تقول منظمة «أطباء بلا حدود» إن النزوح والحرب والأمطار تقود إلى تفشٍّ قاتل للكوليرا في السودان.
قُتل ما لا يقل عن 40 شخصًا جراء الكوليرا في إقليم دارفور غربي السودان، في ما وصفته المنظمة، المعروفة بالاختصار الفرنسي MSF، بأنه أسوأ تفشٍّ تشهده البلاد منذ سنوات.
أفادت المنظمة يوم الخميس أن الإقليم الغربي الواسع، المُنهك أصلاً بأكثر من عامين من القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتحمّل العبءَ الأكبر لتفشٍ بدأ قبل عام.
«علاوةً على حربٍ شاملة، يواجه الناس الآن أشد موجة كوليرا شهِدها السودان منذ سنوات»، جاء في بيان للمنظمة نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. «في إقليم دارفور وحده، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2300 مريض وسجلت 40 حالة وفاة خلال الأسبوع الماضي».
على مستوى البلاد، أبلغت السلطات الصحية عن نحو 99,700 حالة مشتبه بها و2,470 وفاة مرتبطة بالكوليرا منذ أغسطس 2023.
هذا المرض الجرثومي، الذي ينتقل عبر الطعام والمياه الملوّثة، قد يسبب إسهالًا حادًا وقيئًا وتشنجات عضلية، وقد يؤدي إلى الوفاة خلال ساعات إن لم يُعالج؛ غير أن محاليل الإماهة الفموية البسيطة أو المضادات الحيوية يمكن أن تنقذ الأرواح.
أطلقت السلطات الصحية يوم الأربعاء حملة تلقيح لمدة عشرة أيام في العاصمة الخرطوم لمحاولة كبح التفشّي السريع، الذي تحذّر وكالات الإغاثة من أنه تفاقم بفعل الحرب والنزوح الجماعي والأمطار الغزيرة.
أوضحت أطباء بلا حدود أن ملايين الأشخاص المضطرين لمغادرة منازلهم بسبب الصراع يكافحون الآن للحصول على مياه نظيفة للشرب والطهي والنظافة. في تجربة تاويلا بشمال دارفور، حيث نزح نحو 380,000 شخص جراء القتال المستمر قرب الـفساهر، يعيش السكان على نحو 3 لترات فقط من الماء يوميًا — أقل من نصف الحدّ الطارئ الأدنى البالغ 7.5 لترات للفرد.
قال سيلفان بينيكو، منسق مشروع المنظمة في تاويلا: «في مخيمات النازحين واللاجئين، لا تجد العائلات غالبًا خيارًا سوى الشرب من مصادر ملوّثة فيُصاب الكثيرون بالكوليرا». وأضاف: «قبل أسبوعين فقط، عُثر على جثة في بئر داخل أحد المخيمات. أُخرجت الجثة، لكن بعد يومين اضطر الناس إلى الشرب من نفس الماء مجددًا».
منذ استعادة الجيش للخرطوم في مارس، تصاعدت حدة القتال في دارفور، فيما تحاول قوات الدعم السريع الاستيلاء على الفاشر، آخر مدينة كبرى في الإقليم ما تزال تحت سيطرة الجيش. ووصفت الأمم المتحدة الأوضاع داخل دارفور بأنها كارثية بالنسبة للمدنيين المحاصرين.
وحذّرت أطباء بلا حدود من أن الأمطار الغزيرة زادت من تلوّث مصادر المياه وألحقت أضرارًا بشبكات الصرف الصحي، كما أن النازحين الهاربين من القتال ينقلون المرض إلى دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان.
وصفت رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في السودان، تونا توركمن، الوضع بأنه «ما بعد عاجل».
«التفشّي بات يتجاوز مخيمات النزوح الآن، ويمتد إلى محليات متعددة في ولايات دارفور وما بعدها»، قالت توركمن. «لا يجب أن يُترك الناجون من الحرب ليموتوا من مرض يمكن الوقاية منه».
أسفرت الحرب في السودان، التي اندلعت في الخرطوم في أبريل 2023، عن مقتل أكثر من 40,000 شخص ونزوح نحو 12 مليونن، ودفع الملايين إلى حافة المجاعة.