ما الضمانات التي قدمها «تحالف المستعدين» الذي دعا إليه ماكرون لأوكرانيا؟ أخبار الحرب الروسية–الأوكرانية

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس أن 26 دولة تعهدت بإرسال قوات أو تقديم مساعدات عسكرية أخرى لأوكرانيا بعد انتهاء الحرب، في مسعى لضمان الأمن داخل البلاد. وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع ما يُعرف بـ«الائتلاف الراغب» في باريس.

ما هو «الائتلاف الراغبون»؟
الائتلاف الراغب هو تجمع دولي مؤقت يُنشأ لمعالجة قضية محددة أو تحقيق هدف سياسي أو عسكري بعينه. يتألف هذا الائتلاف من دول تتشارك هدف تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، وغالبها دول أوروبية، إضافة إلى الأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكندا. وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن الائتلاف لأول مرة في مارس الماضي، حين قال إنه سيضم دولاً مستعدة للتعاون لوضع خطة سلام مستدامة لأوكرانيا تدخل حيز التنفيذ بعد توقيع اتفاق سلام.

ما الذي جرى الاتفاق عليه في باريس؟
حضر الاجتماع قادة من 35 دولة، من بينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بينما شارك آخرون افتراضياً. وفي باريس اتفق 26 من أعضاء الائتلاف على إرسال قوات أو تقديم مساعدات أخرى لأوكرانيا بعد انتهاء الحرب مع روسيا.

قال ماكرون للصحفيين بعد الاجتماع: «لدينا اليوم 26 دولة التزمت رسمياً — وبعض الدول لم تتخذ موقفاً بعد — بنشر ‹قوة طمأنة› في أوكرانيا، أو التواجد على الأرض أو في البحر أو في الجو». ولم يَسْمِ ماكرون أسماء الدول أو يحدد أعداد القوات التي قد تُنشر. وأضاف أن الأوروبيين مستعدون لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا ولكل الأوكرانيين عند توقيع اتفاق السلام.

أوضح ماكرون أن القوات لن تُرسَل إلى خطوط الجبهة، بل ستكون مهمتها منع تجدد النزاع مستقبلاً. وأشار إلى أن مساهمة الولايات المتحدة في هذه الضمانات ستُستكمل خلال الأيام المقبلة. بعض الدول الأوروبية، من بينها ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، لم تلتزم بعد بإرسال قوات لكنها عرضت أنواعاً أخرى من المساعدة، مثل الدعم المالي أو التدريب.

يقرأ  إسرائيل تستدعي ٦٠ ألفاً من قوات الاحتياطفي إطار خطة لتوسيع الحرب واحتلال مدينة غزة — بنيامين نتنياهو

قال المستشار الألماني فريدريك ميرز إن قرار إرسال قوات من ألمانيا سيعتمد على موافقة البرلمان الألماني وعلى شكل مشاركة الولايات المتحدة في ضمانات الأمن. وأضاف، حسبما نقل المتحدث شتيفان كورنيليوس، أن «التركيز يجب أن يكون على تمويل وتسليح وتدريب القوات المسلحة الأوكرانية. لقد أصبحت ألمانيا شريك كييف الأهم في هذا المجال، والحكومة الألمانية مستعدة لتوسيع هذا الدعم».

كيف ردت أوكرانيا؟
نشر زيلينسكي سلسلة منشورات على حسابه في «إكس» استعرض فيها ما جرى في الاجتماع وأشاد بالتقدم المحرز. كتب أن «الائتلاف الراغب يعمل بنشاط كبير — على المستويات العسكرية والسياسية والاستشارية. نحن نفهم بالفعل أساس الضمانات الأمنية الحقيقية. الإطار موجود. الضمانات ليست فقط عن ‹متى› — بل هي عن الـكييف والحاضر أيضاً». وأوضح أن الأساس العملي للخطة من حيث القوى والخطوات الملموسة جاهز، وأنه يتم تحديد الدول المشاركة في مكونات أمنية محددة: من على الأرض، ومن في الجو، ومن في البحر، ومن في مجال الفضاء السيبراني، ومن يمكنه المساهمة مالياً حتى من دون قوات ميدانية. ولم تُكشف بعد التفاصيل الدقيقة لهذه الضمانات.

