ستيوارت جاكسون — سلسلة فنية متطوّرة تختزل الجوهر

أطلق ستيوارت جكسون سلسلة فنية ملفتة تعتمد على النص عنوانها «أنا…»؛ وهي خطوةٍ تباعده عن أعماله التجارية كمدير إبداعي تنفيذي في Daughter Studio. رغم أن صيغة المشروع تبدو بسيطة، فقد صُمِّم العمل لدعوة المتلقي إلى التأمل والاعتراف وحتى التناقض مع الذات.

تصبح كل عبارة هنا استفزازاً أو سؤالاً أو وصماً يمكن أن تقبله أو ترفضه أو تعيد تشكيله. هي في جوهرها مجموعة أعمال فنّيّة منطقية وبسيطة تعكس رغبة جكسون في الخروج عن قيود أعمال العملاء والعودة إلى القيم التي جذبتْه إلى عالم الإبداع في البدء.

يشرح ستيوارت: «بدأت سلسلة «أنا…» كتمرين بسيط، وسيلة لإعادة الاتصال بالطاقة الخام وغير المصفاة التي جعلتني أعشق الإبداع اصلاً. بعد سنوات من صياغة رسائل للعلامات التجارية، أدركتُ أنني لم أقل لنفسي ما يكفي أخيراً».

تبدأ كل قطعة بنفس الأسلوب — “أنا…” — يليها كلمة أو دور أو شعور أو استفزاز. النتائج متعمدة الانفتاح؛ بعضها يحمل ثِقلاً عاطفياً، وبعضها يبتسم بسخرية، أو يتبنّى التناقض أو الجمود اللفظي. يلمّح المشروع برقة إلى الطبيعة الفوضوية والمتعددة الطبقات والمتغيرة للهوية.

يصف ستيوارت السلسلة بأنها «صفحة بيضاء تحمل فرصة عظيمة»، ومع أن الجماليات فيها مقتصدة، إلا أنها بعيدة كل البعد عن السطحية. يقول: «تمنحني الأعمال فرصة لتمديد حدودي الإبداعية، وهذا أمر في غاية الأهمية».

تبتعد «أنا…» بعوالمها عن عمل ستيوارت اليومي في Daughter Studio، الوكالة الإبداعية التي شارك بتأسيسها عام 2020، حيث يعمل مع عملاء مثل أستون مارتن وGreenpeace وShelter، في مشاريع تتطلب انضباطاً وحرفية وتعاوناً عالياً.

يقول ستيوارت: «نبرة وغاية هذا العمل مختلفة تماماً. في Daughter نعمل على طيف واسع من المشاريع… لكنك دائماً تعمل داخل معايير محددة».

«عندما تزيل كل شيء وتبدع بلا موجّه أو عميل، تبدأ في سماع صوتك بوضوح أكبر. تلك الصفاء ساعدني على دفع أفكار أكثر جرأة في أعمال العملاء، وتحدي الأعراف، وإيجاد طرق جديدة للسرد».

يقرأ  من الريشة إلى الشاشةتطور ملصقات الأفلام المرسومة يدوياً في غانا

يتواصل كثير من المبدعين مع هذا التناوب بين العمل الشخصي والممارسة المهنية، لكن قلة نادرة منْ تتاح لها الفرصة لاستكشافه بشكل مباشر. ومع «أنا…»، فإن ستيوارت بدا أنه بدأ للتوّ.

يقول: «هذا مجرد الأساس. أريد أن أنقل السلسلة إلى القماش وإلى النحت، لكن لا مسار ثابت هناك. أعمل بطريقة مرنة إلى حد كبير، وهذا ما أفضّله. قد يخطر لي شيءٌ فجأةً في رأسي، فأفعلُه فوراً. لستُ ممن يفرطون في التفكير — أفضل أن أتصرف بحدسي».

حتى الآن يبدو أن حدسه يجني ثماره، والاستجابة الأولية كانت دافئة وصادقة، مع تعليقات إيجابية على المنصات الاجتماعية وفي اللقاءات الواقعيّة. «يبدو أنها ارتبطت بالناس»، يضيف.

بعد سنوات من تشكيل قصص الآخرين، ليس بالأمر السهل دائماً أن توجه العدسة إلى الداخل، لكن ستيوارت يفعل ذلك تماماً. يتأمل: «أعتقد أن هناك نقطة تتوقف فيها عن قياس النجاح بانتصارات العملاء وتبدأ في الشوق إلى شيء أكثر صدقاً».

«أحب حياة الوكالة، لكن العالم يبدو الآن صاخباً ومتصلباً. أريد أن أحاول اختراق ذلك، أن أقول شيئاً حقيقياً، حتى لو كان ذلك لنفسي فقط».

ورغم أن الأمر ليس تحوّلاً كاملاً (فستيوارت لا يزال مفعماً بالطاقة لصالح صناعة الإبداع)، فإن «أنا…» توحي برغبة في استكشاف أراضٍ جديدة. يلفت إلى أن التصوير الفوتوغرافي صار منفذاً مهماً له بالفعل، وأن العمارة وتصميم الأثاث يقرعان بابه كذلك — «هما شغفان ظلّا يتخمزان تحت السطح».

وعند سؤاله عمّا يحافظ على نبض طاقته الإبداعية، يقول: «الناس الذين يتجرأون. الفنانون الذين لا يتبعون القواعد. الشعراء. النشطاء. المعماريون. المصممون. أستلهم من أولئك الشجعان بما يكفي للسير في اتجاه مختلف، ليقولوا شيئاً حقيقياً ويخرجوا أفكارهم إلى العالم».

أما إن كنت تتساءل كيف تتبع هذا النهج، فله نصيحة بسيطة ومنعشة: «ابدأ فقط. لا تنتظر النسخة المثالية. دع النسخة الأولى تكون خامة وغير مكتملة».

يقرأ  هل يواجه قطاع الإبداع مشكلة التمييز العمري؟

«والأهم من ذلك: اصنع شيئاً لنفسك لا لمحفظتك المهنيّة أو من أجل أقرانك. فقط لأجلك».