في مطلع الأسبوع الجاري أعلن تحالف من المؤسسات الثقافية في مدينة نيويورك عن مبادرة جديدة لتجميل المبنى السادس في مطار جون إف. كينيدي. تتضمن الخطة عملاً دائماً للفنانة والموسيقية يوكو أونو مستوحى من عملها المناهض للحرب عام 2019 “PEACE is POWER” بتنظيم متحف الفن الحديث (MoMA)، إضافةً إلى سلسلة من المقاطع البصرية الترويجية المبنية على مقتنيات من متحف المتروبوليتان.
سواء أحببتم هذه المبادرات أم كرهتموها، فإن الأعمال الفنية المرتبطة بالمكان صارت أكثر شيوعاً في مطارات منطقة نيويورك، في أعقاب استثمارات ضخمة خصصها المطوّرون لتحسين صورة الصالات. تكاد كل صالة تجارية عاملة في المنطقة تضم شكلاً من أشكال الفن، دائمًا أو بالتناوب، إن لم تكن لديها خطط لذلك. يمر بالمطارات ملايين المسافرين سنوياً، ما يمنح الفنانين والمؤسسات جمهوراً شبه محتجز أمام أعمالهم.
فكيف تصل هذه الأعمال—من الجداريات الهائلة إلى التماثيل الحركية والتصاميم الوظيفية—إلى صالات المطار في المقام الأول؟
في صالة B بمطار لاغوارديا، قد يجد المسافرون تحته عمل سارة سي المعلّق الكروي “أقصر من يوم” (2020)، مكوَّناً من صور فردية للسماء فوق نيويورك. وفي صالة الوصول A بمطار نيوآرك ليبرتي تحتل جداريّة لايكا نونا يَوار “بين الماضي المستقبلي” (2021–22) امتداداً طوله حوالي 350 قدماً، وتُخلّد أبطالاً كثيراً ما تُغفلهم الروايات السائدة، من نشطاء مجتمعيين إلى موظفي المطار. ومن بين أقدم الأعمال الفنية الموجودة في مطارات تابعة للهيئة المينائية جدارية جيمس بروكس عام 1942 بعنوان “الطيران” في صالة Marine Air ذات الطراز آرت ديكو في لاغوارديا، التي ترصد تطور السفر الجوي.
كما رُكّبت أعمال مثل “كل أمنياتكم” لييبي هاين المصنوعة من ألمنيوم مطلي بالبودرة، بتمويل مشترك لدى مطار لاغوارديا وشركاء فنون عامة. بعض الصالات، ومنها صالات في نيوآرك، يمولها مباشرةً “الهيئة المينائية” — هيئة النقل العامة لولايتَي نيويورك ونيوجيرسي — بينما تُطوَّر أخرى عبر شراكات مع شركات خاصة، مثل دلتا التي أعادت تصميم الصالة C في لاغوارديا بتكلفة 4.7 مليار دولار. ورد أنّه تم تخصيص 12 مليون دولار لأعمال فنية داخل تلك الصالة بالتعاون مع متحف كوينز.
لم تُبدِ العديد من فرق تطوير الصالات تجاوباً أو امتنعت عن الإفصاح عند سؤاله عن حجم الإنفاق المخصص للفن ضمن مشاريعهم الأكبر. من جهتها أفادت الهيئة المينائية بأنها أنفقت 6 ملايين دولار على تركيبين في صالة A — عمل لايكا نونا يَوار “بين الماضي المستقبلي” و”اقتراب” لكارين أوليفييه (2022) — بالتشارك مع Public Art Fund. وتعد هذه الأعمال أول إضافات فنية جديدة تُكشف في نيوآرك منذ 1937، حين كلّفت Works Progress Administration عشرة جداريات للفنان الأمريكي الأرمنيّ الأصل (الأعمال محفوظة الآن في متحف نيوآرك).
الهيئة المينائية لا تتلقّى أموالاً من الضرائب وتعتمد إيراداتها على رسوم النقل. قدر توم توبوسيس، المتحدث باسم الهيئة، أن مشاريع الفن في لاغوارديا وكينيدي — الخاضعة لإشراف الهيئة لكنها ليست ممولة بالكامل منها — تكلف مجتمعة مبالغ ضمن نطاق ذي رقم مكوَّن من ثمانية أرقام. أضاف أن الهيئة لا تملك عدّاً نهائياً للأعمال المنتشرة عبر أحد عشرة صالة تابعة لها؛ إذ تُعقِّد العروض الدوّارة مثل شاشات رقمية متبادلة لعرض أعمال فنانين محليين في صالة نيوآرك A إحصاء المجموع الكلي. أحصى موقع Hyperallergic أكثر من ستين تركيباً حالياً ومخططاً عبر المطارات الثلاثة.
