مقطع يُظهر حراساً مسلّحين يدمّرون «قارب درون» بحريّاً تابعاً للحوثيين — وليس قراصنة صوماليين

الملخص
في الأشهر الأخيرة تداوَلَت منصات التواصل الاجتماعي مقاطع تزعم أنّ قراصنة صوماليين تعرضوا لإطلاق نار قبالة القرن الإفريقي خلال محاولة نهب سفينة شحن. هذا الادعاء غير صحيح: المشاهد تعود إلى حادثة وقعت في البحر الأحمر عام 2024، حيث أطلق حراس مسلحون على متن سفينة حاويات – طاقم أمني اوكراني – النار على زورق سطحي مسيَّر تابع لمليشيات الحوثي فأدى ذلك إلى تدميره.

ادعاء منشور على فيسبوك
نصّ منشور نشر في 11 أغسطس 2025 وصف المحاولة بأنها هجوم جرئ من قِبل قراصنة صوماليين على سفينة شحن «لكن خططهم انهارت سريعاً لأن السفينة كانت محمية بطاقم أمني مسلح». رافق المنشور مقطع فيديو يُظهر سفينة شحن وزورقاً صغيراً يندفع نحوها، ثم حراس على ظهر السفينة يطلقون النار فتأخذ القارب النيران قبل أن يصل إلى الهدف. نُشرت المقاطع نفسها لاحقاً على منصات أخرى مع ادعاءات مماثلة.

قراصنة صوماليون: لمحة تاريخية
نشأ خطر القرصنة الصومالية في أواخر تسعينيات القرن الماضي بعد انهيار السلطة المركزية في الصومال عام 1991، مما ترك المياه الإقليمية دون حماية فعالة. استغلّت جماعات مسلحة هذا الفراغ فبدأت عمليات احتجاز السفن وطلب الفدية في خليج عدن والمناطق المجاورة في المحيط الهندي. بلغ نشاط القرصنة ذروته عام 2011 بعدد هجمات بلغ مئات الحوادث، وقدّرت دراسات أن الكلفة الاقتصادية العالمية المرتبطة بالقرصنة بلغت مليارات الدولارات في وقت ذاك.

تلاشى عدد كبير من هذه الهجمات لاحقاً بفضل دوريات بحرية دولية مستمرة، أبرزها عملية أتالانتا التابعة للقوة البحرية الأوروبية والفرقة المشتركة 151، بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد على فرق أمنية مسلحة على متن السفن. نتائج هذه الإجراءات أدّت إلى تراجع ملحوظ في حوادث القرصنة بحلول عام 2013. ورغم ذلك لا تزال هناك حوادث معزولة؛ وآخر حادث بارز وقع عام 2017 عندما أقدم قراصنة على اختطاف ناقلة نفطية مسجلة في جزر القمر. كما أُبلغ عن حوادث مبكرة في 2025 شملت سفناً ومنصات صيد صغيرة قبالة السواحل الصومالية، لكن لا توجد دلائل تربط مقطع الفيديو المتداول بها بعمليات قرصنة صومالية حديثة.

يقرأ  مهاجرون إثيوبيون يواجهون الخطف والموت وعائلاتهم تظل مكسورة القلب

تثبيت الخطأ: قارب حوثي مُسيَّر
قام فريق تحقق مستقل بإجراء بحث عكسي عن إطارات مفتاحية من الفيديو فتبين أن المقطع قديم وغير مرتبط بعمليات قرصنة صومالية. نُشِر تقرير مطوّل في 23 يوليو 2024 أفاد بأن الحادث وقع في 20 يوليو عندما أطلق حراس على متن سفينة حاويات مسجلة في لِيبيريا اسمها «Pumba» نحو زوارق سطحية مسيّرة تابعة للحوثيين على بعد نحو 64 ميلاً بحرياً شمال‑غرب مدينة المخاء اليمنية في البحر الأحمر، فانفجر أحدها بعد إصابته.

توضيح حول «USV»
الـ USV هي مركبة سطحية غير مأهولة تعمل دون طاقم على متنها، يمكن التحكم فيها عن بُعد أو برمجتها لأداء مهام محددة، وقد تُحمّل بمتفجرات بهدف الاصطدام بالسفن والتفجير. في المقطع المتداول تتطابق ملامح ظهر السفينة ومشهد انفجار الزورق مع لقطات ونشرت سابقة مما يؤكد أنه نفس الحدث، لا هجوماً من قراصنة صوماليين.

إجراءات وتحذيرات رسمية
أصدر مكتب العمليات البحرية البريطاني (UKMTO)، الذي يربط بين القوات العسكرية والسفن التجارية في المنطقة، تحذيراً يتعلق بالحادثة آنذاك، ونقل بيان قائد السفينة وقوع هجومين: الأول بطائرة مسيّرة جوية (UAS) انفجرت قرب السفينة وأحدثت أضراراً طفيفة، والثاني بزورق سطحي مسيّر (USV) انفجر أيضاً على مقربة منها. تداولت وسائل إعلام دولية الموضوع وأفادت بتفاصيل متقاربة.

خلاصة
الادعاءات التي ربطت المقطع المتداول بقراصنة صوماليين مضللة. الدليل الدقيق والمقارنات الإطارية والشهادات الميدانية تشير بوضوح إلى أن الفيديو يصوّر تدمير زورق سطحي مسيَّر تابع لمليشيات الحوثي على يد حراس سفينة في البحر الأحمر عام 2024، لا عملية اعتراض أو قتال ضد قراصنة صوماليين.

أضف تعليق