وزير ألماني يندد بعنف المستوطنين خلال زيارته للضفة الغربية

زيارة رسمية إلى مناطق عربية مهدّدة: وقائع وتداعيات

قامت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، ريم الألبالي رودوفان، بزيارة ميدانية إلى مناطق ذات أغلبية عربية في الضفة الغربية تُواجه خطر سياسات الاستيطان وهدم المنازل، في أول رحلة رسمية لها إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. جرى خلال الزيارة الاطلاع على مواقع دُمرَت فيها مساكن، واللقاء بسكان محليين ومسؤولين فلسطينيين وأمم متحدة.

عند تفقدها منزلاً مدمّراً في قرية الجُدَيْرَة، قالت الوزيرة إن من المهم أن تطلع ألمانيا على حقيقة ما يجري على الأرض. مرافقوها أشاروا إلى أن برلين غابت عن متابعة توسّع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في السنوات الماضية، وفق ما ذكر النائب الألماني آديس أحمدوفيتش، الذي رافق الوفد.

أحد السكان، محمد عبد الحميد عيد (51 عاماً)، استعرض أمام الوفد ركام منزله الذي، بحسب موظفين من الأمم المتحدة، هدمته الإدارة المدنية الإسرائيلية في الرابع من أغسطس. الرجل حاول لأربع سنوات الحصول على ترخيص لبناء مسكن على أرضه ولم ينجح، وباشر في البناء بعد استنفاد كل السبل للحصول على موافقة رسمية لم يردوه بوضوح.

الصدمة لا زالت حاضرة لدى الأسرة: الميكانيكي وزوجته وابنتهما تولين (10 سنوات) لم يتجاوزوا وقع التهجير. تقول الطفلة إنها لم تحظَ سوى بخمس عشرة دقيقة لجمع ما تبقى من أمتعتها، وأن مساعدة الأقارب صاحبتها مشاهد مسلّحة ومخيفة.

ممثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أوضح أن نمط هدم المنازل والمباني المجتمعية في الأراضي الفلسطينية لا يتّسم بنمطية واضحة، ما يزيد من معاناة السكان المحليين لأنهم لا يعلمون “من سيكون التالي” — حالة من القلق والارتباك المستمرين.

توتر في رام الله ومطالب بالإصلاح

سادت أجواء متوترة أثناء محادثات الوفد مع أعضاء حكومة محمد مصطفى في رام الله، تزامناً مع اقتحام نفذه جنود إسرائيليون في مركز المدينة أدّى إلى إصابات بالعشرات. من منظور ألماني، تُرى السلطة الفلسطينية كهيئة تحتاج إلى إصلاحات لكنها قادرة على لعب دور إداري مهم في غزة بعد انتهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.

يقرأ  فيتو بولندي يعرّض وصول أوكرانيا الحيوي إلى ستارلينك للخطر — خلاف على مساعدات اللاجئين

وزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، سماح حامد، أتاحَت للوفد فرصة متابعة إحاطة عبر مؤتمر فيديو من شركاء في قطاع غزة المغلق لإظهار واقع اليأس هناك عن قرب. من جهتها، أعلنت الوزيرة الألمانية أن حكومة بلادها أمرت بتوفير مساكن طارئة لحوالى 400 عائلة، على أن تُنقل هذه الملاجئ إلى قطاع غزة فور تيسّر الظروف الأمنية.

شددت الألبالي رودوفان على أن تحويل الأنقاض إلى مساكن ممكن بشرط وجود وقف إطلاق نار دائم: على الحكومة الإسرائيلية أن توقف العمليات العسكرية، وعلى حماس أن تضع أسلحتها، وأن يُفرَج عن الرهائن دون قيد أو شرط.

واقع موازٍ في القدس الشرقية

تجوّل الوفد أيضاً في حي سلوان بالقدس الشرقية، حيث أفاد سكان عرب بأنهم نادراً ما يحصلون على تراخيص لترميم أو توسيع منازلهم. منذ أكتوبر 2023 هُدِمَت 33 منزلاً بحسب سكان الحي. أحدهم، فخري أبو دياب، أطلع الوزيرة على بيت عائلته الذي دُمّر عام 2024، وهو بيت عاش فيه لعقود. قال إن غياب المساءلة الإسرائيلية أفضى إلى هدم منازل عديدة، وأن مخاوفه تتجاوز حيّه لتشمل مصير الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

بُنية تحتية مهدورة وفرص عمل محدودة

بالرغم من أن هذه الزيارة هي الأولى للألبالي رودوفان إلى المنطقة، فقد مولت وزارتها على مدى عقود مشاريع تنموية في غزة والضفة. اليوم بعض المرافق التي دعمتها ألمانيا في غزة باتت في حالة خراب، وفي الضفة تشكّل حالة عدم الاستقرار وتقييد الحركة عقبات كبرى أمام تنفيذ المشاريع بنجاح.

أطلقت الحكومة الألمانية السابقة مبادرة توظيف في أبريل 2024 تهدف إلى خلق نحو 25 ألف وظيفة في الضفة والقدس الشرقية خلال ثلاث سنوات والحفاظ على العمالة القائمة. إلى الآن أُنشئت مئات الوظائف فقط، مع توقعات بإيجاد نحو 3,000 فرصة عمل قبل نهاية السنة، وفق بيانات الوزارة.

يقرأ  الصين تفرض عقوبات على مصرفين أوروبيين رداً بالمثل

إدانة العنف الاستيطاني ودعم حل الدولتين

أدانت الوزيرة أعمال العنف التي يمارسها مستوطنون إسرائيليون ضد الفلسطينيين، مؤكدة موقف الحكومة الألمانية القائل إن عنف المستوطنين يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وأن ألمانيا ما تزال تدعم خيار حل الدولتين. كما تلقت الألبالي رودوفان إحاطة من ممثل مكتب الأونروا/أوها حول حالة الدمار التي طالت مساكن أسر في محيط القدس والضفة وضرورة تقديم مساعدات إنسانية عاجلة.

خلاصة الرحلة الثالثة يومية أن الصعوبات الميدانية والإنسانية مركبة: بين هدم وبناء، بين مبادرات تنموية أجهزتها ظروف الصراع وبين الحاجة الملحّة إلى هدنة دائمة تتيح إعادة الإعمار وضمان استقرار الحياة اليومية للسكان. اذا لم تتوفر ضمانات أمنية وسياسية، يظل السؤال: من سيقدّم الحلول العملية لتفادي المزيد من التهجير والاقتلاع في المستقبل؟

أضف تعليق