علاء عبد الفتاح والغضب الانتقائي في بريطانيا حقوق الإنسان

شدة الرد العلني ضد علاء عبد الفتاح في بريطانيا لافتة — ليس لأنها تعكس إحياءً لالتزام حقيقي بالعدل، بل لأنها تكشف كيف يُوزَّع السخط بشكل انتقائي.

علاء، الكاتب والناشط المزدوج الجنسية المصري-البريطاني، قضى أكثر من عقد يتنقّل بين السجن والخروج بعد ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك. لقد تميّز اعتقاله بإضرابات طويلة عن الطعام وحرمان من حقوق أساسية ومعاملات وصفتها منظمات حقوق الإنسان بالقاسية والمهينة. أُفرج عنه بعد حملة مضنية قادتها والدته وأخته وأصدقاؤه المقربون، ورفعت عنه قيود السفر مؤخرًا فتمكن من الانضمام إلى عائلته في المملكة المتحده في السادس والعشرين من ديسمبر.

مع ذلك، لم تُستقبل عودته إلى لندن بتعاطف، بل بسهام اتهام ومطالب بسحب جنسيتِه البريطانية وترحيله. استفز الرأي العام اكتشاف منشور على وسائل التواصل من عام 2010 قال فيه إنه كان يعتبر «قتل أي استعماري… عملاً بطوليًا»، شاملة الصهاينة. استُنكرت التغريدة وراجعت من قبل شرطة مكافحة الإرهاب واستُغلها سياسيًا لدفع إجراءات عقابية.

ما يثير الدهشة هو سرعة وشدة هذه الردود مقارنة بالصمت المطبق إزاء تصريحات وأفعال أكثر خطورة تتحمّلها المملكة وتسهّلها أحيانًا. هذا هو معالم السخط الانتقائي.

فيما تُحلّل كلمات علاء وتُعرض كحالة طارئة أخلاقياً، تواصل بريطانيا استضافة والتعاون مع مسؤولين إسرائيليين كبارٍ تُحمّلهم اتهامات بالمشاركة في التحريض أو الانخراط في أعمال قد ترقى إلى إبادة جماعية. مثال ذلك منح الحماية القانونية الخاصة لقائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، الذي أشرفت قواته على قصف واسع طال مستشفيات ومدارس ومنازل في غزة — مما مكّنه من زيارة الأراضي البريطانية بمعزل عن مخاطر الاعتقال بتهم جرائم حرب، كما أظهر تحقيق صحفي. لم يرافق ذلك صخب احتجاج مماثل.

كما زار الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ المملكة وحظي باستقبال رسمي، رغم تصريحات له في بدايات الحملة التي حمّلت الشعب الفلسطيني ككل مسؤولية وأخففت من تمييز المدنيين عن المشاركين في النزاع — تصريحات جُمعت ضمن قاعدة بيانات تُستخدم دعماً لقضية الإبادة المرفوعة ضد اسرائيل أمام محكمة العدل الدولية. ومع ذلك دخل هرتسوغ البلاد دون عرقلة واستُقبل من قِبل رئيس الوزراء، بينما غاب السخط ذاته عندما يتعلق الأمر باستقبال مسؤول يُوجَّه إليه الاتهام بالتحريض على جرائم جسيمة.

يقرأ  كيف نكرّم يومَ الشُّعوبِ الأَصْلِيَّةأنشطة وأفكار للاحتفال

ولم تُثر ضجة مماثلة حول مواطنين بريطانيين سافروا للالتحاق بالجيش الإسرائيلي خلال هجماته على غزة، التي وثقتها الأمم المتحدة ومنظمات كالعفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وأسفرت عن عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، وتدمير مستشفيات وجامعات وأحياء كاملة. رغم توثيق واسع لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتحذيرات محكمة العدل الدولية من مخاطر إبادة، لم تجرَّ بعد تحقيقات منهجية حول مدى تورط مواطنين بريطانيين في انتهاكات للقانون الدولي.

مرة أخرى، لا يوجد موجة استنكار مُستمرة.

في الوقت نفسه تواصل المملكة تصدير الأسلحة إلى اسرائيل والتعاون السياسي والعسكري والاستخباراتي معها. استمرت هذه السياسات رغم تحذيرات هيئات دولية من عواقب إنسانية وخروقات محتملة للقانون الدولي، وكل ذلك يحدث بتكلفة سياسية محدودة نسبياً.

والأمر اللافت أن تغريدة قديمة — لا القتل الجماعي، ولا الحصار، ولا التدمير الواسع للحياة المدنية، ولا حتى ما وُصف بالتحريض على إبادة — تُثير ذعرًا سياسياً في لندن.

هذا التباين ليس صدفة؛ إنه يفضح هرمية الغضب حيث تُراقب الأصوات المعارضة وتُعاقَب بينما لا تُحصى أعمال العنف التي يمارسها أصحاب السلطة، وحيث يتجه السخط العام إلى الأفراد «تحت»، لا إلى السلطة «فوق». تُظهر قضية علاء كيف تُستَعمل اللغة الأخلاقية انتقائياً — ليس لكبح الإفلات من العقاب، بل لإدارة الإحراج وعدم الرغبة في المواجهة.

هذه الازدواجية تقوّض مصداقية المبادئ التي تدّعي المملكة التمسك بها. حين تُدافع عن حقوق الإنسان انتقائياً، تتحول إلى أدوات منزلة لا إلى معايير كونية. وحين يصبح الغضب عالياً لكن غير متسق، يتحول إلى أداء صوري. وحين تُحجب المحاسبة عن الحلفاء الأقوياء، يتصلب الإفلات من العقاب سياسة متبعة.

من يدافعون عن هذا النهج يتذرعون أحيانًا بـ«الدبلوماسية الهادئة»، زاعمين أن ضبط النفس أكثر فعالية من المواجهة. لكن الدليل ضئيل على أن الصمت أوفر بالمساءلة — لا لعلاء ولا لمدنيين يتعرضون لعنف جماعي في غزة؛ فقد تحوّل التمييز بالمعاملة والإهمال إلى ما يشبه الإذن.

يقرأ  تُشير تقارير إلى مقتل سبعة أشخاص بعد استهداف إسرائيل لمتحدثٍ باسم حماس في مدينة غزة

المملكة تملك أدوات للتصرف بشكل مختلف: تعليق تصدير الأسلحة، فتح تحقيقات حول احتمال ارتكاب مواطنين لجرائم، ربط التعاون بالامتثال للقانون الدولي، ومنع زيارات مسؤولين متورطين في انتهاكات جسيمة. بقاء هذه الأدوات غير مُفعّلة إلى حد بعيد هو بحد ذاته إفصاح.

حتى يتغير ذلك، سيبقى الغضب انتقائياً، والمساءلة مشروطة، والإفلات من العقاب سائداً — وسيتسع الفجوة بين القيم التي تعلنها المملكة والعنف الذي تسهله.

الآراء الواردة هنا تعكس رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن موقف الجزيرة التحريري.

أضف تعليق