سفن حرب أميركية تقترب من المياه الفنزويلية في جنوب البحر الكاريبي، في إطار جهود إدارة الرئيس دونالد ترامب لمكافحة تهريب المخدرات، حسب تقارير صحفية.
اتهامات واشنطن
الإداره الأميركية اتهمت الرئيس اليساري الفنزويلي نيكولاس مادورو بالتورط في تهريب الكوكايين والتعاون مع شبكات المخدرات. وفي 7 أغسطس، ضاعفت وزارتا الخارجية والعدل مبلغ المكافأة للمعلومات التي تؤدي إلى اعتقال مادورو إلى 50 مليون دولار، ووصفتْه بأنها «أحد أكبر مهربي المخدرات في العالم».
رد مادورو
رداً على ذلك، دعا مادورو ملايين الفنزويليين للانضمام إلى الميليشيات، قائلاً إن «لا إمبراطورية ستلمس أرض فنزويلا المقدسة». وفي وقت لاحق أعلنت الحكومة إرسال 15,000 جندي إلى الحدود مع كولومبيا لمكافحة تهريب المخدرات، في ظل تزايد الضغوط من إدارة ترامب.
لماذا التوّجه نحو المياه الفنزويلية؟
عدة تقارير ذكرت أن إدارة ترامب أرسلت سفناً حربية إلى جنوب البحر الكاريبي، ووصفت هذه المهمات بأنها تهدف إلى مواجهة تهديدات للأمن القومي الأميركي تصدر عن منظمات في المنطقة صنّفتها الولايات المتحدة كـ«منظمات نركوـإرهابية». صحيفة نيويورك تايمز نقلت أن ترامب وقّع توجيهاً سرياً يأمر البنتاغون باستخدام القوة العسكرية ضد بعض عصابات المخدرات اللاتينية المصنفة كمنظمات «إرهابية» أجنبية.
نشر وتعزيز التواجد البحري
وكالة رويترز نقلت أن الولايات المتحدة أمرت بإرسال سفن إضافية إلى جنوب الكاريبي، وأن الفرقاطة الصاروخية USS Lake Erie والغواصة الهجومية النووية USS Newport News ستصلان إلى المنطقة خلال الأسبوع التالي. كذلك تردَّدت أنباء عن توجه ثلاث مدمرات مزودة بنظام Aegis إلى المياه القريبة من فنزويلا، وعن إبحار حاملتي جنود برمائيات وسفن نقل برمائية تحمل نحو 4,500 عنصر من القوات الأميركية، بينهم نحو 2,200 من مشاة البحرية.
المهام والأهداف
المصادر التي تحدثت لرويترز امتنعَت عن الإفصاح عن أهداف الانتشار بالتفصيل، لكنها أكدت أن التحركات العسكرية الأخيرة مبرمجة لمواجهة تهديدات للأمن القومي الأميركي من منظمات صنفتها واشنطن كـ«نركوـإرهابية». قِوَادَة أسطول القوات البحرية الأميركية أعلنت عن مغادرة مجموعة Iwo Jima Amphibious Ready Group من نورفولك وفورت ليجون، دون تفصيل واضح لموقع المهمة.
الموقف الرسمي الأميركي
متحدثة البيت الأبيض كارولين ليفيت قالت إن الرئيس ترامب «واضح وثابت» بشأن استعداده لاستخدام كل عناصر القوة الأميركية لوقف تدفق المخدرات إلى البلاد ومحاسبة المسؤولين. وأكدت أن الولايات المتحدة لا تعترف بشرعية إدارة مادورو، علماً بأن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين مقطوعة منذ 2019.
استراتيجية ترامب ضد مهربي المخدرات
في يوم تنصيبه، 21 يناير، وقّع ترامب أمراً تنفيذياً يصنّف عصابات المخدرات الدولية كمنظمات «إرهابية» أجنبية. نص الأمر على أن بعض هذه الجماعات تعمل في أجزاء من المكسيك ككيانات شبة حكومية، ما أثار معارضة مكسيكية خشية أن يفتح الباب أمام مشاركة عسكرية أميركية في أراضيها. رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم أعلنت تعاون حكومتها مع واشنطن في مكافحة المخدرات لكنها شددت على الدفاع عن سيادة البلاد واستقلالها.
اتهامات إضافية وتدابير متبادلة
ترامب اتهم أيضاً كندا والمكسيك بالفشل في منع تهريب مادة الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، من دون تقديم أدلة علنية. وبعد تهديدات بفرض رسوم جمركية على الواردات المكسيكية، نشرت المكسيك 10,000 من الحرس الوطني على حدودها مع الولايات المتحدة لتنظيم الهجرة. في 20 فبراير، أدرجت وزارة الخارجية الأميركية ثمانية كارتلات دولية على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بينها كارتل الخليج، سينالوا، خاليسكو نيو جنيريشن، كارتيليس أونيدوس، لا نوفا فاميليا ميخواكانا، كارتل ديل نورتي، مجموعة MS-13 ومجموعة ترين دي أراجوا الفنزويلية. ولاحقاً سلمت المكسيك 29 زعيماً من قادة الكارتلات للولايات المتحدة.
