بولندا: إسقاط طائرات روسية مسيّرة بعد انتهاك المجال الجوي

توماس ماكنتوش وجاروسلاف لوكيف

بولندا على مقربة من صراع مفتوح لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية، حسب تحذير رئيس الوزراء

قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، أمام النواب، إن ثلاثة طائرات مسيّرة روسية على الأقل أُسقطت في الأجواء البولندية خلال هجمات ليلية على أوكرانيا، وذلك بواسطة طائرات بولندية وطائرات حلف شمال الأطلسي. وسجلت بولندا ما مجموعه 19 اختراقًا جوياً بواسطة مسيّرات، وصلت بعضها إلى أعماق أدت إلى إغلاق مؤقت لأربعة مطارات، من بينها مطار وارسو الرئيسي شوبان.

وصف توسك الواقعة بأنها «الأقرب إلى صراع مفتوح منذ الحرب العالمية الثانية»، مشيرًا إلى أن إسقاط هذه الطائرات التي شكّلت تهديدًا أمنياً يغير المعادلات السياسية ويعني أن خطًا قد تم تجاوزه، وإن الوضع أصبح أخطر بكثير مما كان عليه سابقًا. وأضاف أن السلطات لا تملك معلومات تشير إلى وقوع إصابات أو وفيات كناتج مباشر عن هذه الأعمال الروسية.

من جهتها، نفت وزارة الدفاع الروسية وجود خطط لاستهداف منشآت على الأراضي البولندية، مؤكدة أن أقصى مدى للطائرات الروسية المزعومة الذي عبر حدود بولندا لا يتجاوز 700 كيلومتر، وأن موسكو «مستعدة» لإجراء مشاورات مع وزارة الدفاع البولندية. وقال القائم بأعمال السفير الروسي في بولندا إن وارسو لم تقدم دليلاً يثبت أن هذه المسيّرات مصدرها روسي.

حذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن الهجمة الأخيرة تشكّل «سابقة خطيرة للغاية لأوروبا»، بينما اعتبر وزير الخارجية الأوكراني أندريي سيبيها أن هذه الحوادث دليل على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يواصل التصعيد ويوسع نطاق الحرب».

على الصعيد الدولي، غرّد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على منصة تروث سوشيال مستنكرًا اختراق روسيا للمجال الجوي البولندي بمسيّرات، فيما أفاد مسؤول في البيت الأبيض لبي بي سي بأن ترامب يتابع التقارير الواردة من بولندا، وأنه من المقرر أن يتصل برئيس بولندا كارول نافروتسكي خلال اليوم.

يقرأ  طفرة الطاقة الشمسية والبطاريات تُعيد تشكيل قطاع الكهرباء في باكستان

تفتيش مواقع السقوط والأدلة

قام خبراء عسكريون وباحثون في طائرات مسيّرة بفحص موقع تحطم طائرة روسية في قرية واخين بشرق بولندا. وأكدت وزارة الداخلية أن السلطات عثرت على سبع مسيّرات وبقايا جسم غير محدد الهوية في مواقع متفرقة من البلاد. وأوضحت المتحدثة كارولينا جاليسكا أن خمسة من هذه المسيرات وبقايا الجسم غير المعروف وُجدت في مقاطعة لوبلين شرقي بولندا قرب الحدود مع بيلاروس وأوكرانيا، فيما عُثر على مسيرتين أخريين في وسط وشمال البلاد، بعيدًا عن الحدود.

رد بولندا والناتو

عقد توسك اجتماعًا طارئًا صباح الأربعاء وطلب تفعيل المادة الرابعة من معاهدة حلف الناتو، التي تشرع فتح محادثات عاجلة بين أعضاء الحلف بشأن تهديدات للأمن الجماعي. وتذكّر بولندا، كدولة عضو في الحلف، ارتباطها بتدابير الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى. وأكد كل من توسك ورئيس بولندا كارول نافروتسكي أنهما على «اتصال منتظم» بالامين العام للحلف مارك روتا، الذي أشاد برد فعل الحلف واصفًا إياه بأنه «رد فعل ناجح للغاية»، ومؤكدًا أن التحقيقات جارية وأن أي تصرّف متهوّر من أي طرف يُدان بغض النظر عن مقصده.

من جانبها، نسبت بيلاروسيا، الحليف الوثيق لروسيا، دخول بعض المسيّرات إلى المجال الجوي البولندي إلى خلل أو تشويش في أنظمة الملاحة، فيما قالت قيادة القوات المسلحة البولندية لبي بي سي إن المسيّرات التي كان يُحتمل أن تشكّل تهديدًا أُسقطت استباقيًا. وأُرسلت طائرات بولندية وطائرات تابعة لحلف الناتو، منها مقاتلات F-35 وF-16، ومروحيات MI-24 وMI-17 وبلاك هوك، إلى منطقة العمليات المقصودة، كما وُضعت منظومات الدفاع الجوي الأرضية وأنظمة الرادار على أعلى مستوى من التأهب. كما شكرت القيادة العسكرية البولندية قيادة جوية الناتو وهولندا على نشر مقاتلات F-35.

يقرأ  ذوبان قياسي لجليدية فينتينايضطر الجيولوجيون لمراقبتها عن بُعد فقط

تداعيات على المدنيين والتحذيرات المحلية

على الرغم من انتهاء العملية العسكرية في أنحاء البلاد، دعت السلطات المواطنين إلى البقاء في المنازل، وحدّدت مقاطعات بودلاسك، مازوفيتسكي، ولوبلين كالمناطق الأكثر عرضة للخطر. وناشدت القوات العسكرية المواطنين بألا يقتربوا من أية أجسام مجهولة أو حطام، وألا يلمسوها أو ينقلوها حفاظًا على سلامتهم.

خلفية الهجوم على أوكرانيا

قُسِم التقرير بأن المسيّرات الروسية التي دخلت المجال الجوي البولندي كانت جزءًا من أحدث موجة هجوم جوي واسعة على أوكرانيا؛ إذ أفادت القوات الجوية الأوكرانية بإطلاق أكثر من 400 طائرة مسيّرة و42 صاروخًا مجنحًا قبيل منتصف الليل، واستمر القصف طوال الليل، مما أسفر عن خسائر وإضرار واسعة في البنية التحتية الأوكرانية.

أضف تعليق