مصادر تمويل اللجان الفنية تختلف باختلاف الصالة والمطور، لكن عملية اختيار الأعمال تميل إلى التقييس وتظل إلى حد بعيد غامضة. حين تُطوَّر صالة جديدة، يجتمع، بحسب توبوسيس، “مجلس استشاري فني” لاختيار أعمال تعكس ثقافة وتنوّع وتاريخ المنطقة. تجلس الهيئة المينائية على هذا المجلس إلى جانب المطورين وخبراء فنيين ومنظمات ثقافية كان من بينها Public Art Fund ومتحف كوينز ومجموعة الاستشارات الثقافية Cultural Corps. مع ذلك رفضت الهيئة الإفصاح عن هوية ما يُسمّى الخبراء الفنيين الذين يقرّرون أي الأعمال ستُعرض أمام ملايين المسافرين، كما لا تتضح آليات تعويض الفنانين أو معايير الاختيار المتبعة.
المعلوم أن بعض الأعمال المقتناة للمطارات تأتي من طبقات السوق العليا؛ من بين 19 فناناً أعلن عنهم العام الماضي لصالة 6 في كينيدي، لكلٍّ منهم تمثيل بمعارض فنية، وثمانية منهم معروضة لدى صالات عرض “بلو تشيب” مثل Hauser & Wirth وDavid Zwirner وPerrotin وGladstone وLisson وLehmann Maupin. اختارت الإدارة أيضاً إدراج تركيبات مؤقتة لفنانين محليين بالتعاون مع متحف كوينز ومركز جامايكا للفنون والتعلم. وفي المرحلة الثالثة من صالة كينيدي الجديدة البالغة تكلفتها 4.2 مليار دولار، ستُكشف أعمال كلٍّ من المتحف والمتاحفف الأمريكي للتاريخ الطبيعي ولـMoMA — إلى جانب جدارية نظّمها لينكولن سنتر — بدايةً من 2026 مع افتتاح الصالة بالتدريج حتى 2028.
لم يعلن برنامج الفن والثقافة لصالة 1 الجديدة في كينيدي (بقيمة تقارب 10 مليارات دولار) بعد، لكن عيّن منظموها مجموعة Culture Corps كمستشارين فنيين. بدورها تروّج Public Art Fund للأعمال الدائمة التي تضعها في صالة B بلاغةً كعامل ساهم في حصولها على تقييمات مثالية في تقييمات وطنية لصالات المطارات، مركِّزة على ثيمة “خفّة الوجود” التي شملت تركيباً بالونات زائفة تشبه الهيليوم من الفنان الدنماركي المقيم في برلين جيبّي هاين. رغم حرص المؤسسة على التعبير عن الجوهر الحيوي لمدينة نيويورك، فإن ثلاثة من بين أربعة فنّانين اُختيروا للصالة لا يقيمون في نيويورك، واثنان مقيمان في برلين. وستضمّ صالة 6 في كينيدي أيضاً تركيبات دائمة لِـ19 فناناً اختارتهم Public Art Fund، نصفهم تقريباً من مقيمي المدينة.
عمل كارين أوليفييه “اقتراب” (2022) المصنوع من ألمنيوم مطلي ومسّتالكُروميّ أُنْفِق بتمويل مشترك للهيئة المينائية ومطار ميونيخ نيوجيرسي، بالشراكة مع Public Art Fund.
على مرّ السنوات شهدت صالات نيوآرك ولاغوارديا وكينيدي تقلبات بارزة في السمعة؛ فبعد أن اعتُبرت يوماً من بين الأسوأ لأسباب مثل تقادم المرافق وفقدان الأمتعة، يبدو أن صورة هذه المطارات في طريقها إلى التحسّن. يعتقد توبوسيس أن الفنّ له دور في هذا التحوّل: “تلعب برامج الفنّ العام دوراً مهماً في الوصول إلى مستوى رضا العملاء والنقد. فقد كان للفن العام المؤثر والملهم عنصرٌ أساسي في رؤية الهيئة المينائية لتحويل مطارات منطقتنا من بين الأسوأ في البلاد إلى من الأفضل.”