في المشهد الكويري الدولي تُعرف أروى باسط كديفا مرحة ومتمرسة في الرقص والغناء، فنانة تصنع موسيقى وتؤدي عروض دراغ، وتشارك في قيادة منظّمة إنتاجية سوداء للكوير باسم Legacy. في الآونة الأخيرة احتلت صورتها عناوين الصحف بعد أن جسّدتها آمي شيرالد في عمل فني “مثير للجدل” يصورها كأسطورة الحرية ذات الشعر الوردي القصير. في يوليو اضطرّت شيرالد إلى سحب معرضها American Sublime من المتحف الوطني للبورتريه في واشنطن احتجاجاً على ما اعتبرته مخاوف من رقابة قد تُمارَس على لوحتها لأروى. في ظل تزايد الخطاب السلطوي في البلاد، يطرح العمل «تحويل الحرية» (2024) سؤالاً أساسياً: هل تمثّل المؤسساتُ الدولة أم تمثّل الناس؟ وهل ستتعلّم من أخطائها والماضى؟
أروى، المولودة في دالاس، ليست بغريبة عن الصعوبات. قالت في مقابلة إن المعلمين غالباً ما كانوا يوصمونها بأنها شقية ومُعطلة للصف بسبب شخصيتها الواسعة وطموحها لأن تسلي وتعبّر. «كوني قِيري في تكساس جعلني دوماً موضع توبيخ لمجرّد وجودي»، تذكّرت. «كنت أُعاقَب لأني أنثوية كثيراً، ولأني أحظى بالانتباه الذي كان أهلي أو الآخرون يرونه غير مبرّر.»
قد تكون نفس النزعة القمعية هي ما دفع NPG لطرح استبعاد بورتريه شيرالد لأروى من المعرض. (ممثل عن مؤسسة سميثسونيان أخبر وسائل الإعلام سابقاً أنهم «لم يتمكنوا من الوصول إلى اتفاق مع الفنانة».) بعد أيام من سحب العرض، احتلّت لوحة «تحويل الحرية» غلاف مجلة New Yorker؛ وبعدها أدرجت البيت الأبيض العمل ضمن قائمة تستهدف 26 عملاً ومعرضاً اعتبرتها سلطات خليفة يستخدمها «السرد الانقسامي» المتعلق بتجارب الكوير والمتحولين والمهاجرين.
انتشار الخبر بهذا الشكل قال الكثير عن الهجمات الصريحة على المتحولين جنسياً في أنحاء البلاد وكيف تُسَلَّط الأضواء عليهم، وعن تعقيد رواية الظهور كشخص أسود وكوير ومتحول في آن واحد. «أمريكا تحب أن تخبر السود أي نوع من السود يجب أن يكونوا»، قالت أروى. «اعتقدتُ أن هذه البلاد ستواجه مشكلة في وجود شخص أسود متحول في المتحف نفسه الذي تُعرض فيه صور الرؤساء.»
حصلت أروى على شهرة واسعة في 2019 عندما انضمت إلى أول طاقم كوير بالكامل في برنامج المواعدة Are You the One?. رغم رفضها لجوانب الأداء التلفزيوني الواقعي، كانت تعلم أن وجودها سيترك أثرًا على الشباب المتحولين الذين لا يرون أنفسهم على الشاشة، خصوصاً في منظومة إعلامية تبتلع النساء السود المتحولات وتستغلهن ثم تتخلى عنهن. تغنّي عن هذه التجربة في ألبومها القصير Archive، الذي صدر في 11 نوفمبر، مستلهمةً من عرض قدّمته على فاير أيلاند، الوجهة الكويرية المعروفة بغلبة البيض والهوية السيسية؛ هناك شعرت، كحال كثير من أخواتها المتحولات، بالاحتضان نهاراً والتجاهل ليلاً.
«الناس الذين قالوا لي إنني مميزة كانوا في الغالب من السود»، قالت أروى متأملة في نماذج القدوة التي شكلت نشأتها. «تعلمت من سنّ مبكرة أن الشيء الوحيد الذي يحمي ما يجعلني مميزة هو احتضانه».
