قصف إسرائيلي يحوّل حي الزيتون النابض بالحياة في مدينة غزة إلى ركام — أخبار الصراع

دمرت إسرائيل بالكامل أكثر من ألف مبنى في منطقتيّ الزيتون والصبرا في مدينة غزة هذا الشهر.

كان حيّ الزيتون، الذي ازدهر يوماً بما يحتويه من أسواق نشطة وبساتين زيتون وروابط اجتماعية متينة، موطناً لأجيالٍ من العائلات التي بنت حياةً وذكرياتٍ ومستقبلاً. اليوم صار الحيّ لا يُشبه نفسه؛ امتدت سِوى مبانٍ بأكملها، وتحولت المنازل إلى أكوام من الركام، ويتحدث مراسل الجزيرة هاني محمود مع فلسطينيين كانوا يعتبرون الحي موطناً لهم.

«كُنّا نَنام، وفِي منتصف الليل انهار السقف فوق رؤوسنا، وسقطت القطع فوقنا كلّها. استفقنا مرعوبين. ارتديتُ ملابس الصلاة وبدأتُ أنادي أولادي: إبراهيم، مهدي، محمد، سند. لكنّي لم أستطع رؤيتهم بسبب الركام والغبار»، قالت فيريال أحمد.

قالت أجهزة الدفاع المدني الفلسطيني في وقتٍ سابق من هذا الشهر إنّ إسرائيل دمرت أكثر من ألف مبنى في جامعتيّ الزيتون والصبرا بمدينة غزة منذ أن شَنّت هجومها المستمر على المدينة في 6 اغسطس، ما أدى إلى حشر مئاتٍ من الناس تحت الأنقاض.

تدخل دبابات إسرائيلية إلى حيّ الصبرا مع تحرّك الاحتلال لاحتلال مدينة غزة بشكل كامل، ما أجبر ما يقرب من مليون فلسطيني على النزوح نحو مناطقٍ جنوبية مصنّفة كمناطق تركيز.

مقياس الدمار مزلزل. ما كان يَنبضُ صوتاً ولوناً أصبح اليوم صامتاً ورمادياً ومغطى بالغبار.

«لن أنسى الزيتون ما دمت أتنفّس. إنها مأساة. يؤلمني ما يفعله الإسرائيليون بالحيّ… كل شيء في الزيتون كان جميلاً — الطيور، والمياه، والخضرة، والمزارع، وأشجار الزيتون»، قال مهدي عوض.

الجيران الذين تعوّدوا على التجمّع لتناول الوجبات في منازل بعضهم البعض باتوا الآن ينامون في العراء، يفتقدون الطمأنينة ويتساءلون عن غدٍ غير مضمون.

تعرّض عدد من المنازل في مدينة غزة، التي تتعرّض لقصفٍ شديد — وبالأخص أحياؤها الزيتون والصبرا — لاعتداءات متواصلة منذ نحو أسبوع.

يقرأ  أسفرت الهجمات الإسرائيلية والتجويع القسري عن مقتل ٦٢٬٠٠٠ فلسطيني في غزة— أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

تحت أكوام الأنقاض والخرسانة جرحٌ أعمق: تهجير عائلات، إسكات أحياء، وفقدان لِذاكرةٍ تاريخية.

«الدمار أكبر بكثير من مجرد المباني في هذا الحيّ. معظم البنى التحتية والمناطق السكنية والمدارس والمساجد وممرات المياه وحتى خطوط الأنابيب وشبكات المياه تعرّضت لأضرار بالغة، ما يجعل الحياة هنا شبه مستحيلة»، قال عاصم النبّه، المتحدّث باسم بلدية غزة.

بالنسبة لعدد كبير من الشباب الفلسطينيين، الزيتون ليس مجرد مكانٍ على الخريطة؛ إنه البيت الوحيد الذي عرفوه.

«تعلمت هناك، ونشأت هناك. أنا واحدٌ من أبناء الحيّ. أتمنى لو أستيقظ وأُخبَر بأن عليّ العودة. حتى لو دُمرت بيتي — وأنا متأكّد أنها دُمرت — أو إن زال كل شيء، فأريد العودة»، قال مهدي خالد، شاب فلسطيني من السكان.

رغم الدمار، يبقى هذا الحنين أقوى من الخوف من القصف.

من حياة إلى ركام، ومن ركام إلى شوق — تَسْتمرّ قصة الزيتون في الناس. بالنسبة إليهم، البيت ليس جدراناً وسقفاً فحسب؛ بل هو ذاكرة وانتماء وعزيمة على العودة.

فلسطينيون ينتشلون أمتعة من ركام منازل دُمّرت في غارات إسرائيلية على حيّ الزيتون الجنوبي في مدينة غزة في 19 اغسطس 2025 [عمر القطّاع / وكالة فرانس برس]

أضف تعليق