تأشيرات إتش‑١بي ما هي وكيف قد تغيّرها إدارة ترامب؟

تسعى إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إعادة هيكلة برنامج التأشيرات المخصص للعمال الأجانب ذوي المهارات العالية، مع توجه واضح لتفضيل أصحاب العمل الذين يدفعون رواتب أعلى. وإذا ما طُبِق ما وصفه مسؤول بأنه مقترح، فقد يتحول تأشيرة H-1B عملياً إلى «تصريح عمل فاخر» يضر بالموظقين في بداية مساراتهم المهنية الذين يتقاضون أجوراً منخفضة، بمن فيهم المعلمون، كما قد يقوض نظام اليانصيب الحالي المخصص لتوزيع التأشيرات على العمال المؤهلين.

قال ديفيد ليوبولد، الرئيس السابق لجمعية محامي الهجرة الأمريكية والذي يمثّل أصحاب عمل في قضايا H-1B، إن هذا التحول «قد يمنع العديد من أصحاب الأعمال، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، من توظيف المواهب التي يحتاجونها في المهن شديدة النقص، وبالتالي يضعف قدرة أميركا التنافسية عالمياً».

تعاني سوق العمل الأميركية صعوبة في شغل وظائف متخصصة معينة، لا سيما مهندسو ومطورو البرمجيات وبعض وظائف العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وقد اقترح مكتب في البيت الأبيض هذا التغيير في 8 أغسطس، بحسب تقرير بلومبيرغ لو. وعندما يُنشر المقترح في السجل الفدرالي — السجل اليومي للنوايا والتغييرات التنظيمية المقترحة — سيفتح ذلك الباب أمام فترة تعليق عام رسمية، وقد تُستكمل القاعدة النهائية خلال أشهر، رغم أنها ستواجه على الأرجح طعوناً قضائية.

قال جوزيف إيدلو، مدير خدمات المواطنة والهجرة الأميركية، لصحيفة نيويورك تايمز في يوليو إن تأشيرات H-1B ينبغي أن تفضّل الشركات التي تخطط لدفع أجور أعلى للعمال الأجانب. ويبدو أن المقترح الذي وصفته بلومبيرغ لو ينسجم مع هذا الهدف. ولم ترَ بوليتي فاكت نصّ المقترح، ولم تردّ إدارة البيت الأبيض على استفساراتنا، لكن وزارة الأمن الداخلي قدّمت المسودة إلى مكتب في إدارة ترامب في يوليو، وفق ما ذكرته شركة المحاماة جرينبرغ تراوريغ.

يقرأ  ما لا يقل عن عشرين لاجئًا ومهاجرًا يغرقون قرب سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أخبار الهجرة

حاول ترامب إصلاح برنامج H-1B في ولايته الأولى لكنه لم يحقق تقدمًا كبيرًا؛ ففي يناير 2021 نشرت وزارة الأمن الداخلي قاعدة نهائية مماثلة للمقترح الحالي، لكن إدارة بايدن لم تُطبّقها. وعلى الرغم من أن تأشيرات العمل لم تكن محوراً مركزياً في منصة ترامب بشأن الهجرة عام 2024، فقد أثار الموضوع جدلاً قبل توليه المنصب مجدداً، وكان الملياردير إيلون ماسك من الأصوات المؤيدة للإبقاء على البرنامج مع دعواته للإصلاح.

ما هي تأشيرة H-1B؟
برنامج H-1B يسمح لأصحاب العمل بتوظيف عمال أجانب مؤقتاً في مجالات التخصص، ويُشير مركز البحوث الكونغرسِّي إلى أن نحو ثلثي حاملي التأشيرة يعملون في وظائف متصلة بالحاسوب. يأتي معظم الحاصلين عليها من الهند، تليها الصين. يتعين على صاحب العمل المقبل أن يضمن أن الراتب المدفوع للعامل لا يقل عن الأجر الفعلي الممنوح لموظفين مماثلين أو عن الأجر السائد للمهنة—أيهما أعلى—كمعيار أساسي.

وللتأهل للتأشيرة غير المهاجرة يجب أن يحمل الموظف درجة متخصصة أو ترخيصاً أو تدريباً مطلوباً للمهنة. ويستمر الوضع عادةً حتى ثلاث سنوات قابلة للتجديد لثلاث سنوات إضافية، ويمكن تمديدها إذا رعى صاحب العمل العامل للحصول على الإقامة الدائمة، التي تمنح الإقامة والعمل في الولاات المتحدة.

أشار ليوبولد إلى أن المقترح يتجاوز الإطار القانوني الحالي للالتزام بالأجور، قائلاً إن «آلية القانون تهدف لمنع أصحاب العمل من دفع أجور أقل لحملة H-1B مقارنة بنظرائهم الأميركيين، وبالتالي حماية العمال الأميركيين من الاستبدال».

تضع الكونغرس سقفاً سنوياً لطلبات H-1B عند 85,000 تأشيرة جديدة، منها 20,000 لمن يحملون درجات متقدمة. وسجّلت الحكومة نحو 400,000 طلب H-1B معتمداً، شاملة التجديدات، في 2024 بحسب مركز بيو للأبحاث. ومنذ 2020 تتصدر أمازون قائمة أصحاب العمل في عدد حاملي H-1B، وكانت منطقة مترو نيويورك الأكثر استلاماً لموافقات الطلبات، بينما سجّلت كلية ستيشن بولاية تكساس أعلى تركيز من الموافقات.

