فنّ حمد بتّ: بين الحياة والموت

لندن — في شيء من الرهبة والجذب في تمثال قد يقتلك. سلسلة حمد بوت «المألوفات» (١٩٩٢) تضم ثلاث منحوتات، وإذا تحطمت إحداها فقد تُلوّث الهواء وتسبب أذى جسيمًا. «المألوفة ٣: المِهد» تبدو ككرة نيوتن الضخمة المعروفة كلعبة مكتبية، حيث تُطرح كرة على صف ثابت من الكرات المتشابهة فيتأرجحُ الطرف المقابل ثم يعود ليكرر الحركة. لكن هنا الكرات مصنوعة من زجاج مُفرغ ومختوم تحوي غاز الكلور الأخضر المصفر — العبث بهذه اللعبة يعني كارثة محققة.

تجسد هذه السلسلة استكشاف بوت الطويل لموضوعي الخطر والعدوى. صُنعت في ذروة وباء الايدز، وبعد تشخيص الفنان نفسه بقليل، وهو تشخيص سيقود إلى موته المبكر بعد عامين، فتسلط «المألوفات» ضوءًا مائلاً على تهديد المرض وعلى الأحاسيس المعقّدة والمتضاربة التي يثيرها احتمال العدوى. قطعة أخرى في السلسلة، «المألوفة ١: وحدة تصعيد المادة»، تتألف من سلمٍ درجاته أنابيب زجاجية تحتوي عناصر تسخين وبلورات اليود؛ تتوقف وتسري العناصر الحرارية دوريًا، فتتسامي بلورات اليود إلى غاز بنفسجي مخيف وجذاب في آنٍ واحد.

هي أعمال واثقة، معقّدة مفهوميًا، ومشحونة بالإيحاءات، تتماسك بثبات في الفضاء الكبير لصالة العرض الافتتاحية. يكوّن جمالها البسيطي والعلمي تباينًا فاتنًا مع بعض لوحات الفنان ورسوماته الأقدم المعروضة في الطابق العلوي. يشير نص جداري إلى أن بوت كان يرى منحوتاته ولوحاته متقاربة، خصوصًا على صعيد اللون؛ غير أن منحوتاته تميل إلى الصياغة الشكلانية بينما أعماله على الورق والقماش أقرب إلى التصويرية. لوحة بلا عنوان: «أجسام مع كمامات» (حوالي ١٩٨٤) تُظهر رجالًا عراة يطاردهم كلاب مقيدة بأقنعة شائكة إلى داخل مسطح مائي؛ المشهد، الذي يضيئه ظاهريًا مصباح عارٍ، يحمل قسوةً وعاطفةً في آن، وربما ينبع من تجربة بوت كباكستاني مثلي الجنس يعيش في بريطانيا خلال ثمانينيات القرن العشرين.

يقرأ  ناشط في الحفاظ على الحياة البرية بجنوب إفريقيا ينفي تورّطه في تهريب قرون وحيد القرن بقيمة 14 مليون دولار

تتكرر رموز الخوف والعدوى في أرجاء عمل بوت. سلسلة رسومات من عام ١٩٩٠ تصور نباتات التريفيد المخيفة من رواية الخيال العلمي لجون ويندهام «يوم التريفيد» (١٩٥١). يرسم بوت موازاة بين هذه النباتات الوحشية ولا مبالاة فيروس نقص المناعة البشرية بحياة الإنسان، معتبرًا إياه قوةً لا توقف تصبو إلى إنجاز قدرها.

ترتبط تلك الرسومات مباشرة بتركيبته «الانتقالات» (١٩٩٠)، المكوَّنة من تسعة كتب زجاجية منقوشة بصورة تريفيد ومضاءة بضوء فوق بنفسجي قد يضر العيون البشرية. يُطلب من الزوار ارتداء نظارات واقية لمشاهدة التركيبة، التي تلفت النظر إلى تحويل الأقليات الجنسية والعرقية إلى كبش فداء خلال أزمة الايدز وما تلاها. هنا، كما في أعمال أخرى، يلعب بوت بذكاء وبقوة على إحساسنا بالخوف، ممعنًا في تقصي مصدره سواء كان فطريًا أم مغروسًا فينا بفعل تلاعب سياسي أو ديني أو إعلامي. في يديه، تصبح العدوى أداة شعرية وواقعًا مدمرًا ملموسًا — وتُدعى لنا مشاركة الأحاسيس المعقّدة التي تثيرها.

القطع: «الانتقالات» (١٩٩٠) — زجاج، فولاذ، أضواء فوق بنفسجية وكابلات كهربائية. «المألوفة ٣: المِهد» (١٩٩٢) — زجاج مفرغ ومختوم، يودٍ بلوري، بروم سائل، غاز الكلور، ماء وفولاذ.

معرض «حمد بوت: اعتقالات» مستمر في غاليري وايت تشابل حتى ٧ سبتمبر. نظم المعرض كلّ من المتحف الأيرلندي للفن الحديث وغاليري وايت تشابل، وقام بتحريره دومينيك جونسون، جيلان توادروس، وشون كيسان.

أضف تعليق