبة بأنها اختبار ضغط على صلاحيات الرئاسة: فرنك بومان يرى أن مسألة استعمال سلطات الطوارئ تشكل جزءاً من مشهد أوسع، وأن الإدارة تقوم أحياناً بما لم تكن تفترض سلفاً أن للراس السلطة للقيام به. مات دوس يؤكد أن التاريخ الحديث يُظهِر استمرارية ميل الإدارات إلى توسيع سلطة التنفيذ بحجة الأمن، وأن ما نشهده الآن ليس مفصولاً عن سلسلة طويلة من الممارسات التي أصبحت أكثر جرأة في السنوات الأخيرة.
في المحصلة، يظل السؤال المركزي حول ما إذا كانت المؤسسات القضائية والانتخابية ستعمل على إعادة توازن القوى أم ستستمر في مرحلة من التعايش مع توسيع الاستثناءات التنفيذية — وهو سؤال قد تجيب عنه صناديق الاقتراع ومحاكم الولايات العليا في العام المقبل.