يقرأ  إدارة ترامب تفرض عقوبات على اثنين من كارتيلات المخدرات المكسيكية وتعلن مكافآت مالية مقابل معلومات — أخبار الجريمة

ما الذي قد يتغير؟
المقترح يفضّل الموظفين الأعلى أجراً، بحسب خبراء. قال محامٍ مقيم في سان فرانسيسكو، مالكولم جيوشل، إن القاعدة ستصبّ لمصلحة شركات التقنية، لا سيما تلك العاملة في الذكاء الاصطناعي، التي تدفع أجوراً مرتفعة حتى للمبتدئين، بينما ستلحق ضرراً ببرامج التوظيف للخريجين الجدد في شركات التقنية التقليدية.

يتوقع جيوشل أن «تكون أرقام اليانصيب متاحة بكثرة عند أعلى سلم الأجور السائدة، لكن قليلة أو معدومة عند القاع. قد يبتعد الخريجون الشباب عن سوق العمل الأميركي مبكراً بسبب ذلك، أو قد تضطر الشركات لرفع أجور المبتدئين من دول أخرى بشكل حاد للفوز في اليانصيب، ما يؤدي لسيناريو مفارِق يرى فيه العمال الأجانب رواتب أعلى من نظرائهم الأميركيين».

صُممت متطلبات الأجر السائد لحماية الوظائف الأميركية من أن تُقضَم بأجور أدنى يقدمها العمال الأجانب. ووفق ديفيد بير مدير دراسات الهجرة في معهد كاتو، قد يجعل التغيير من شبه المستحيل للخريجين الجدد المهاجرين الذين يكسبون أجوراً أدنى أن يبدؤوا مساراتهم المهنية في الولايات المتحدة على تأشيرة H-1B. وأضاف أن «الفائدة القصيرة المدى أن من يُختارون سيكونون أكثر إنتاجية، لكن الكلفة الطويلة قد تكون تحويل تيار الهجرة الماهرة إلى دول أخرى بشكل دائم، كما قد يحظر عملياً استخدام H-1B في قطاعات تعتمد عليه؛ المدارس الابتدائية والثانوية في المناطق الريفية التي تبحث عن معلمين ثنائيي اللغة، على سبيل المثال، لن يكون لها أي فرصة تحت هذا النظام».

وسط نقص وطني في المعلمين، وظفّت بعض المناطق المدرسية حاملي H-1B، بما في ذلك أقسام صغيرة مثل جاكسون في ميسيسيبي وأقسام أكبر مثل دالاس في تكساس. وتعمل مدارس الانغماس اللغوي أيضاً غالباً على توظيف معلمين من دول أخرى عبر هذا البرنامج.

يقرأ  الأرجنتين تتصدر مجموعتها بعد فوز مستحق على بولندا في كأس العالم

لماذا يستمر الجدل حول H-1B؟
النقاش حول H-1B لا يتقاطع بدقة مع الخطوط الحزبية. يرى المؤيدون أن البرنامج يمكّن أصحاب العمل الأميركيين من سدّ الفجوات والمنافسة على المواهب وجذب «أفضل العقول»، بينما يشير النقاد إلى حالات الاحتيال أو سوء الاستخدام ويفضلون سياسات تحفز توظيف الأميركيين أولاً.

في ديسمبر دار نقاش علني بين شخصيات جمهورية بارزة، حيث دانت مؤثرة من تيار ماجا البرنامج ووصفه مستشار سابق لترامب بأنه «احتيال»، في حين دعا ماسك، الذي كان حائزا سابقاً لتأشيرة H-1B وتوظف شركاته حاملين للتأشيرة، إلى إصلاح البرنامج لكنه دافع عنه كآلية مهمة لجذب الكفاءات. وانحاز ترامب إلى موقف ماسك، معلناً أنه «يملك كثيراً من تأشيرات H-1B في ممتلكاته» وأنه مؤمن بالبرنامج وقد استخدمه مرات عديدة. من جهة أخرى، انتقد السيناتور بيرني ساندرز ماسك، معتبراً أن الشركات تُسيء استخدام البرنامج لزيادة أرباحها ويجب أن توظف الأميركيين أولاً.

وتواصلت المناقشات لاحقاً؛ ففي 8 أغسطس جادل النائب غريغ ميرفي، وهو جراح مسالك بولية، على منصة إكس أن التأشيرات «حاسمة للتخفيف من نقص الأطباء الحاد»، وردّت آلاف التعليقات، بينها اعتراض من كريستينا بوشو، مسئولة جمهورية في ولاية فلوريدا، طالبت بالتركيز على أسباب النقص المحلي ومحاولة تمرير تشريعات لمعالجتها.

الخلاصة: المقترح الحالي لقاعدة تُرتّب الأولوية حسب مستوى الأجر قد يعيد تشكيل برنامج H-1B بشكل يجعل الاستفادة منه محصورة أكثر في قطاعات بعينها وأصحاب الأجور العالية، مع تبعات ملموسة على دخول الخريجين الجدد والقطاعات التي تعتمد على العمالة الماهرة منخفضة الأجر مثل التعليم في المناطق النائية.

أضف تعليق