الحقائب المتروكة تتحوّل إلى إزعاج مفاجئ للمسافرين في اليابان

لقد تكرَّمتُ بزيارة اليابان مراتٍ عدة، وفي كل رحلة أندهش من آداب الناس ونظافة المدن وانسجام النظام اليومي. لكن تقارير محلية جديدة تشير إلى ظاهرة مفاجئة: حقائبٌ مهجورة. من شوارع كابوكي-تشو المضيئة في طوكيو إلى بوابات مطار ناريتّا، باتت الأمتعة المنسية أو المتروكة عن قصد تمثّل مشكلةً ظاهريةً تثير تحديات اجتماعية ولوجستية على حد سواء.

ازدياد الأعداد في المطارات
في مطار ناريتّا الدولي وحده، جُمِعَت نحو 700 حقيبة مهجورة خلال عام 2024، أي ما يقارب ضعف العدد في العام السابق. تتراوح هذه الحقائب بين حقائب يد شبه ممتلئة وحقائب سفر كبيرة بعجلات لم يتمكن أصحابها من حملها على الطائرة عند الوعي الأخير بالمقاسات. وبصفتي قد مشيت في أروقة ناريتّا مرات عديدة، يصعب عليّ تصوُّر مئات الحقائب تنتظر بهدوء في مخازن بلَدٍ يشتهر بالنظام.

قضية قانونية بارزة
هذا الصيف وُجّهت تهمة رسمية لرجلٍ ترك حقيبة فارغة في مطار تشوبو سينترير بمحافظة آيتشي؛ مبرّره كان بسيطاً: الحقيبة كانت كبيرةً جداً كي تُسجّل، ففرغها وتركها خلفه.

لماذا يترك المسافرين أمتعتهم؟
التركيز هنا لا يَكمن دائماً في النسيان، بل في قواعد شركات الطيران الخاصة بالأمتعة. روّادٌ كثيرون عبّروا عن استيائهم على الإنترنت، ويمكن أن أتفهّم الذعر عند مكتب إنهاء الإجراءات حين تتغيّر السياسات في آخر لحظة. لا شيء يزعزع هدوء رحلة في اليابان أسرع من رسومٍ مفاجئة على الأمتعة.

تأثيرٌ يطال الفنادق أيضاً
لا تنحصر الظاهرة في المطارات؛ ففنادق أوساكا وطوكيو تُبلِغ عن مغادرة نزلاء تترُك وراءهم من 20 إلى 30 حقيبة شهرياً. وضعٌ كهذا يضغط على مرافق الفنادق، إذ أن غرف اليابان عادةً ما تكون مضغوطة، ومخازن الكادر الخلفي غير مهيأة لاستيعاب كميات كبيرة من الأمتعة. ومع ذلك، ثمة جانبٌ إيجابي: بعض الحقائب غير المطالب بها يُعاد توظيفها لدعم طلابٍ يدرسون في الخارج أو لأغراض خيرية.

يقرأ  مقتل خمسة من رجال الشرطة في هجوم بمنطقة جنوب شرق إيران المضطربة

استجابات عملية
بدأت بعض الشركات تتدخّل بحلول عملية؛ ففي ناريتّا، على سبيل المثال، عرضت محلّات لوازم السفر خدمة جمع الحقائب القديمة مجاناً عند شراء حقيبة بديلة، خطوة تُسهِم في تقليل الأمتعة المتراكمة.

نصائح للمسافرين
إذا كنت مسافراً إلى اليابان أو تمر عبرها، من الحكمة مراجعة قواعد الأمتعة لكلٍ من الرحلة القادمة والرحلة العائدة لأن اللوائح قد تختلف بحسب المسار وشراكات شركات الطيران ونوع التذكرة. لتجنّب التوتر وتكاليف إضافية:
✅ راجع بدل الأمتعة قبل السفر، وبخاصة لرحلة العودة
✅ فكّر في استخدام خدمات الشحن مثل نظام تاكّيبين لإرسال الأمتعة إلى الوطن أو إلى الفندق التالي
✅ استفسر عن خيارات التخلص أو إعادة التدوير في المطارات أو محلات الأمتعة إذا كانت حقيبتك تالفة أو غير قابلة للاستخدام

نظرة مستقبلية
اليابان ليست الدولة الوحيدة التي تواجه مشكلة الأمتعة المهجورة؛ فمثلاً مطار سيدني يطرح سلعاً غير مُطالَب بها في مزاداتٍ خيرية. لكن تزايد الحقائب المتروكة في طوكيو وأوساكا يبرز تحدياً متنامياً في السفر الجوي المعاصر. مع ارتفاع رسوم الأمتعة وازدياد امتلاك المسافرين لأمتعة أكثر، يصبح هذا الكلفة الخفية للسياحة أمراً أصعب على التجاهل. ومن منظوري، هي شذوذة نادرة في تجربة سفرٍ سلسةٍ عادةً ما تقدّمها اليابان. وبينما تختبر اليابان حلولاً مختلفة، تذكّر المسافر: أحياناً أغرب تذكارٍ تعود به من رحلةٍ خارجية هو الحقيبة التي تركتها خلفك.

أضف تعليق