كيف ردت روسيا؟
رفضت موسكو مبدأ دخول قوات أجنبية إلى أوكرانيا حتى بعد توقيع اتفاق سلام. قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة إن أي قوات غربية على الأرض ستُعتبر «أهدافاً مشروعة» لدى الجيش الروسي. وأكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو ترفض مناقشة فكرة قوة أمنية دولية بعد الصراع «بأي شكل» معتبرةً ذلك تدخلاً مرفوضاً يمس بالأمن.

أين تقف المفاوضات السلمية؟
خلال حملته الانتخابية العام الماضي تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء الحرب بسرعة إذا فاز. لكن اتفاق سلام شامل لا يزال بعيد المنال إذ لم يتوصّل زيلينسكي وبوتين وترامب إلى اتفاق حول الشروط. في 19 مارس اتفقت الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا على هدنة مدتها 30 يوماً تعلّق الهجمات على البنى التحتية للطاقة، ثم في 25 مارس أعلنوا اتفاقاً للبحر الأسود يقضي بتعليق الاستخدام العسكري للسفن التجارية ومنع استعمال القوة في المنطقة. لكن كلا الطرفين اتهم الآخر بانتهاك هذين الاتفاقين، وهما الآن منتهيان.

يقرأ  ما هو التنافر المعرفي؟تعريف موجز للتدريس — تيتش ثوت

أين تقف الولايات المتحدة؟
في 18 أغسطس التقى ترامب بالقادة الأوروبيين في البيت الأبيض لمناقشة سبل إنهاء الحرب في أوكرانيا. خلال ذلك الاجتماع تراجع ترامب عن دعواته السابقة لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مؤكداً أن التوصل إلى اتفاق سلام سيكون الخيار المفضّل.

قبل أسبوع من ذلك، اجتمع ترامب ببوتين في قمة استمرت ثلاث ساعات في ألاسكا، حيث رفض بوتين فكرة وقف إطلاق النار قبل إبرام اتفاق سياسي وحثّ أوكرانيا على التنازل عن أراضٍ في الشرق.

منذ ذلك الحين اتخذت الولايات المتحدة سلسلة إجراءات لزيادة الضغط على روسيا من أجل دفعها إلى التفاوض والقبول باتفاق سلام. وفي إطار حربه على الرسوم التجارية، أعلن ترامب مضاعفة تعريفات الهند من 25% إلى 50% على خلفية شرائها النفط الروسي، وأشار إلى أن إجراءات مماثلة قد تطال حلفاء روساً آخرين.

«سترون الكثير بعد ذلك. فهذا مجرد طعم»، قال ترامب في المكتب البيضاوي في اغسطس، بعد فرض الرسوم الأولية على الهند.

في يوليو، أبرم ترامب صفقة مع دول حلف الناتو الأوروبية لبيع منظومات أسلحة أميركية إضافية، من بينها منظومات الدفاع الجوي صواريخ باتريوت، لاستخدامها على خطوط المواجهة في أوكرانيا، موضحاً أن الحلفاء الأوروبيين لأوكرانيا سيتولون تكاليف هذه الأسلحة.

وفي هذا الأسبوع بدا مستاءً من بوتين خلال مؤتمر صحفي عقده في واشنطن.

«مهما كان قراره بشأن التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، فإما سنرحب به أو سنكون غير راضين عنه. وإذا كنا غير راضين، فستشهدون حدوث أمور»، قال ترامب.

عقب قمة باريس يوم الخميس، عقد ترامب اجتماعاً مع قادة أوروبيين يُعتقد أنه وبّخ دولاً لا تزال تشتري النفط الروسي، وهي في الغالب دول ليست ضمن التحالف، مثل المجر وسلوفاكيا.

يقرأ  احتدام سباق الصواريخ بين الهند وباكستان — والصين أيضاً في مرمى النيران

الاتحاد الأوروبي ككل لا يزال يستورد كميات محدودة من النفط الخام الروسي، لكن المفوضية الأوروبية تسعى إلى إنهاء واردات النفط والغاز الروسيين بالكامل بحلول نهاية عام 2027.

ونقلت شبكة اكسيوس عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن ترامب أخبر القادة إنهم «يمولون الحرب» عبر مشتريات النفط الروسي، وأن عليهم قطع الإمدادات عن روسيا وممارسة ضغوط على الصين للقيام بالمثل.

أضف تعليق