كوريا الجنوبية تحظر الهواتف المحمولة في جميع الفصول الدراسية على مستوى البلاد

كوريا الجنوبية تحظر الهواتف الذكية أثناء الدوام المدرسي بدءًا من مارس 2026

أقرت كوريا الجنوبية قانونًا يحظر استعمال الهواتف المحمولة والأجهزة الذكية خلال ساعات الحصص الدراسية، ليصبح أحدث دولة تضيق القيود على استخدام الهواتف بين الأطفال والمراهقين. ويمثل هذا التشريع نتاجَ توافقٍ عابرٍ للأحزاب بهدف التصدي لإدمان الهواتف، في ظل تزايد الأدلة العلمية التي تؤكد آثاره الضارة.

دخلت الدعوى البرلمانية حيز التصويت يوم الأربعاء وحازت على دعمٍ قوي: 115 صوتًا مؤيدًا من بين 163 نائبًا حضروا الجلسة. القانون سيطبق رسميًا مع بداية العام الدراسي المقبل في مارس 2026، ويهدف النواب والآباء والمعلمون من خلاله إلى حماية تحصيل الطلاب الدراسي وإعادة الوقت الضائع في التشتت على الشاشات إلى أنشطة تعليمية واجتماعية مثمرة.

تشير الأبحاث الى أن نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 51 مليونًا يعتمدون بشكل مفرط على هواتفهم، لكن النسبة تتزايد إلى 43% بين الفئة العمرية 10–19 سنة، ومعدلات الاعتماد هذه في تزايد مستمر. أكثر من ثلث المراهقين يعترفون بصعوبة ضبط وقت التصفح والمشاهدة على منصات التواصل، وهذا ما يثير قلق الآباء الذين يرون أن الهواتف تقطع المجال أمام الاستذكار، وتكوين العلاقات، والمشاركة في أنشطة مدرسية متنوعة.

تتراوح مواقف المعنيين بين مؤيدين ومشككين. ترى أمٌّ لابنٍ في الرابعة عشرة أن الأطفال “لا يستطيعون التخلي عن هواتفهم”، بينما يعترض بعض الطلاب ويشككون في جدوى الحظر وطريقة تطبيقه وما إذا كان يعالج الأسباب الحقيقية للإدمان. كما يبدي آباء آخرون مخاوف من التنمر الإلكتروني، حيث تنتشر الإهانات القاسية على منصات مثل إنستغرام وتطبيقات المحادثة.

ينص القانون على أن الحظر يمتد خلال ساعات الحصص، لكنه يمنح المعلمين صلاحية منع الطلاب من استخدام هواتفهم داخل مرافق المدرسة، ويلزم المؤسسات التعليمية بتقديم برامج توعية حول الاستخدام السليم للأجهزة الذكية. ثمة استثناءات محددة؛ إذ يسمح للطلاب ذوي الإعاقات أو الاحتياجات التعليمية الخاصة باستخدام الأجهزة المعينة المساندة، ويُجيز الاستعمال لأغراض تعليمية أو في حالات الطوارئ.

يقرأ  شهادات طبية وفواتير مصرية قديمة تُعرض للجمهور

الهيئات التعليمية منقسمة: فقد دعمت اتحاد معلمي كوريا المحافظ هذا التشريع، معتبرًا أنه يوفر أساسًا قانونيًا أقوى لفرض القيود داخل الفصول، واستندَ الاتحاد في موقفه إلى نتائج استبيانات داخلية تفيد بأن نحو 70% من المعلمين شهدوا اضطرابات صفية ناجمة عن الهواتف، وبعض الحوادث التي شملت إساءات لفظية وحتى اعتداءات أثناء محاولات منع الاستخدام. بالمقابل، لم تتبنَّ الاتحاد الآخر موقفًا رسميًا؛ إذ أبدى بعض أعضائه قلقهم من أن القانون قد يمس بحق الطلاب في الوصول إلى أجهزتهم، خصوصًا وأن التواصل مع الأقران خارج المدرسة غالبًا ما يمر عبر تطبيقات المحادثة والوسائط الاجتماعية، كما أن البيئة التنافسية المكثفة تضغط على الطلاب باستمرار.

ومن زاوية أخرى، يشير منتقدون إلى أن المشكلة الأساسية ليست الهواتف بحد ذاتها بل نظام الضغط التعليمي المتمثل في امتحان القبول الجامعي الصارم المعروف بـ”Suneung” — اختبار مدته ثماني ساعات يحدد مصائر الطلبة إلى حد كبير، ويبدأ كثيرون في الاستعداد له منذ أول يوم في المدرسة. يروي طالب في الثالثة عشر أنه لا يجد وقتًا للإفراط في الهواتف بسبب الدروس الخصوصية والواجبات التي تطوله حتى منتصف الليل.

خلاصةٌ يتفق عليها كثيرون: بدلاً من الاكتفاء بسحب الهواتف، يجب أن يكون التحرك متكاملاً — تقليل الضغوط الدراسية المفرطة، وإصلاح نظام الامتحانات، وتوفير بدائل تعليمية وترفيهية صحية للطلاب، وتعزيز برامج التوعية والدعم النفسي، حتى نجعل من المدارس بيئة تعليمية توازنية تحمي النمو المعرفي والعاطفي للجيل الناشئ. لي سونهـوك