لمدة وجيزة عند النظرة الأولى، يبدو فيلما سوبر 8 اللذان تشكل بهما عرض أوفوما إسي في متحف الفن الحديث متنافسين على لفت الانتباه. «الأجساد في الخلاف» (2021) يجمع في ست دقائق مقتضبة لقطات الفنانة لأداء نَـمْبي كييـرا مع أفلام أرشيفية من حفل جاز في الستينيات وقطع راقصة، بينما من الجانب الآخر من القاعة يستمر «نصف ذاكرة» (2024) لمدة سبع وعشرين دقيقة غير خطية، مسجّلاً ثلاث سنوات من التصوير في بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا. سرعان ما تتكامل القطعان، فتفتح أجواؤهما الحلمية آفاقاً مشتركة عن التاريخ والذاكرة، محاكاةً لصوتيات الفنانات والمثقفين السود.
في «الأجساد في الخلاف» تتداخل لقطات نَـمبي كييـرا وهي تؤدي في مرج أخضر مع مواد بالأبيض والأسود لمَاكس روتش وآبي لينكون من حفل عام 1964، إضافة إلى مقتطفات أرشيفية للراقصة لوريتا أбот. تظهر كييـرا مرتدية ثوباً أسود طويلاً، أحياناً من بعيد وأحياناً مقرَّبة، بينما يُسمَع من الخلف صوت الحفل مضمّناً داخل البنية السينمائية للفيلم.
«نصف ذاكرة» ينطلق من فكرة توني موريسون في مقالها «موقع الذاكرة» ومفهومها للـ«إعادة التذكر» — إذ تعود الذكريات المكبوتة عبر قوة حية — ليبحث في ذاكرة الأفراد والجماعات وتاريخهم. تتراكب في الفيلم صور حبيبية لأماكن عامة كمدن وشواطئ، توحي بأنها مواد مُلتقطة عشوائياً أو لقطات مراقبة، مشبعةً بنصوص موريسون وأصوات عالِمات نسويات سوداوات.
الوصف المتداول لعمل إسي، بما في ذلك بيانها الفني، يميل إلى إطار تفسيري يتحدث عن «ابستمولوجيا النسوية السوداء وتكوين التواريخ المهجّرة»، لكن الأفلام نفسها أبعد ما تكون عن الجافة الأكاديمية: هي تأملية، حدتها الزمنيّ يغلب عليه الإيقاع البطيء ولوحة ألوان باهتة في «نصف ذاكرة» تعكس كيف تتماسك الذكريات وتذوب وتطفو من جديد، بينما يحتضن المشهد الرعوي في «الأجساد في الخلاف» حركات المؤدية الأنيقة مُحوِّلاً العمل إلى تقريب بصري شِعري كاللوحة.
موقع العرض في إحدى قاعات الطابق الأرضي المجانية بالمتحف يجعل الوصول إليه أمراً مشجعاً لعشّاق الفن الذين لا يملكون ميزانية كبيرة للزيارة. تذكّر ممارسات إسي الموسيقية والمكانية ببعض أعمال كولين سميث، مثل تحيتها لأليس كولترين في «الحاجّ» (2017)، حيث تتوازن الرؤية السينمائية بين التجريد والسرد بشكل قد يوحّد بين أسلوبيهما؛ غير أن الفجوة الزمنية بين الفنانتين واضحة — فإسي من مواليد 1995 وسِيرتها الجمالية ما تزال في طور التشكل.
ربما كانت المواد السردية-الأرشيفية أو معلومات خلفية عن نشاط روش ولينكون الموسيقي يمكن أن تمنح العرض بعداً إضافياً، لكن قدرة إسي في هذين الفيلمَين تكمن في تجسيد همومها المفاهيمية عبر وسائل جمالية وحسية: «نصف ذاكرة» يستحضر آليات الذاكرة وعلاقتها بالتواريخ الرسمية والمكبوتة عبر مونتاج سائِل، و«الأجساد في الخلاف» ينسج حاضر وفائت الفن والنضال الأسود عن طريق الموسيقى والجسد. الأثر دقيق لكنه يظل مع المتفرج.
يستمر عرض أوفوما إسي في متحف الفن الحديث (11 وست 53 شارع، ميدتاون، مانهاتن) حتى الثالث عشر من أكتوبر. نسّق المعرض جي ويسلي.