ما يزال غامضاً إلى متى — وإن حصل — سيأمر بنيامين نتنياهو بتحريك العملية على نطاق واسع.
على مدى أسابيع بدا العالم كأنّه يترقّب صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أو غزوًا وشيكًا لقوات الدفاع الإسرائيلية لمدينة غزة؛ لكن لا شيء من ذلك تحقق حتى الآن.
ما الذي يجري إذن؟
أولاً، يشنّ الجيش الإسرائيلي هجمات ويطهّر أجزاء من شمال قطاع غزة المتاخمة لمدينة غزة، مثل منطقة Zeitun، حيث شُنّت هجمات أولى في خريف 2023 وعادت القوات إليها مرّات عدّة. المغاير هذه المرّة — لو قرّر رئيس الوزراء الموافقة على مخططات الغزو المسربة — سيكون سعي إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة نفسها ومحاولة الاحتفاظ بها.
في الأسابيع الأخيرة كثّف سلاح الجو ضرباته ضدّ حماس سواء في محيط مدينة غزة أو في مناطق أخرى. وفي الوقت نفسه تواصل الجيش اتصالاته مع المستشفيات والسلطات المدنية المركزية في القطاع للاستعداد وتنسيق إخلاء جماعي يطال نحو مليون مدني من سكان المنطقة.
وزارة الصحة التابعة لحماس أعلنت عن سقوط عشرات القتلى نهاية الأسبوع، مع العلم أن تقاريرها عادةً لا تميّز بين مسلحين من حماس ومدنيين أبرياء. ومع ذلك، تبدو النسب الحديثة لأضرار المدنيين إلى المسلحين من الأسوأ منذ بداية الحرب.
طوال فترة من النزاع أبلغ مسؤولون عسكريون خلف السّجّارات أن نسبة 60% مدنيين إلى 40% مسلحين كانت تقديراً واقعياً في مراحلٍ سبقت، حين كان الجيش يقتل آلافاً من مسلّحي حماس شهرياً أو حتى أسبوعياً. أما في النصف الأخير من السنة، فقد أبلغ الجيش بأنه قضى على قرابة ألفيْن من مسلّحي حماس، بينما تُنسب إلى وزارة صحة حماس نحو 11 ألف قتيل من غزه، ما يعطي تقريباً نسباً تقارب 85% مدنيين إلى 15% مسلحين.
في المقابل، تعمل إسرائيل على تجهيز مناطق خيام جديدة ومراكز استقبال طبية مؤقتة للتعامل مع الحركة الجماعية المخطّط لها لسكان غزة. كما عرضت قوات الدفاع أمثلة كثيرة على مبالغات حماس أو اختلاقها حوادث وهمية لوقائع سقوط مدنيين، لكن الجيش لم يستبعد تقديرات حماس تماماً وامتنع عن نشر تعداد مدنيين مُقدَّر من جانبه — وهو ما كان يفعله في النزاعات السابقة في القطاع.
من جهة أخرى، جرى استدعاء عشرات الآلاف من الاحتياط أو من المتوقع أن يجرى استدعاؤهم في الأسبوع الأول من أيلول/سبتمبر، ما يزيد الضغوط الداخلية مع استمرار الحرب في عامها الثاني دون تحقيق مكاسب ملموسة في إضعاف قدرات حماس على نحو كبير.
على الصعيد السياسي حصد نتنياهو مكسبًا محتملًا قبل أكثر من أسبوع عندما وافقت حماس أخيراً على تهدئة مؤقتة وصفقة جزئية لتبادل الأسرى، لكنه حتى وقت إعداد التقارير لم يباشر نقاشاً جاداً بقبول الصفقة، فتحوّل ذلك إلى إنجاز غير مضمون.
لا توجد معركة مفتوحة بين فريقين متنازعين داخل المؤسسة الإسرائيلية فحسب، بل هناك تباين واضح بين من يريد التسريع بغزو مدينة غزة للاستفادة من قتل مزيد من المسلحين والضغط على قادة حماس المتبقين، ومن يفضّل إطالة مرحلة ما قبل الغزو أسابيع أو شهوراً لتقليل مخاطر جنود الجيش والإسرائيليين المحتجزين والمدنيين الفلسطينيين.
بالمحصلة، يبقى غموض توقيت أو إصدار الأمر بتحريك العملية على نطاق واسع من نتنياهو، كما تبقى الأسئلة حول العوائد المتوقعة من ذلك مقارنةً بالتكاليف الإنسانية والاستراتيجية.