انظر أيضاً: «الذات الحقيقية هي كلّنا»
خلال السنوات العشر الماضية، غادر عدد كبير من المعلمين مهنة التعليم كليةً لأنهم شعروا بالإرهاق، أو بانعدام الدعم، أو بعدم الأمان. أي تطمينات جوفاء مثل «نحن جميعًا في هذا معًا» أو مكافآت تافهة كامتياز ارتداء الجينز يوم الجمعة أصبحت الآن تصرفًا مسيئًا بالنسبة للبعض.
كل رسالة إلكترونية جديدة قد تثير توترًا؛ إذ بات كثير من المعلمين يتوقعون أشكالًا جديدة من الضغط مع كل يوم دراسي. ومع غياب نهاية واضحة، ما كان يبدو تعليمًا أحيانًا يتحول إلى عرض متواصل في مسرح العبث.
هذا كله يبدو… قاتمًا بعض الشيء. كمعلمين نريد أن نحظى بدعم الإدارات والمجتمعات. كثيرون منا يحصلون على ذلك، وهذا أمر جيد. في هذا السياق نحاول في TeachThought أن ننظر حتى إلى أصعب المشكلات من منظور عقلية النمو. لكن عندما لا يستطيع المعلمون الاعتماد على إداراتهم أو مجتمعاتهم لدعمهم بالشكل الذي يحتاجون إليه، ماذا يمكنهم أن يفعلوا بأنفسهم ليحافظوا على سلامتهم النفسية والجسدية؟
اكتشفنا —وبخبرة الممارسة— عشر طرق عملية ومفيدة يقدّمها معلمون حقيقيون للاهتمام بأنفسهم وصحتهم النفسية، ليتمكنوا من الاستمرار في وضع الطلاب في مركز البيئة التعليمية. بعضها بسيط كأن تخرج من بيئة متوترة، وبعضها الآخر يتطلب إعادة تقييم عادات مستنزفة مثل عدم وضع حدود، أو الاعتذار المفرط، أو قبول أعباء أكثر من اللازم.
نعلم أن هناك معلمين موهوبين يبذلون قصارى جهدهم، ونأمل أن تساعدهم هذه النصائح على العمل بذكاء وصحة أكبر، ليستفيد جيل بعد جيل من خبراتهم ومهاراتهم وإرشادهم.
١٠ طرق مدروسة لتحسين الصحة النفسية للمعلمين
اختَر معاركك وأولوياتك
التدريس في زمن الجائحة قد يشعر أحيانًا كما لو أنك تلعب لعبة مطاردة أبدية للأحداث الطارئة؛ تظهر مشكلة، تعالجها، ثم تنبت مكانها مشكلتان. عندما نعلق في نمط رد الفعل بدل التنبؤ أو رؤية المشكلات كجزء من صورة أوسع، نُسرع خطواتنا نحو الاحتراق المهني. حلّ المشكلات البسيطة قد يمنح شعورًا بالتحكّم لكن إن لم نحدّد أولوياتنا ونوفر الطاقة للأهم —طلابنا وتحصيلهم— فسيضيع ما هو أهم.
ابدأ بسؤال بسيط: «ما أهم شيء يمكنني تحقيقه اليوم سيجعلني أشعر أن طلابي يتعلّمون وينمون؟» بعد تحديد هدفك الأساسي، تنبثق بقية الأولويات من حوله. على سبيل المثال، إن كان هدفك هو تقديم تغذية راجعة فورية وذات مغزى، قد لا يكون ضروريًا تصحيح كلّ الواجبات؛ في التقييمات التكوينية، تعليقات بنّاءة أحيانًا تفيد أكثر من رقم. استخدم أدوات سريعة لقياس الفهم كي تخصص وقتًا أكبر للتغذية الراجعة العميقة. وليس كل بريد إلكتروني يتطلب جوابًا فوريًا، ولا ينهار العالم إن أجلت اجتماعًا؛ عندما ترتب أولوياتك وفق قيمك، يتبدد الإحساس المستمر بالعجلة.
شكّل مجموعة للرعاية الذاتية
القول «نحن جميعًا في هذا معًا» قد يبدو فارغًا عندما لا تشعر بالدعم الحقيقي. تكوّن مجموعات دعم يمكن أن يساعد المعلمين في الحفاظ على الإيجابية والتركيز؛ هذه المجموعات قد تكون ضمن المدرسة أو خارجها، مفتوحة للجميع أو محدودة بزملاء تثق بهم. يمكن أن تكون مساحة للتحدث عن التحديات أو للابتعاد عن موضوع العمل والتركيز على أنشطة تبهجكم —عشاء شهري بسيط، أمسية كاريوكي، أو علاج منزلي للاسترخاء— كل هذا يمنح إذنًا ضمنيًا للشعور بما تشعر به دون الخوف من الشكوى أو الإحراج.
كبت العواطف يؤدي إلى آثار على الصحة الجسدية والنفسية وقد يسبب شعورًا بالذنب أو الاستياء. تحدث عن تحدياتك بطريقة صحية ومُتجهَّة للحلول؛ كونك جزيرة واحدة داخل مبنى المدرسة قد يسرّع الاحتراق ويحوّلك إلى مدرس ساخر لم تكن تنوي أن تكونه.
