لماذا نشعر بأنّ الحرارة أشدّ ممّا تُنبئ به التوقّعات؟ — أخبار أزمة المناخ

هل لاحظت يوماً أن نشرة الطقس تعرض كلاً من درجة الحرارة الفعلية ودرجة حرارة تُسمّى «الشعور الحراري»؟

فوق 30 درجة مئوية (حوالي 86 فهرنهايت) تكون التجربة مختلفة تماماً إذا كان الجو به نسيم جاف عنها حين يكون الهواء راكدًا ورطباً. في هذا الشرح المرئي نبيّن الفرق بين حرارة الهواء الفعلية و«درجة الشعور»، ونبرز المناطق في العالم التي تشهد أعلى مستويات إجهاد الحرارة.

أولاً — كيف تُقاس الحرارة؟
القراءات التي تراها في الأخبار أو في تطبيق الطقس على هاتفك تعتمد على شبكة من محطات الأرصاد المنتشرة حول العالم. لضمان دقة القياسات، تعتمد معظم المحطات على مجسات مقاومة من البلاتين توضع داخل حاويات مظللة تُعرف بشاشة ستيفنسون. تُؤخذ القياسات على ارتفاع معياري يتراوح بين 1.25 و2 متر فوق سطح الأرض، لتُعطي قراءة تعكس حرارة الهواء التي يشعر بها الناس فعلاً.

مقيا س الحرارة
هناك مقياسان معروفان لقياس الحرارة: المئوي (سلسيوس) والفهرنهايت. دول قليلة فقط، مثل الولايات المتحدة، تعتمد الفهرنهايت رسمياً، بينما يستخدم معظم العالم مقياس سلسلة أندرس سلسيوس، الذي وضع مقياس الصفر إلى المائة لدرجة التجمد والغليان عام 1742.

ما الذي يقيسه «الشعور الحراري»؟
قياس حرارة الهواء وحده لا يعكس دائماً مدى سخونة أو برودة الإحساس الجسدي. لذلك تُدرج تقارير الطقس غالباً «درجة الشعور» في الحالات الحارة. هذا المقياس يعدّل حرارة الهواء ليعكس ما يشعر به الجسم فعلاً، آخذًا في الاعتبار عوامل مثل الرطوبة وسرعة الرياح والتعرض للشمس.

الرطوبة
الرطوبة تقيس مقدار بخار الماء في الهواء. أفضل حرارة داخل الجسم تكون عند نحو 37°م (98.6°ف)، ولتبريد الجسم تتسع الأوعية الدموية لتقريب الدم من الجلد وتفرز الغدد العرقية رطوبة تتبخر حاملةً الحرارة بعيداً. لكن في الأجواء الرطبة تتباطأ عملية التبخر، فيضعف ذلك نظام التبريد ويزيد خطر الإجهاد الحراري حتى مع التعرّق المستمر.

يقرأ  اشتباكات واعتقالات في تظاهرات بأرجاء بريطانيا احتجاجًا على فنادق إيواء طالبي اللجوء

سرعة الرياح
لطريقة تأثير الرياح على «الشعور الحراري» وجهان متعاكسان بحسب البرودة أو الحرارة. في الطقس البارد تُسهم الرياح في فقدان الحرارة من الجسم عبر إزاحة الطبقة الدافئة المحيطة بالجلد، فكلما زادت سرعة الرياح ازداد الإحساس بالبرودة. أما في الطقس الحار، فإن نسمة هواء لطيفة تساعد على تبخر العرق فتخفف الإحساس بالحر.

التعرض لأشعة الشمس
التعرض المباشر للشمس يجعل الجو يبدو أحر من حرارة الهواء المُقاسة في الظل، لأن الجسم يمتص الإشعاع تحت الحمراء من الشمس. حتى لو سجل الترمو متر نفس القراءة، تضيف الشمس دفئاً إضافياً، ولهذا تبدو الأماكن المظلّلة أبرد.

إلى أي مدى يمكن أن يصل إجهاد الحرارة؟
يحدث إجهاد الحرارة عندما يمتص الجسم حرارة أكثر مما يستطيع أن يفرّق. وقد ينتج ذلك عن النشاط البدني، أو عن درجات حرارة عالية في الهواء، أو رطوبة مرتفعة، أو تعرض مباشر للشمس. لتكمية كيفية تجربة البشر للظروف الحرارية تُستخدم مؤشر المناخ الحراري العالمي (UTCI)، وهو مؤشر بيولوجي من عشر فئات حرارية تتدرّج من حرارة قصوى (فوق 46°م / 115°ف) إلى برودة شديدة (أدنى من -40°م / -40°ف). في ظروف قصوى قد تختلف «درجة الشعور» عن حرارة الهواء الحقيقية بما يصل إلى 15°م (27°ف) أو أكثر.

الخريطة توضح الفرق
الرسوم البيانية تُظهر الفجوة بين حرارة الهواء الفعلية و«الشعور الحراري» عبر مدن متعددة؛ فالمناطق ذات الرطوبة العالية أو التعرض المباشر للشمس غالباً ما تسجل درجات شعور حراري أعلى بكثير من الحرارة المقيّسة، بينما تُشعر الرياح أو المناطق الباردة بانخفاض كبير في الشعور الحراري.

أين يكون إجهاد الحرارة الأعلى؟
حسب منظمة الصحة العالمية، يُعد إجهاد الحرارة السبب الرئيسي للوفيات المتعلقة بالطقس، ويمكن أن يزيد من سوء حالات الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية، والسكري، والصحة النفسية، والربو، كما يزيد مخاطر الحوادث وانتقال بعض الأمراض المعدية. وبيانات خدمة تغير المناخ كوبيرنيكوس (C3S) تشير إلى أن بغداد في العراق سجّلت أعلى مستوى لإجهاد الحرارة عالمياً عند 50.8°م (123.4°ف)، تليها مدينة الكويت عند 50.3°م (122.5°ف) والدوحة عند 49.2°م (120.6°ف). المناطق الأكثر عرضة لإجهاد الحرارة هي تلك التي تجمع بين درجات حرارة مرتفعة جداً، رطوبة عالية، وتعرّض شمس قوي.

يقرأ  إسرائيل تستهدف فرق الطوارئ أثناء محاولتها إنقاذ المحاصرين في مدينة غزة

أضف تعليق