عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين يتضورون جوعًا في مخيمات الخيام بقطاع غزة

ترقد هدى أبو ناجا هزيلة ومرهقة على مرتبة رقيقة داخل خيمة عائلتها في أحد مخيمات النزوح بدير البلح بوسط غزة.

تبدوان ذراعاهُا نحيفتين إلى حد مؤلم، وعظام جسدها بارزة تحت الجلد، علامة واضحة على سوء التغذية الحاد الذي تعانيه.

«ابنتي تعاني من سوء تغذية حاد منذ مارس عندما أغلقت إسرائيل حدود غزة»، تقول والدتها، سوميا أبو ناجا، وهي تلاطف وجهها.

«قضت ثلاثة أشهر في المستشفيات، لكن حالتها لم تتحسّن»، وأضافت السيدة وهي تشرح قرارها بإعادتها إلى خيمة العائلة بعد أن شاهدت وفاة خمسة أطفال جوعًا في مستشفى الناصر بخان يونس.

«كانت تزن 35 كيلوغرامًا، أما الآن فوزنها تراجع إلى 20 كيلو تقريبًا»، تقول الأم، مشيرة إلى شدة فقدان الوزن.

هدى ليست سوى واحدة من مئات الالاف الأطفال الفلسطينيين الذين يعانون من سوء التغذية في غزة، بحسب الجهات الصحية المحلية، في ظل استمرار إسرائيل في إغلاق دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى القطاع المقرر.

في يوم الجمعة أكدت مرصد جوع تدعمه الأمم المتحدة للمرة الأولى أن أكثر من نصف مليون شخص يواجهون المجاعة في شمال غزة — وهي التسمية الأولى من نوعها المسجلة في الشرق الأوسط.

وحذّر تصنيف «مرحلة الأمن الغذائي المتكامل» (IPC) من أن الرقم قد يصل إلى 614,000 مع توقع امتداد المجاعة إلى محافظتي دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر.

وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 280 شخصًا، بينهم أكثر من 110 أطفال، توفوا نتيجة الجوع الذي تسببت به الظروف المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب على غزة قبل ما يقارب عامين.

وأضاف التصنيف أن الأطفال هم الأكثر تضررًا، مع تقدير يُشير إلى أن نحو 132,000 طفل دون الخامسة معرضون لخطر الوفاة بسبب سوء التغذية الحاد بحلول يونيو 2026.

يقرأ  مايوركا ضد برشلونة — الدوري الإسباني: التشكيلات، موعد البداية وآخر أخبار المباراة

وقال الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال في مستشفى الناصر بخان يونس، إن 120 طفلًا يتلقون العلاج من سوء التغذية في المستشفى، بينما يعاني عشرات الآلاف في مخيمات النزوح من ندرة المساعدة.

وحذر الدكتور الفرا من أن الأطفال في غزة سيحملون آثار هذا النقص التغذوي طوال حياتهم، مرجعًا ذلك إلى افتقار المستشفيات في القطاع للموارد والإمدادات الكافية للتعامل مع الأزمة.

وقال محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في غزة، إن نحو 320,000 طفل في أنحاء القطاع في حالة سوء تغذية حاد، مضيفًا أن جميع المصابين داخل المستشفيات يعانون أيضًا من آثار النقص الغذائي في ظل الحصار المستمر.

ورفضت إسرائيل نتائج الـIPC، وقالت وزارتها الخارجية — رغم كمّ الأدلة المتكدسة — إنه «لا مجاعة في غزة».

ورغم أن إسرائيل سمحت بإدخال إمدادات محدودة إلى القطاع في الأسابيع الأخيرة وسط سخط دولي على أزمة المجاعة، ترى الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية أن ما يُسمح بدخوله لا يكفي على الإطلاق.

كما تعرّضت آلية توزيع المساعدات المدعومة إسرائيليًا والمعروفة باسم GHF لانتقادات باعتبارها غير فعالة وخطيرة، بعد مقتل أكثر من 2,000 فلسطيني على أيدي قوات إسرائيلية ومقاولين أمريكيين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء في مواقع التوزيع منذ أواخر مايو.

أثار تصنيف المجاعة من الـIPC موجة جديدة من الدعوات العاجلة لإسرائيل للسماح بتدفق ضخم ومستدام للمساعدات إلى غزة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الجمعة إن المجاعة «كارثة من صنع الإنسان، وادانة أخلاقية، وفشل للإنسانية ذاتها».

وقال كبير مسؤولي المساعدات في الأمم المتحدة توم فليتشر إن الجوع يحدث «على بعد مئات الأمتار من الغذاء» بينما تظل الشاحنات محبوسة على المعابر بسبب القيود الإسرائيلية، مطالبًا بأن تسمح إسرائيل بدخول الغذاء والدواء «بالحجم الضخم المطلوب».

يقرأ  بي بي سي تدافع عن تحقيق «أفريكا آي» حول تجارة الجنس بالأطفال في كينيا بعد مزاعم بأنه «خدعة»

أضف تعليق