تذكّر أن كل سلوك هو رسالة
عندما تكون تحت ضغط شديد، تميل tolerant أقل، وتبدو سلوكات الطلاب —المقاطعة، التشتت، عدم الاحترام— وكأنها هجمات شخصية. لكن كل سلوك يحمل رسالة: وراء كل فعل حاجة لم يُجدِ الطالب في التعبير عنها بطريقة أفضل. قد يبحث عن انتباه مفقود في المنزل، أو يشعر بعدم الأمان في بيئة التعلم، أو يواجه صعوبة في التركيز خصوصًا بعد ساعات الجلوس الطويلة أمام الشاشات.
عندما تختبر صبرك، حاول أن تتحقّق بفضول قبل إطلاق الأحكام. اقترب بتعاطف بدلًا من إحراج. اسأل بدل إصدار أمر: «ماذا تفعل الآن؟ ماذا يفترض أن تفعل؟ كيف أستطيع أن أساعدك؟» مثل هذه الأسئلة تعيد مسؤولية تعديل السلوك إلى الطالب وتبني ثقافة من الدعم بدل العقاب. أحيانًا ما يبدو تمردهم على البنية والانضباط هو بالضبط ما يحتاجونه: حدود واضحة ومهارات للتعامل.
تحرّك
الاندورفينات تقلّل التوتر العاطفي. سواء في المدرسة أو في المنزل، هناك طرق عديدة لتحريك الجسم: المشي حول المضمار أثناء فترة التخطيط، أو ممارسة اليوغا في ركن مخصص بالغرفة الصفّية، أو الاستفادة من تطبيقات التأمل الموجَّه مثل Headspace وInsight Timer. المشاركة في فعاليات محلية مثل دروس يوجا في الحديقة أو استهداف هدف رياضي (مثل إكمال سباق 5 كليومترات) يوفّر شعورًا بالكفاءة والثقة في بيئة ربما تشعرك بالنقص.
اختيار نشاط بدني لنفسك يساعد على وضع حدّ لاختلاط العمل بالحياة المنزلية؛ كثير من المعلمين يغلقون الحاسوب ويعودون للعمل فور دخول المنزل، أما الحركة فتعيد شحنك وتسمح بحدّ زمني لصعيد العمل.
أدخل المرح إلى الصف — ولكن بحكمة
أدخل المرح دون تحميل نفسك عملًا إضافيًا. اترك للطلاب اختيار أفكار بسيطة: يوم الشعر المجنون، يوم الجوارب المضحكة، أو تحديات صغيرة للقيام بأعمال عشوائية من اللطف. بدلاً من تقليد تحديات ضارة على الإنترنت، شجّعوا على أعمال خيرية وتصرفات إيجابية مثل «يوم الملاحظات السرية» حيث يكتب الطلاب رسائل لطيفة ومحددة لبعضهم وللعاملين في المدرسة.
في التعليم عن بعد، الملل قد ينبع من واجهة منصات التعليم أو قلة التجديد؛ استضف متحدثين ضيوفًا، أو اصطحب الطلاب في رحلة افتراضية ذات صلة بالمادة. اشرك طاقم المدرسة الأوسع —المديرين، المرشدين، عمال الكافتيريا— كمشاركين في أنشطة الصف؛ الجميع يستفيد من قليل من المرح.
استخدم الموارد المتاحة
كثيرًا ما نريد إعادة اختراع العجلة بدل البحث عن موارد موجودة. تعرف على الأشخاص والأماكن داخل مبنى المدرسة: مكتب الإرشاد، العيادة، المكتبة كلها مساحات لك أيضًا. إن شعرت بقلق، اطلب غرفة هادئة لإعادة التوازن. قد يقدّم المرشدون موارد أو مجموعات دعم. أخذ استراحة قصيرة في المكتبة أو قراءة رواية للشباب قد تكون فترة استرجاع طاقة بسيطة لكنها فعّالة.
حدّد حدودًا واضحة بين العمل والمنزل
قد تكون هذه النصيحة الأصعب والأهم. الضغط لتمديد يوم العمل إلى المساء مستمر لدى كثير من المعلمين. لا حكم إذا اخترت عدم العمل من المنزل وخصصت الوقت للعائلة والراحة. ولا حكم أيضًا إن رغبت بالعمل مساءً لأن ذلك يجعلك مستعدًا لليوم التالي. المهم أن تدرك أنها خيارات يمكن اتّخاذها.
إن قررت العمل من المنزل فأنشئ مساحة عمل مخصّصة: غرفة ضيوف متحوّلة لمكتب، طاولة في الشرفة، أو ركن في القبو. تجنّب العمل من السرير —البحوث توضح أن ذلك يخلط بين مساحة الراحة ومكان العمل ويؤثر على النوم والتفاعل العائلي. إن اضطررت للعمل في عطلة نهاية الأسبوع، غيّر المكان: مقهى أو حديقة قد يفيدان.
