هجوم متكرر على أسطول «الصمود» راسية في تونس
لليلة الثانية على التوالي يقول أعضاء «قافلة الصمود العالمية» إن سفناً تابعة لهم تعرّضت لهجوم بينما كانت راسية في موانئ تونس. في وقت متأخر من مساء الثلاثاء أصيبت سفينة «ألما» التي ترفع العلم البريطاني أثناء رسوها قبالة ميناء سيدي بوعيد، ما أدى إلى اندلاع حريق تمّ لاحقاً احتواؤه. لم يصب أحد بأذى.
بقايا القذيفة المستخدمة في هجوم ليلة الثلاثاء على قافلة الصمود [ماوريسيو موراليس/الجزيرة]
تأتي هذه الحادثة بعد ضربة ليلة الاثنين التي استهدفت السفينة الرئيسية للقافلة «الفاميلي بوت» (سفينة العائلة)، والتي اشتعلت فيها النيران كذلك بعد أن أصابها ما يُشتبه بأنه طائرة من دون طيار في نفس الميناء. السفينة، التي ترفع العلم البرتغالي ويبلغ طولها 23 متراً، كانت تقل ستة من أعضاء لجنة التسيير.
أظهر شريط فيديو التقطته سفينة قريبة، وتحققت منه قناة الجزيرة، ما بدا وكأنه جهاز حارق سقط على متن السفينة قبل انفجار. وقال أحد الركاب، ميغيل دوارتي، لوسائل الإعلام إنه رأى طائرة من دون طيار تحوم في الأجواء قبل الانفجار مباشرة.
في المقابل، رفضت الحرس الوطني التونسي رواية التعرض لهجوم ووصفتها بأنها «لا أساس لها من الصحة»، منسوبة سبب الحريق إلى سيجارة مهملة، بينما حمّلت قافلة الصمود إسرائيل المسؤولية، قائلة إن الضربة ألحقت أضراراً بالسطح الرئيسي ومخازن السفينة، رغم أن الركاب تمكنوا من إخماد النيران. أُبلغ عن سلامة جميع الطاقم والنشطاء الموجدن على متن السفينة.
أين تقف قافلة الصمود الآن؟
قافلة الصمود العالمية، تحالف يضم أكثر من خمسين زورقاً وسفينة تسعى لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة، أبحرت في 31 أغسطس/آب 2025 ووصلت إلى ميناء سيدي بوعيد بتونس في 7 سبتمبر/أيلول. تخطط لمواصلة رحلتها نحو غزة يوم الأربعاء، حاملة مساعدات ومواد إنسانية، ويقول منظموها إن الهدف من الحملة جذب انتباه المجتمع الدولي إلى الحصار المستمر.
من هم نوّاب القافلة ومن أي دول يأتون؟
تؤكد قافلة الصمود أن وفوداً من 44 دولة التزمت بالإبحار إلى غزة كجزء من أكبر مهمة بحرية لكسر الحصار الذي تصفه القافلة بأنه غير قانوني. ويشير المنظمون إلى أن المشاركين غير منتسبين لأي حكومة أو حزب سياسي.
محاولات سابقة لكسر الحصار البحري
لم تكن هذه المحاولات الأولى: في 2008 نجح زورقان من حركة «غزة الحرة» في الوصول إلى غزة، وكان ذلك أول اختراق للحصار البحري الإسرائيلي. أطلقت الحركة، التي تأسست عام 2006، 31 رحلة بين 2008 و2016، وصلت خمس منها إلى غزة رغم القيود الإسرائيلية الشديدة.
منذ 2010، تعرضت جميع القوافل التي حاولت كسر الحصار لهجمات أو لاعتراضات من قبل إسرائيل في المياه الدولية. الخرائط والسجلات تُظهر مواقع الاعتراض التي واجهت فيها بعض القوافل قوات إسرائيلية قاتلة.
2010 — قافلة حرية غزة
في عام 2010 شنّت قوات إسرائيلية هجوماً على سفينة «مافي مرمرة» في المياه الدولية، ما أسفر عن مقتل عشرة ناشطين وإصابة عشرات آخرين، وأثار الحادث غضباً دولياً واسعاً. كانت السفينة تابعة لمؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، وفاقمت الحادث التوتر في العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وفي 2013 اعتذرت إسرائيل عن «أخطاء عملية» في الغارة، ولا يزال التفاوض جارياً بشأن تعويضات، بينما تُحاك بعض القوات والمسؤولين الإسرائيليين غيابياً في تركيا بتهم جرائم حرب.
