أقال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسِث، في أحدث جولة تطهير داخل البنتاغون، قائد وكالة استخبارات الدفاع لواء/جنرال جيفري كروز إلى جانب مسؤولين بحريين رفيعي المستوى، بعد أن أثار تقييم أولي أصدرته الوكالة سخط الرئيس دونالد ترامب بتقوله إن الضربات الأمريكية على مواقع نووية إيرانية في يونيو أحدثت أضراراً محدودة فقط.
وقالت مصادر عسكرية وإعلامية إن الإقالات التي أعلن عنها يوم الجمعة شملت أيضاً اثنين من القادة العسكريين الكبار في البحرية، في إطار سلسلة تغييرات واسعة تشهدها وزارة الدفاع بأوامر من إدارة ترامب.
لم تتضح فوراً الأسباب القانونية أو الإدارية التي استندت إليها إقالة اللواء جيفري كروز، الذي تولى قيادة وكالة استخبارات الدفاع منذ أوائل 2024. لكن تقارير إعلامية أكدت أن الرئيس ترامب كان قد أعرب سابقاً عن استياءه من تقييم الوكالة الأولي بشأن نتائج الضربات، إذ بدا هذا التقييم متعارضاً مع تصريحات ترامب التي زعمت أن المواقع النووية قد دُمّرت تماماً.
وذكر مسؤول دفاعي رفيع، طالباً عدم نشر اسمه، أنّ كروز “لن يعود في منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات الدفاعية”، من دون تقديم تفسير مفصل لقرار الإقالة. قبل توليه هذا المنصب شغل كروز مناصب استشارية في شؤون العسكرية لدى مدير الاستخبارات الوطنية، كما كان مدير الاستخبارات للتحالف المناهض لتنظيم داعش.
وبحسب مصادر تحدثت إلى وكالتي رويترز وأسوشيتد برس، فقد شمل الإجراء أيضاً إقالة نائبة أدميرال البحرية نانسي لاكور، رئيسة احتياطي البحرية، والأدميرال ميجور ميلتون ساندز، ضابط قوات العمليات الخاصة البحرية والمكلف بقيادة قي command قيادة العمليات الخاصة البحرية.
قال الثلاثة إنهم لم يتلقوا تبريراً واضحاً لإقصائهم، في ظل جو متصاعد من المطالب بالولاء داخل مؤسسات الحكومة، وهو ما تكرر انتقاده من معارضي إدارة البيت الأبيض. واعتبر السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أن “إقالة مسؤول أمني رفيع آخر تؤكد خطورة تحول إدارة ترامب في التعامل مع الاستخبارات كاختبار ولاء بدلاً من كونها صمام أمان للأمة”.
منذ بداية ولايته الثانية في يناير، قاد ترامب سلسلة إقالات لمسؤولين عسكريين كبار، من بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز “سي كيو” براون الذي أُقيل في فبراير دون تفسير رسمي. وشملت الإقالات هذا العام رؤساء البحرية وخفر السواحل ورئيس وكالة الأمن القومي ونائب رئيس أركان القوات الجوية وعدداً من القادة القانونيين العسكريين وكبار الضباط المعينين لدى حلف شمال الأطلسي.
كما أعلن رئيس القوات الجوية بشكل مفاجئ في بيان الاثنين عزمه التقاعد قبل إتمام ولايته، في مؤشر آخر على الاضطرابات داخل قيادات البنتاغون. وأصر هيغسث على أن الرئيس يختار الأشخاص الذين يرى أنهم الأنسب لتولي المناصب القيادية، لكن نواب ديمقراطيين عبروا عن مخاوف من تسييس جيش تقليدياً محايد.
وفي خطوة تنظيمية موازية، أصدر هيغسث تعليمات بتخفيض عدد الجنرالات والأدميرالات الحاملين أربع نجوم بنسبة لا تقل عن 20% من المشمولين بالخدمة الفعلية، مع خفض إجمالي أعداد الضباط العامين وذوي الرتب العالية بنحو 10%.
وجاء إعلان إقالة كروز بعد يومين من إعلان مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غبارد أنها أصدرت بأمر من الرئيس قرار سحب صلاحيات الأمن من 37 من العاملين الحاليين والسابقين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية. كما أعلنت غبارد أول عملية إعادة هيكلة كبيرة لمكتبها منذ إنشائه، تشمل خفضاً في الموظفين يتجاوز 40% بحلول الأول من أكتوبر، وتوفيراً سنوياً يقدر بأكثر من 700 مليون دولار.
تُعد هذه التحركات جزءاً من سلسلة تغييرات جذرية داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية الأمريكية تعكس رغبة الإدارة في إعادة تشكيل القيادات، لكنها تثير في الوقت نفسه تساؤلات علنية حول تأثير السياسة على مؤسسات يشترط عليها الحياد والاستقرار.