تعلّم أن تطلب المساعدة وأن تقبلها
لماذا تبدو هذه المهنة صعبة جدًا على طلب المساعدة؟ ربما لأننا نعتقد أن الجميع يعاني كما نعاني فنشعر بالذنب لاحتلالنا مساحة الاهتمام. لكن إن لم تُلبَّ احتياجاتك، كيف ستؤدي عملك جيدًا؟ كيف ستؤثر صحتك على علاقاتك مع الطلاب والزملاء والأسرة؟ حين تَرَى أشخاصًا آخرين يطلبون المساعد ويقبلونها، يمنحون الآخرين إذنًا بأن يضعوا احتياجاتهم أولاً أيضًا. كما تقول تعليمات السلامة — ضع قناعك أولاً.
ملاحظة بسيطة: علينا أن نقلل من استخدام «آسف» عندما لا يكون اعتذارًا ضروريًا. أخذ مسؤولية ما هو خارج عن سيطرتنا لا يساعد، بل يعطي انطباعًا خاطئًا بأننا مسؤولون عن كل شيء.
لا نتحكم في انتشار فيروس جديد.
لا نتحكم بكيفية إصدار السياسات دائمًا.
لا يمكننا أن نكون مسؤولين عن رفاهية الطلاب خارج الصف.
لا يمكننا التحكم دومًا بردود فعل أولياء الأمور المُجهِدين.
الأسف على أمور خارجة عن السيطرة لا يحلّها، وقد يقلل من مكانتنا المهنية وشعورنا بالكفاءة.
ضع توقعات واقعية
بعد تحديد الأولويات، كن واقعيًا في توقعاتك. إذا كان تواصلك مع أولياء الأمور أولوية لديك، فما النظام الذي يبقي التواصل منظّمًا دون استنزاف؟ قالب أسبوعي للنشرة الإخبارية؟ جدولة رسائل خلال فترة تخطيط واحدة؟ نموذج تسجيل لاجتماعات الآباء على صفحة الصف؟ بناء أنظمة استباقية يقلّل من التفاعل الارتجاعي ويمنحك بنية وثباتًا وحرّية أكثر لاحقًا.
تدرّب على قول «لا» ثم طبّقه
أحيانًا كلمة «لا» أصعب من كل شيء آخر. نشعر بضغط لأن نكون كل شيء للجميع، خصوصًا المعلمون الجدد الذين يريدون إثبات الذات. قد يعني ذلك قبول مهام إضافية خارج نطاق التدريس: حضور فعاليات ما بعد المدرسة، الإشراف على نوادي، شراء مستلزمات للطلاب. لكن قول «لا» لا يعني أنك لا تهتم؛ بالعكس، قد يعني أنك تهتم بما يكفي للتركيز على ما تجيده، ولمنح فرصة لآخرين للقيادة، ولنمذجة الحفاظ على الذات أمام الطلاب والزملاء.
لا يجب أن تكون «لا» قاسية أو مرتبطة بـ«أنا آسف». إليك صيغًا بديلة لرفض مهام بأسلوب مهني وواثق:
– يهمّني جدًا أنك اعتقدت أنني مناسب لهذا الدور، لكن الآن ليس الوقت الملائم بالنسبة لي. أحب أن تُؤخذ بعين الاعتبار في فرصة مشابهة مستقبلًا.
– لا أستطيع الالتزام بهذا المشروع الآن، لكن أعرف شخصًا قد يكون مناسبًا—هل تود أن أقدمه لك؟
– بصراحة، إن حملت مسؤوليات إضافية الآن فسأصبح مشتتًا للغاية، ومن المهم لي أن أبذل أفضل طاقة عندما أتعهد بشيء.
– مهتم بالمشاركة لكن ليس في دور قيادي. هذه مهام يمكن أن أتولاها وسأكون مرتاحًا للعمل عليها.
– أعجبني الفكرة لكن لا أعتقد أن بإمكاني القيام بها بمفردي؛ هل ترغب أن نفعلها معًا أو نشكّل فريقًا؟
– لدي ميل لتحمّل أكثر مما أستطيع، وأظن أن القبول الآن سيكون أكثر من طاقتي.
– أحتاج بعض الوقت للتفكير — هل يمكنني الرد عليك خلال __ أيام؟
الخلاصة
ضغط أن نمتلك كل الإجابات ونحل كل مشاكل طلابنا ونمتلك طاقة لا تنفد هو واقع داخل المهنة وخارجها. لكي نشعر بقيمة أكبر وكفاءة، علينا أن نؤمن بقدرتنا وحقّنا في الاعتناء بأنفسنا. تمامًا كما نستخدم الأدلة لاتخاذ قرارات تربوية، علينا أيضًا استعمال ذلك المنظور في حفظ سلامتنا: وضع حدود، وتكوين شراكات، واستخدام الموارد المتاحة، وإدخال البهجة. بهذه الخطوات قد نبقى في المهنة لفترة أطول، ونساند طلابًا أكثر سيكبرون بدورهم ليجعلوا التعليم وغيره من المهن أكثر استدامة في المستقبل.