آمي شيرالد، الرسّامة التي ألغت معرضها «الأمريكان سابلِم» في «المعرض الوطني للبورتريه» التابع لمؤسسة سميثسونيان في تموز/يوليو على خلفية مخاوف تتعلق بالرقابة، كسرت صمتها أخيراً في مقالة نُشرت على منصة MSNBC.
ألغت شيرالد عرضها المقرر في أيلول/سبتمبر بعدما نقَلَ المتحف احتمال إزالة لوحتها Trans Forming Liberty (2024)، التي تُصوّر العارضة وفنانة الأداء أريوا بسيط كتمثال الحرية، لكن بملامح امرأة متحولة من أصحاب البشرة السوداء؛ اللوحة ظهرت هذا الشهر على غلاف مجلة نيويوركر.
في وقت سابق، صرّحت شيرالد لصحيفة نيويورك تايمز قائلة: «رغم أنّه لا يمكن إلقاء اللوم على شخص بعينه، فإن الخوف المؤسسي المتشكّل بفعل مناخ عام من العداوة السياسية تجاه حياة المتحولين لعب دوراً. هذه اللوحة وُجدت لتمنح مساحة لشخص أُسيّست إنسانيته سياسياً وتجاهلها الآخرون. لا أستطيع بحسن ضمير أن ألتزم بثقافة الرقابة، خصوصاً حين تستهدف مجتمعات ضعيفة».
في تأمّلها الموسّع للأحداث، تؤكد شيرالد على رسالتها السابقة وتضيف تفاصيل عن ما جرى داخل سميثسونيان. أسابيع قليلة قبل قرارها بإلغاء المعرض، تردَّد أن عروض مؤسسة سميثسونيان ستخضع لمراجعة من البيت الأبيض، الذي زعم أن برامجه انحرفت عن «عظمة أمتنا أو ملايين الأميركيين الذين ساهموا في تقدّمها» وأنها يجب أن «تحتفي بالتفرد الأمريكي».
مع أن سميثسونيان تحصل على نحو ثلثي موازنتها السنوية البالغة مليار دولار من الحكومة الفدرالية، فهي لا تُعد كياناً فدرالياً خالصاً. وتعلّق شيرالد في مقالها: «عندما تقوم الحكومات بمراقبة المتاحف، فهي لا تراقب المعارض فحسب؛ بل تراقب الخيال ذاته». وتضيف: «قصة هذا البلد كانت دوماً متضاربة: عبودية إلى جانب حرية، محو ذاكرة إلى جانب ابتكار. يحمل الفن ما يفوق قدرة اللغة على حمله. والمتاحف—في أحسن حالاتها—تمنحنا الصورة كاملة لا الصورة المزّيفة الجميلة».
تستعرض شيرالد أيضاً تاريخ العلاقة المعقّدة بين المؤسسة ورؤساء متعاقبين؛ من وودرو ويلسون الذي ضُغط على المؤسسة لفرض قوانين التمييز العِرقي «جيم كرو»، رغم أن امتيازها الجزئي عن الحكومة سمح لها بمقاومة هذه الضغوط، إلى هربرت هوفر الذي سمح—عن طريق مفوضين في سميثسونيان—بعرض تنقّلي بعنوان «فنانون أميركان نيغرو» لكن في بهو مُضاء بإضاءة خافتة.
أمثلة أحدث تضمنت إعادة صياغة معرض إنولا غاي في 1995 بسبب ردود فعل سياسية تركزت على أثر القنبلة الذرية على اليابانيين، فضلاً عن ضغوط نيابية أدت إلى رقابة أجزاء من معرض سميثسونيان عن تاريخ LGBTQ+ بعنوان «Hide/Seek» في 2010.
مع أن سميثسونيان كان قد أكّد استقلّيته عن التدخّل الرئاسي في الشؤون الرقابية، فقد تعرّضت برامجه وقيادتها لتدقيق مباشر من إدارة ترامب. في كانون الثاني/يناير أُعلن إنهاء برامج التنوع والمساواة والشمول، وفرض تجميد على التوظيف في المناصب الفدرالية. وفي آذار/مارس أصدر البيت الأبيض أمراً تنفيذياً يطالب مجلس الأمناء لدى المؤسسة بالقضاء على «الأيديولوجيا غير الملائمة أو المفرقة أو المعادية لأمريكا» داخل متاحفها. وفي أيار/مايو استقالت كيم ساجيت من إدارة المعرض الوطني للبورتريه بعد أن أعلن ترامب أنه أقالها لدعمها برامج التنوع والشمول.
تشير شيرالد كذلك إلى تطورات وقعت بعد قرارها بالإلغاء، مثل إزالة عرض محاكمة ترامب من العرض العام في المتحف الوطني للتاريخ الأميركي—وهو ما تم إعادته لاحقاً مع لوحة تفسيرية مُحدَّثة—، وكذلك شكاوى ترامب بأن المؤسسة انصبّت كثيراً على «مدى بشاعة العبودية» ووصفه للمتاحف بأنها آخر بقايا «الواوْك» (WOKE). وتقول شيرالد إن مواقف متقلّبة كهذه كانت سبباً إضافياً لانسحابها: «أصبح من الواضح خلال تبادلاتي مع المعرض مدى سرعة انهيار الاستقلالية المنهجية حين تدخل السياسة الغرفة».
عرف الجمهور آمي شيرالد بصورة أوسع منذ عام 2018 بفضل بورتريهها للسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما. وتشتهر بشيرالد بلوحات الباستيل المتمعّنة التي تُجسّد الأميركيين السود محمّلة بمزاج من الحزن والبهجة معاً، ومؤطّرة بقضايا الواقع السياسي في امريكا.
ضمّ معرض «الأمريكان سابلِم» نحو خمسين عملاً لشيرالد، وكان من أكبر وأشمل عروضها حتى الآن؛ نُظِّم أصلاً من قِبل متحف الفن الحديث في سان فرانسيسكو وجرى عرضه لاحقاً في متحف ويتني. وكان من المقرّر أن تكون نسخة المعرض في سميثسونيان أول عرض منفرد من هذا النوع لفنان أسود معاصر داخل هذه المؤسسة لو أُقِيمت.
وتختم شيرالد قائلة: «المتاحف ليست منصات للوفاء؛ إنها مختبرات مدنية. أماكن نتصارع فيها مع التناقضات، نواجه فيها المجهول ونوسّع بها دائرة تعاطفنا. لكن ذلك شرط أن تبقى حرة. إذ لم تفعل، نخسر أكثر من معارض؛ نخسر الفضاءات العامة التي يقف فيها الخيال بوجه السلطة. وحين يحدث ذلك، لن تعود القصص التي نرثها أو المستقبل الذي نتخيّله ملكاً لنا».
طلبت ARTnews تعليقاً من سميثسونيان، ولم تتلق ردّاً حتى وقت النشر.