الجيش النيبالي يستأنف محادثات لاختيار قائد مؤقت للدولة الجبلية
يستأنف الجيش في نيبال محادثاته مع قادة التظاهرات لاختيار قائد مؤقت للأمة الهيمالايا، عقب أعمال عنف أدت إلى الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء كي بي شارما أُولي، وفق ما أفاد به متحدث باسم المؤسسة العسكرية.
تمركزت قوات الجيش في شوارع العاصمة كاتماندو الهادئة لليوم الثاني على التوالي، بعد أسوأ موجة احتجاجات شهدتها البلاد منذ عقود، والتي أشعلت شرارتها حملة حظر على منصات التواصل الاجتماعي عادت السلطات عن فرضها بعد اندلاع حوادث قتل هذا الأسبوع.
دعوات للتهدئة والالتزام بالدستور
قال رئيس نيبال رامشاندرا باو ديل في بيان إنه يسعى لإنهاء الأزمة التي تعصف بالبلاد: «أُجري مشاورات وأبذل كل جهد لإيجاد مخرج من الوضع الصعب الحالي ضمن الإطار الدستوري. أناشد جميع الأطراف أن يطمئنوا إلى أنه يجري السعي سريعاً لإيجاد حل يلبّي مطالب المواطنين المحتجين». ودعا باو ديل كذلك النيباليين إلى «التحلّي بضبط النفس والتعاون للحفاظ على السلم والنظام».
مفاوضات مبدئية بشأن قيادة مؤقتة
قال المتحدث باسم الجيش راجا رام باسنيت لوكالة رويترز إن «المباحثات الأولية جارية وستستمر اليوم»، مشيراً إلى أن الهدف هو «تطبيع الوضع تدريجياً». ووصف مراسل الجزيرة روب مكبرايد الوضع في الشوارع بأنه «هدوء متوتر»، مضيفاً أن المواجهات تظهر أحياناً على نحو يوحي بأن الأزمة ما تزال مشتعلة، حيث تتجمع الحشود أمام مقر الجيش قبل أن تقتحمها القوات وتدفعها إلى الوراء.
المرشحة الأبرز: سوشيلا كاركي
تُشير الأنباء إلى أن القاضية السابقة سوشيلا كاركي، أول امرأة تشغل منصب رئيسة محكمة في نيبال عام 2016، تُعد المرشحة الأبرز لتولي القيادة المؤقتة، وقد اقترح اسمها كثير من قادة الحراك. وأفاد مصدر مطلع لوكالة رويترز بأن كاركي أبدت موافقتها، لكن تُبذل جهود لتأمين مسار دستوري لتعيينها. وبرزت خلافات داخل صفوف المتظاهرين حول قبول ترشيحها، إذ كان القادة يسعون لحسم قرار بالإجماع.
حاضنة شبابية وتنقّلات في المشهد السياسي
نال عمدة كاتماندو، بالين شاه، وهو سياسي مستقل وذو شعبية لدى كثير من الشباب المحتجين، تأييداً لصالح كاركي، لكن الانقسامات داخل المعسكر الاحتجاجي والأحزاب التقليدية تُبقي مستقبل المشهد السياسي في نيبال ضبابيّاً. وقال ناشط في صفوف التظاهر، كان أحد قادتها، إن كثيرين من الشباب الذين قادوا الحراك يشعرون بالحذر لأنهم لم يوجّهوا دعوة رسمية للمشاركة في المحادثات: «لم يعد هناك وضوح؛ كنا معاً في التظاهر السلمي، لكن المشهد تغيّر بعد تفرقنا».
أمل في حل سياسي
طرح مراسل الجزيرة سؤالاً مركزياً حول ما إذا كانت ستنجح جهود التوافق في تشكيل حكومة مؤقته وما ستكون ملامحها؛ إذ أن المجموعات التي قادت الحراك كثيرة ومتباينة المواقف، وبعضها في صراع مفتوح مع الآخر، ما يصعّب المهمة، وفق تعبيره. وأضاف أن الوضع ميدانيّاً «متوتر للغاية وقد يتجه في أي اتجاه»، معرباً عن الأمل في أن تولد وساطة عسكرية حلاً سياسياً للأزمة.
قيود وارتخاء جزئي للحظر
أغلقت المتاجر والمدارس والجامعات في كاتماندو والمناطق المحيطة، لكن بعض الخدمات الأساسية عادت للعمل. وفرض حظر تجول على مستوى البلاد ابتداءً من ليل الثلاثاء وسيستمر حتى الجمعة، مع تسهيلات سمح بها الجيش لحركة عمال الخدمات الضرورية. كما أصدر الجيش بياناً ينص على السماح للمسافرين الجويين المحليين والدوليين بالتنقّل بعد إبراز تذاكر سفرهم.
حصيلة القتلى وتأثيرات الحراك الشبابي
أفادت تقارير محلية بأن حصيلة القتلى ارتفعت إلى 31 بحلول يوم الخميس. وقالت مصلحة الطب الشرعي في مستشفى جامعة تريبهوفان التعليمي، حيث تُجرى عمليات التشريح، إن الهويات الأولية لـ25 ضحية تم تحديدها حتى الآن، بينما لا تزال هويات الستة المتبقين، بينهم سيدة واحدة، غير معروفة. ويُشار إلى أن حركة الاحتجاجات التي هزّت نيبال هذا الأسبوع تُعرف شعبياً باسم «احتجاجات جيل زد»، إذ هيمنت عليها فئة الشباب الغاضبة من ما يرونه فشلاً حكومياً في مكافحة الفساد وتوفير فرص اقتصادية.
أضرار مادية وإشعال مبانٍ حكومية
شملت أعمال العنف إحراق مبانٍ حكومية عدة، من المحكمة العليا إلى منازل وزراء، كما طاولت أعمال الحرق مسكن أُولي الخاص. واشتُعلت النيران في مؤسسات تجارية وفنادق سياحية في بوكارا، ومن بينها فندق هيلتون في كاتماندو، بينما خفتت حدّة الاحتجاجات بعد استقالة رئيس الوزراء.