مستويات كوستا في صياغة الأسئلة: ما المقصود بها؟

آرث كوستا ووِزنُه للاستفهام: إطارٌ تربويّ لثلاث درجات من الأسئلة تهدف إلى تحفيز التفكير المتقدم والبحث الاستقصائي. يشبه هذا الإطار — في دوره البنائي — تصنيف بلوم المعدل، إذ ترشد الدرجة الدنيا المتعلّم إلى استحضار القدرات الأساسية، بينما تدفع الدرجات الأعلى إلى تنشيط مهارات استدلالية وتحليلية أعمق. ومن خلال سنوات من البحث في مرونة البشر، حدّد كوستا كذلك ستة عشر من ‘عادات الذهن’ التي تدعم الطلاب في مواجهة التعقيدات المدرسية والحياتية؛ فبعض هذه العادات — كالتفكير المتبادل، والابتكار، وجمع المعطيات، وتطبيق الخبرة السابقة على حالات جديدة — تستلزم وتُعزّز مستويات أعلى من التساؤل.

الأدلة البحثية على فعالية هذا التصنيف معتبرة؛ فقد وجد نيومان (1993) أن التفكير من مرتبة أعلى يُجبر المتعلّم على «مناورة المعلومات والأفكار بطرق تحول من معناها»، وأنه «يتوقع من الطلاب حلّ المشكلات وبناء المعنى بأنفسهم»، وهو منظور يتقاطع مع الرؤية البنائية للتعليم.

الاستعارة البنائية لإيضاح مستويات كوستا تشبه بيتاً ذي ثلاثة طوابق: كل طابق يمثّل مستوى من التعامل مع السؤال والمعلومة.

المستوى الأوّل — جمع المعلومات
الأسئلة في هذا المستوى تطلب من الطلاب التعامل مع المعلومات الظاهرة «على الصفحة». إجاباتها عادة حرفية بحيث يمكن للإجابة أن تُشير إليها مباشرة في النص. من الأفعال المألوفة في هذا المستوى: عرّف، صف، احفظ، لوّن، حدّد، اذكر، اعد كتابة، كرّر، سمّ، بيّن، اعثر، اختَر، طابق، أظهر.

أمثلة حسب المجال:
– العلوم: سمّ أجزاء الخلية الحيوانية.
– الرياضيات: اذكر صيغة حساب حجم الاسطوانة.
– الدراسات الاجتماعية: طابق اسمَ الملك بالدولة المناظرَة له.
– اللغة العربية وآدابها: حدّد موضع الذروة في الحبكة السردية.

مهارة الاستدعاء مهمة بذاتها، لكن من الأفضل أن يوجّه المعلم معظم أسئلته إلى المستويين الثاني والثالث اللذين يحفزان التفكير الأعلى.

يقرأ  نموذج كيركباتريك المعزز: الأساس المتين لعائد استثمارك

المستوى الثاني — معالجة المعلومات
يتجاوز هذا المستوى مجرد الاستدلال الحرفي ويطلب من الطلاب «القراءة بين السطور»؛ أي معالجة المعلومات الظاهرة بما لديهم من خلفيات ومعارف لتكوين روابط واستنتاجات جديدة. أفعال هذا المستوى: قارن، ميّز، صنّف، فرّق، استنبط، حلّل، اجتزأ، أمزج، ارتّب، نظّم، افترض.

أمثلة حسب المجال:
– العلوم: قارن بين عمليتي الانقسام الميتوزي والمييوزي.
– الرياضيات: صنّف الأشكال الهندسية بحسب عدد الأضلاع والزوايا.
– الدراسات الاجتماعية: رتب الأحداث التاريخية التالية بحسب أهميتها من الأكثر إلى الأقل.
– اللغة: حلّل أثر لحن الكاتب على المقروء ككل.

في هذا المستوى يقوم المتعلّم بـ«فعل» شيء بالمعلومة: يصنّفها، يمَيّزها، يقارنها بما سواها ليكشف كيف تؤثر على الصورة الكبرى. هذه العمليات تهيّئ لطرحِ أسئلة مولِّدة للإبداع.

المستوى الثالث — التطبيق والإنتاج
هنا يصل الطلب إلى أعلى درجات التفكير: إنتاج مخرَج معرفي جديد من خلال التقييم، التحليل العميق، اختبار الحلول أو التنبؤ. أفعال شائعة: قيّم، عمّم، ابنِ، تخيّل، قرّر، ابدع، حكم، استشرف، نبّؤ، سوّغ، افترض، ركّب، خلُق، افترض فرضية، سنِد، صنّع.

أمثلة حسب المجال:
– العلوم: استناداً إلى بيانات الأعوام العشرة الأخيرة للنشاط الإعصاري في جنوب شرق الولايات المتحدة، توقّع كيفية تغير تكرار الأعاصير خلال العقد القادم.
– الرياضيات: قيّم احتمال فوز مرشح رئاسي بالانتخابات إذا أحرز أصواتاً انتخابية في الولايات كالفلوريدا وكاليفورنيا ونيويورك وفيرجينيا وإلينوي.
– الدراسات الاجتماعية: صِغ عقداً اجتماعياً يأخذ في الاعتبار تأثيرات العولمة والتقدّم التكنولوجي في القرن الحادي والعشرين.
– اللغة: كوّن حُجّة تدافع أو تعارض فرضية إلزام الموظفين بالتحصين في مكان العمل بالولايات المتحدة.

عند تصميم أنشطة نقاشية، أو مشروعات تعليمية، أو تحقيقات مستقلة، يسعى المعلم إلى توجيه غالبية تفكير الطلاب نحو المستويين الثاني والثالث. الاختبارات التي تكتفي باسترجاع حقائق أساسية لا تقيس قدرة الطالب على نقل المهارات أو المعلومات إلى سياقات جديدة؛ في المقابل، السؤال من المستوى الثاني أو الثالث يطالِب الطالب بإقامة علاقات بين المعلومات والظروف المحيطة بها، مثل أن يسأل عن احتمالات تكرار حدث تاريخي استناداً إلى ظروفه السياسية والاجتماعية حينئذٍ، أو أن يطلب من الطالب أن يبيّن كيف كان سيعالج كاتب مشهور مسألة معاصرة.

يقرأ  القبض على السيدة الأولى السابقة لكوريا الجنوبية في إطار تحقيق في قضية رشوة

كما عبّر جيمس بالدوين في كلمته إلى المعلمين: «بداية الوعي تستلزم النظر النقدي إلى المجتمع الذي نُعلَّم فيه.» تهدف أسئلة المستوى الثاني، وبالخصوص المستوى الثالث، إلى إثارة هذا الوعي النقدي لدى الطلاب — دفعهم إلى إعادة النظر، وإبراز التناقضات، وتعطيل الاستقرار الظاهري، وكشف مواطن الضعف في المؤسسات الراهنة، واقتراح حلول مبتكرة لها. هذه الأسئلة تولّد المزيد من الأسئلة، وتدفعنا إلى التفكير في طريقة تفكيرنا، وإلى التقدم — كأفراد وكـمجتمعات. لا يوجد محتوى يمكن إعادا صياغته او ترجمته.

الرجاء تزويد النص المراد ترجمته.

أضف تعليق