الحرب في السودان انهيار إنساني، اشتباكات ومأزق قتالي ديسمبر ٢٠٢٥ · أخبار الحرب في السودان

موجز: مجازر في كردفان، سيطرة على حقل نفطي حاسم، و”مساحة جريمة” في الفاشر — شهر دامي مع تراجع التمويل الدولي

ساحة المعارك والهيمنة العسكرية
العام الثالث للحرب في السودان شهد تحوّل مركز الثقل إلى منطقة وسط البلاد الاستراتيجية، كردفان، على حساب دارفور، مع مخاطر تقسيم البلد فعلياً. في الثامن من ديسمبر استولت قوات الدعم السريع على حقل هجليج النفطي الاستراتيجي في غرب كردفان — الأكبر في السودان — وبعد هجوم بطائرات مسيّرة دمّر منشآت بالمرفق، اتفق كل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وحكومة جوبا على نشر قوات جنوب سودانية لتأمين الحقل ونعته عن ساحة القتال.

اشتد العنف في عموم كردفان: أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على بابنوسة، بوابة غرب كردفان، بينما نفى الجيش سقوط المدينة تماماً. وفرضت قوات الدعم السريع حصوناً محكمة على كادوقلي والدلنج في جنوب كردفان، ودفعّت نحو العاصمة الاستراتيجية بشمال كردفان، الأبيض. شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً في استخدام الطائرات المسيّرة من الطرفين بتأثيرات مدمرة؛ هجوم على محطة كهرباء عطبرة في ولاية نهر النيل أطفأ التيار عن مدن رئيسية بينها بورتسودان، وفي كالوجي بجنوب كردفان أدى هجوم على روضة أطفال ومستشفى إلى مقتل ما لا يقل عن 116 شخصاً بينهم 46 طفلاً.

تعرضت عناصر حفظ السلام لهجمات أيضاً: في 13 ديسمبر ضربت طائرة مسيّرة قاعدة لوجستية للأمم المتحدة في كادوقلي ما أسفر عن مقتل ستة من حفظة السلام البنغلاديشيين وإصابة ثمانية آخرين، فيما ندّد الأمين العام للأمم المتحدة بأن الحادث قد يرتقي إلى جريمة حرب. وللمرة الأولى منذ سقوطها في أكتوبر دخل فريق أممي الفاشر ووصف المدينة، التي بدا عليها الإخلاء والخراب، بأنها “مساحة جريمة” بعد توثيق لعمليات ممنهجة لإحراق الجثث وتدمير أدلة على عمليات قتل جماعي، وفق تقرير مختبر البحوث الإنسانية بجامعة ييل. وفي حادث منفصل تحطمت طائرة نقل عسكرية من طراز إيل-76 في قاعدة عثمان دقنة ببورتسودان نتيجة عطل فني، ما أودى بحياة طاقمها بأكمله.

يقرأ  نكتة خطاب نيت بارغاتزي ولحظات بارزة لا تُنسى من حفل جوائز إيمي 2025

الأزمة الإنسانية
انهار تمويل الإغاثة: أعلنت الامم المتحدة أنها اضطرت إلى خفض مناشدتها لعام 2026 إلى 23 مليار دولار نتيجة إرهاق المانحين. ونتيجة لذلك حذّر برنامج الغذاء العالمي من أنه سيخفض الحصص الغذائية بنسبة 70٪ بدءاً من يناير، ما يفاقم خطر المجاعة عن ملايين المهددين.

وضعت منظمات الإغاثة السودان على رأس القوائم الطارئة: وضعت اللجنة الدولية للإنقاذ السودان في قمة قائمة المراقبة الطارئة لعام 2026 مشددة على تلاقي النزاع، الانهيار الاقتصادي، وتقلّص الدعم الدولي. كما وثقت منظمة مبادرة المرأة الاستراتيجية في القرن الإفريقي نحو 1300 حالة عنف جنسي منسوب 87٪ منها لقوات الدعم السريع، مع دلائل على توظيف اغتصاب كأداة حرب خصوصاً بحق مجموعات غير عربية.

الآثار الصحية كارثية؛ ارتفعت معدلات سوء التغذية بشكل حاد: ذكرت اليونيسف أن 53٪ من الأطفال الذين جرى فحصهم في شمال دارفور يعانون من سوء تغذية حاد، وفي الخرطوم أظهرت مسوح أن 97٪ من الأسر تواجه نقصاً حاداً في الغذاء، فيما شرعت السلطات في نبش قبور مؤقتة في أحياء سكنية لنقل الجثث إلى مقابر رسمية. ردّ الاتحاد الأوروبي كان إطلاق “جسر جوي” لتوصيل إمدادات إنقاذية إلى دارفور، واصفاً المنطقة بأنها واحدة من أصعب المناطق في العالم من حيث الوصول الإنساني، مع تراجع عام في الإمداات الأساسية.

الدبلوماسية والتطورات السياسية
مأزق أممي: عرض رئيس وزراء السودان خطة سلام على مجلس الأمن اقترحت انسحاب قوات الدعم السريع ونزع سلاحها، لكن الحركة رفضتها واصفة الاقتراح بـ”أمنيات خيالية”. من جانبه أعلن قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان من تركيا أنه يستبعد أي تسوية تفاوضية ويؤكد أن الحرب لن تنتهي إلا بـ”استسلام” ونزع سلاح الدعم السريع.

حركة مدنية جديدة: في نيروبي وقع قادة مدنيون، بينهم رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك وزعيم المعارضة عبد الواحد النور، إعلان تشكيل محور مدني مضاد للحرب يسعى لاستعادة المبادرة السياسية من الجنرالات المتحاربين.

يقرأ  ترامب يسعى لإعادة إحياء الانتداب البريطاني على فلسطين — دونالد ترامب

ضغط أمريكي وعقوبات: تصاعدت الضغوط الدبلوماسية الأمريكية مع تواصل جهود وزير الخارجية ماركو روبيو، وأصدرت وزارة الخزانة عقوبات بحق أربعة مواطنين وشركات كولومبية بتهمة تجنيد مرتزقة للقتال لصالح قوات الدعم السريع. وعلى صعيد العدالة الدولية، دانت المحكمة الجنائية الدولية علي كوشيب وأصدرت حكماً بالسجن عشرين عاماً لارتكابه جرائم حرب في دارفور بين 2003 و2004، وهو أول حكم من نوعه للمنطقة.

الخلاصة
شهر ديسمبر 2025 سجّل تصعيداً عسكرياً واستراتيجياً في كردفان، مع تبعات إنسانية كارثية ومشهد دولي يترنح بسبب تراجع التمويل وتباين المواقف السياسية. تتواصل المخاطر على المدنيين مع تهديدات مجاعة واسعة إذا لم تُستأنف جهود الإغاثة الدولية وتمت تسويات سياسية حقيقية.

أضف تعليق