اتهامات محددة لمادورو وكابيّيو
المسؤولون الأميركيون اتهموا مادورو ووزير الداخلية القوي دي أوسادو كابيّو بالتعاون مع «كارتل الدي سولس» (كارتل الشمس)، وهي منظمة تهريب مخدرات صنفتها واشنطن كـ«إرهابية». مادورو نفا هذه الاتهامات مراراً، والولايات المتحدة لم تنشر أدلة علنية تربط بينه وبين الكارتلات. النائب العام الأميركي وقتها، بام بوندي، اتهمت مادورو في شريط مصوَّر بالتعاون مع ترين دي أراجوا وسينالوا، وكررت وصفه بأنه من أكبر مهربي المخدرات في العالم.
المكافآت والسوابق القضائية
الخارجية والعدل أعلنتا مكافأة قدرها 50 مليون دولار للمعلومات التي تؤدي إلى اعتقال مادورو، كما رفعت الولايات المتحدة المكافأة على رأس كابيّو من 10 إلى 25 مليون دولار. وفي منتصف حكم ترامب الأول، قُدّمت لائحة اتهام ضد مادورو وحلفائه في محكمة اتحادية في مانهاتن بتهم «النركوـإرهاب» والتآمر لاستيراد الكوكايين، وكانت واشنطن قد عرضت سابقاً مكافأة بقيمة 15 مليون دولار لاعتقاله. رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قيمة هذه المكافأة إلى 25 مليون دولار.
كيف ردّت الحكومة الفنزويلية؟
يوم الاثنين أعلن ديلسي كابِّيو (جِدّ على الأرجح اسم «دياز كابيلو» حسب الترجمة الشائعة) أن كاراكاس سترسل 15,000 جنديًا لتعزيز الأمن في ولايتي زوليا وتاتشيرا اللتين تحدّان كولومبيا. وقال الوزير: «هنا نقاتل تهريب المخدرات؛ هنا نقاتل عصابات المخدرات على كل الجبهات»، وأضاف أنه جرى مصادرة 53 طناً من المخدرات حتى الآن هذا العام.
وأوضح كابيلو أن الإجراءات الأمنية المشددة على الحدود مع كولومبيا، والتي تهدف إلى «مكافحة المجموعات الإجرامية»، ستشمل أيضًا نشر طائرات ومسيّرات بدون طيار وتعزيز الحماية النهرية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية. كما حمّل كابيلو السلطات الكولومبية مسؤولية اتخاذ خطوات مماثلة «لضمان السلام على كامل المحور الحدودي».
وفي إشارة إلى انتشار سفن حربية أميركية في المياه الفنزويلية، قال نيكولاس مادورو: «من الشمال جنّ الإمبراطورية وكأنها تعيد تدوير تهديداتها الفاسدة، وجددت تهديداتها لسلام واستقرار فنزويلا»، وفق ما نقلت شبكة غلوبوفيزيون التي تتخذ من كاراكاس مقرًّا لها.
وقال وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز أمام حشد من المجندين نهاية الأسبوع: «لسنا مزيفين ولا مهربين للمخدرات، وسندافع عن كرامة فنزويلا الحبيبة».
كيف ردّ قادة المعارضة الفنزويلية؟
وصفت الناشطة المعارضة ماريا كورينا Machado مادورو بـ«رأس كارتل الشمس» في منشور على منصة إكس يوم الاثنين. تجدر الإشارة إلى أن ماشادو تم استبعادها من الترشّح قبل أسابيع من انتخابات العام الماضي.
وحذّر زعيم المعارضة هنريك كابريليس من أي عمل قسري ضد فنزويلا، قائلاً: «نعبّر بحزم عن رفضنا لأي عمل قوة ضد فنزويلا، بغض النظر عن منشأه. سيادة بلدنا مقدسة ويجب احترامها بشكل غير مشروط. يوضّح ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي أن لا دولة لها الحق في مهاجمة أخرى، إذ سينتج عن ذلك فقدان أرواح بشرية». وأضاف كابريليس، الذي خسر أمام مادورو في انتخابات عام 2013، أن السلام الإقليمي يجب أن يُدافع عنه وأن على الحكومة الحالية واجب فتح الأبواب وابتكار الآليات اللازمة لمنع تفاقم الأزمة.
ودعم خوان غوايدو، الرئيس المؤقت المدعوم من الدول الغربية بين 2019 و2022، الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد كارتيلات المخدرات الفنزويلية، مشيرًا إلى أن «كارتل الشمس» و«قطار أراغوا» أُعلنا بالفعل منظمات إرهابية. وأضاف: «زعيمها ليس مختبئًا في الظلال؛ اسمه نيكولاس مادورو، ديكتاتور مسؤول عن هذه الشبكة الإجرامية التي تستنزف فنزويلا وتهدّد كامل المنطقة».
ماذا قال قادة أمريكا اللاتينية الآخرون؟
قالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم في وقت سابق من هذا الشهر إن حكومتها لا تملك أي دليل يربط مادورو بكارتل سينالوا، وهو الكارتل المتمركز في المكسيك والمسمى على ولاية سينالوا.
من ناحية أخرى، أعلن مكتب رئيس باراغواي، سانتياغو بينيا بالاثيوس، في بيان على منصة إكس يوم الجمعة تصنيف «كارتل الشمس» منظمة إرهابية أجنبية.