قارنَت أروى رد الفعل على بورتريهها بالفضائح التاريخية حول الموديلات والملهمات، مثل حالة السيدة فيرجيني أمِلي أفينيو غوترو في لوحة جون سينغر سارجنت «مدام إكس» (1884)، التي أثارت الاستياء لدى العامة والنقاد عند عرضها في صالون باريس. أوضحت أن لوحة سارجنت كانت المرجع الأصلي لـ«تحويل الحرية»، وأن شيرالد اختارتها بعد كاستينغ طالبت بفنان دراغ أسود؛ وكانت نتيجة البحث فيديو لأدائها لأغنية «I Can’t Stand the Rain».
في مرسم الفنانة في نيوجيرسي جربت شيرالد وأروى تسريحة كتف طويلة اعتبراها «مِشِيل» ثم اقتنعا في النهاية بالباروكة الوردي الفاقع كرمز لهوية أروى. في البداية وضعت يدها على طاولة كما في «مدام إكس»، لكن عندما رفعت يدها في وضعية وسام الحرية صار الاتجاه الفني واضحاً.
لكن ماذا يعني أن يتحوّل صاحب الصورة إلى عرض علني لمجرّد هويته؟ ضمن أعمال شيرالد، تبرز «تحويل الحرية» بفضل الشكل الإلهي المؤنث وتزيين الجالسة مقارنةً بلوحاتها الأخرى ذات الطابع الرمادي. ومع ذلك تصرّ أروى على فاعلية الذات في البورتريه: «اللوحة ليست انعكاساً حرفياً لي، بل تمثيلاً لي».
تعرّضت المجتمعات الكويرية والمتحولة تاريخياً لاتهامات بأنها تصنع عرضاً متعمداً حول نفسها، من أمثال سيلفستر وكريستينا «لا فينينو» وأليكسيس أركيت. هذا السرد الخطير استُخدم أداةً لفرض القيود وملاحقة المختلفين، وتجريم أي منحرف عن المعيار واتهامهم بالوقاحة لمجرّد مظهرهم. ومع تضاعف القوانين المعادية، مثل مشروع قانون فلوريدا 2022 المعروف بـ«لا تقلوا مثلياً»، تُسوق بعض الجهات فكرة زائفة مفادها أن مناقشة حياة الكوير والمتحولين تخلق «عرضاً عاماً» يجب إخفاؤه عن الأطفال.
حتى داخل حركات LGBTQ+ نفسها، كثيراً ما تُهمَش الأصوات المشابهة لصوت أروى. في الفيلم القصير «Dolls» الذي كتبته وأخرجته جينا روكيرو وأنتجته ليلي ويكوفسكي، أُعطيت شخصية مايا مساحة لتتألق، محاولةً التصدي لهذا الشكل من الإقصاء. «أنا مستعدة لأن تكون الترانسّيّة أمراً شخصياً جداً لكل واحد دون أن تحتاج لأن تبدو بطريقة معينة لأحد»، قالت.
بالنسبة لأروى، فإن التخلي عن محاولة السيطرة على السرد العام هو أول خطوة نحو الحرية الحقيقية. كثيراً ما يخيّل للمتحولين والكوير أنهم الأسوأ لمجرد أنهم على حقيقتهم — إلى أن يكبروا ويفهموا من هم من يسببون الضرر فعلاً. «اخطفوا السعد من الذين يشكلون خطراً في دورات المياه»، قالت: «هم ليسوا نساء متحولات، هم رجال سيس».
«ما أفعله لأجعل العالم مكاناً أفضل شأنٌ خاص بي. وما أفعله لأجعل حياتي، التي أحياناً تكون صعبة، أسهل، أيضاً شأنٌ خاص بي»، أكدت.
عالم الفن السائد يعج بأناس يطاردون الفرح عبر قبول المؤسسات وتعليق الأعمال على جدران المتاحف وجمع الثروة. لكن أروى تعرف أن الفرح شعور متأصل في الحب، وحري أن يجده الكوير والمتحولون في أنفسهم وفي بعضهم البعض. «تعلمت مبكراً أن أقوى وسيلة حين يحاولون التقليل مني كانت أن أبتسم وأُظهر كم أنا سعيدة»، قالت مبتسمة.
«التزاماتهم بعدم الفهم شأنهم هم وحدهم»، تابعت أروى. «أنا سألتزم بحقيقتي، بتعميق التعاطف، وبإيجاد طرق لتحويل الفرح بالرغم من من لا يؤمنون بأنني أستحقه. هذا عملي».