2011 — قافلة الحرية الثانية
أُطلقت قافلة الحرية الثانية عام 2011 كمتابعة لمهمة 2010، بمشاركة ائتلاف من نشطاء ومنظمات دولية وبمخطط يضم عشرة سفن ونحو 300 مشارك. لكن ضغوط دبلوماسية شديدة من إسرائيل، وتقارير عن تخريب للسفن وقيود فرضتها دول مضيفة مثل اليونان، حالت دون مغادرة معظم السفن. اقتربت سفينة «دينيت-الكرامة» الفرنسية ذات الـ17 راكباً من الوصول، إلا أن قوة إسرائيلية اعترضتها وسحبتها إلى أشدود حيث احتُجز الناشطون واستُبعدوا لاحقاً.
2015 — قافلة الحرية الثالثة
نظمت تحالف قافلة الحرية قافلة ثالثة في 2015 بقيادة السفينة السويدية «ماريان أوف غوتنبرغ». في 29 يونيو/حزيران 2015 اعترضت البحرية الإسرائيلية السفينة على بعد نحو مئة ميل بحري من ساحل غزة في المياه الدولية، وصعد عليها كوماندوز إسرائيلي ونقلها إلى أشدود، وتم احتجاز النشطاء وترحيلهم فيما بعد، وأفرج عن بعض أفراد الطاقم بعد ستة أيام.
2018 — «مستقبل عادل لفلسطين»
شملت قافلة 2018 سفينتيْن رئيسيتين («العودة» و«فريدوم») وسفينتين مساعدتين، وتم اعتراض كلتا السفينتين الرئيسيتين في 29 يوليو و3 أغسطس 2018 في المياه الدولية، حيث اعتُقل من كان على متنهما وتعرّض بعضهم لصدمة كهربائية أو اعتداءات بحسب إفادات. ثم تم ترحيل معظم المشاركين.
2025 — «الضمير» يكسر الحصار؟
أثناء استعدادها للإبحار إلى غزة في 2 مايو/أيار 2025، تعرّضت سفينة «الضمير» مرتين لهجوم بطائرات مسيّرة مسلّحة على بعد نحو 14 ميلاً بحرياً من ساحل مالطا. أدى الهجوم إلى اندلاع حريق وحدوث خرق جسيم في هيكل السفينة، ما اضطر الثلاثين ناشطاً من تركيا وأذربيجان إلى خوض معركة يائسة لتفريغ المياه وإبقاء المركب طافياً.
أصيب أربعة أفراد بجروح طفيفة شملت حروقاً وقطوعاً.
2025 — مادلين
على رغم الهجوم على سفينة «الضمير»، أبحرت «مادلين» من صقلية في الأول من يونيو محمّلةً بالغذاء والأدوية. في 7 يوليو اعترضها اسطول البحرية الإسرائيلي على بعد مئة ميل بحري (185 كم) من ساحل غزة في المياه الدولية. تم توقيف اثني عشر من أفراد الطاقم، من بينهم الناشطة المناخية غريتا ثونبرغ، وعضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن، والصحفي في قناة الجزيرة عمر فياض. سُحبت السفينة إلى أشدود، على بعد 30 كم شمال غزة، حيث احتُجز الناشطون قبل أن يُرحلوا.
2025 — حنظلة
في 27 يوليو 2025، استولت قوات بحرية إسرائيلية على سفينة الناشطين «حنظلة» — المسماة تيمُّناً بالشخصية الكرتونية الفلسطينية الرمزية للمقاومة — في المياه الدولية على بعد نحو خمسين ميلاً بحرياً (حوالي 90 كم) من غزة.
كان على متنها تسعة عشر ناشطاً وصحفياً غير مسلحين من دول متعددة، من بينهم عضوان من البرلمان الفرنسي ومراسلان عن قناة الجزيرة. أدان تحالف أساطيل الحرية (FFC) هذا الإجراء بوصفه اعتراضاً عنيفاً ينتهك قانون الملاحة الدولي، مؤكدين الطبيعة المدنية غير العسكرية للمهمة وهدفها في إيصال المساعدات.