قصر سينغا دوربار التاريخي يتعرض للتدمير مع تحوّل احتجاجات نيبال إلى أعمال عنف دامٍ

خرج شباب نيبال إلى الشوارع يوم الاثنين 8 سبتمبر للاحتجاج السلمي ضد ما وصفوه بالفساد الحكومي ولإدانة حظر جديد على وسائل التواصل الاجتماعي، في موجة احتجاجات تزامنت مع اضطرابات مماثلة في بنغلادش وإندونيسيا. لكن التظاهرات التي انتشرت في العاصمة كاتماندو سرعان ما تحولت إلى عنف دموي أودى بحياة 22 شخصًا — أغلبهم من المحتجين المعارضين للحكومة — وأصاب المئات. استخدمت قوات الأمن ذخيرة حية ومدافع مائية وقنابل مسيلة للدموع ضد المتظاهرين، الذين كان كثيرون منهم يرتدون الزي المدرسي. وأسفر التوتر عن استقالة رئيس الوزراء كي. بي. شارما أولي.

في اليوم التالي، تجاهل المتظاهرون حظر التجول الذي فرضته الشرطة، ونهبوا وأحرقوا مؤسسات عامة ومعالم تاريخية ومتاجر خاصة في أنحاء متفرقة من البلاد. من أكثر المواقع تأثراً كان قصر سنغا دوربار التاريخي، المبني عام 1908، والذي كان مركز الإدارة الحكومية، وقد تعرض لأضرار جسيمة في الحرائق.

وصف ناشط في مجال التراث الثقافي يُدعى هريشاف راج جوشي مشهد احتراق سنغا دوربار بأنه «أمر يقضي على القلب»، مشيرًا إلى أن الخسارة لا تقتصر على الحجارة والطوب بل تشمل سجلات لا تُعوّض وذاكرة وطنية ومقتطفات من تاريخ البلاد تحولت إلى رماد.

تتكشف تحت ألسنة النيران غضبًأ عميقًا له جذور تمتد لسنوات طويلة قبل اندلاع الاحتجاجات، وغالبًا ما يُعزى إلى الفساد والمحسوبية وثقافة سياسية يرى فيها كثير من الشبان أنها سلبتهم مستقبلهم. لجيل نشأ منفتحًا على العالم الخارجي، زاد حظر الإنترنت والإجراءات الرقابية من تصميمهم على إيصال صوتهم. يرى عدد كبير من المتظاهرين أن القضية ليست مجرد نزاع حول وسائل التواصل الاجتماعي، بل محاسبة تاريخية لسنوات من الوعود المكسورة.

واحدة من أقوى الصور التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية نشرها فنان يعرف باسم «بلو»، وتُظهر عناصر شرطة يوجهون بنادقهم إلى طالب يرفع لافتة كتب عليها «إنهوا الفساد»، مع تعليق يقول: «حلم نيبال مزدهرة أصبح ذنبًا».

يقرأ  متحف موتر بفيلادلفيا يعلن سياسة جديدة لتنظيم التعامل مع البقايا البشرية

أثارت عمليات الحرق واسعة النطاق نقاشًا محتدماً على الإنترنت؛ فبينما أدان كثير من المتظاهرين العنف مؤكدين أن حركتهم تسعى للمساءلة والإصلاح لا للتخريب، ذكر حساب NepalUnmasked أن الطلاب وجيل زد هم من قادوا الحراك «ومخاطرون بكل شيء من أجل الحرية والمساءلة». في الوقت نفسه حاول آخرون الدفاع عن الحفاظ على المواقع التراثية والوثائق التاريخية التي قد تضيع في الفوضى.

تواجد المحتجون أيضاً أمام مبانٍ ثقافية رئيسية، من بينها مبنى دائرة الآثار وموقع باكتابور المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، حاملين لافتات تناشد الحفاظ على هذه الأماكن. وأكدت قيادة احتجاجات جيل زد أنها لن تتسامح مع الهجمات على الأملاك العامة أو الخاصة، ودعت إلى تنظيم وتشكيل مظاهرات منضبطة.

ورغم الغضب الشديد الموجه إلى الحكومة، ظل احترام التراث الثقافي أولوية لدى كثير من المتظاهرين. وقالت منظمة Archive of Nepal، التي تعمل بين كاتماندو ونيويورك، عبر حسابها على إنستغرام: «نعم، نحتاج لبناء مستقبل أفضل لنيبال، لكن رجاءً لا ندمر تاريخنا ومبانينا التاريخية». وأضافت أن مبانٍ مثل سنغها دوربار والارشيف الوطني تحوي وثائق ضرورية يجب حفظها.

ونشرت قوات الأمن، بما في ذلك الجيش، بأمر من السلطات لمحاولة إعادة النظام واحتواء الأزمة التي زعزعت النسيج السياسي للبلاد. وفي بيان متلفز، قال قائد الجيش نيبال أشوك راج سيغدل إن الأولوية الآن هي «تطبيع الوضع الراهن الصعب وحماية تراثنا التاريخي والممتلكات العامة والخاصة، وضمان سلامة الجمهور العام والبعثات الدبلوماسية».

منذ إلغاء الملكية التي استمرت 239 سنه وتأسيس الجمهورية عام 2008، شهدت نيبال أكثر من عشر حكومات. ومع ذلك، تبدو فوضى الأيام الأخيرة، بما حملت من قتل ودمار، استثنائية في التاريخ المعاصر للبلاد. ومع انقضاء هذه اللحظة التاريخية من الاحتجاج الشعبي بقيادة الشباب، تقف نيبال أمام مفترق حاسم في مسارها السياسي.

يقرأ  دليل خطط وأسعار سويتداش لعام 2025 — كل ما تحتاج إلى معرفته —

أضف تعليق