روسيا البيضاء تطلق سراح سجناء سياسيين مقابل تليين العقوبات الأمريكية

اطلق سراح عشرات السجناء السياسيين من سجون بيلاروس إثر صفقة بين الرئيس السلطوي ألكسندر لوكاشينكو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.

أُفرج عن اثنين وخمسين شخصاً شملتهم العفو، بينهم قادة نقابات وصحافيون ونشطاء، بينما لا يزال أكثر من ألف سجين سياسي خلف القضبان. وبالمقابل، قالت واشنطن إنها ستخفف بعض العقوبات عن شركة الطيران البيلاروسية “بيلافيا” بحيث تُتاح لها إمكانية شراء قطع غيار لطائراتها.

جاء الإفراج عشية انطلاق مناورات عسكرية مشتركة بين بيلاروس وروسيا الحليفة المقربة، وبعدما وصفته بولندا بتدخل روسي غير مسبوق لطائرات مسيّرة في أجوائها. وتعمل بلدان مجاورة على إغلاق الحدود أو أجزاء من الأجواء؛ فبلاد البلطيق لاتفيا أغلقت جزءاً من مجالها الجوي، بينما أغلقت بلوندا حدودها مع بيلاروس بسبب مناورات “زاباد-2025” التي تستمر حتى الثلاثاء.

وأدانت وزارة الخارجية الروسية قيادة بولندا على ما سمّته “خطوات تصادمية” عقب إغلاق الحدود. فيما حضّدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس بالقول إن “بوتين يسخر من الجهود” الغربية للتعامل معه.

لوكاشينكو (71 عاماً)، الذي يحكم بيلاروس منذ 1994 وقضى على معظم أوجه المعارضة، وصف الإفراج بأنه بادرة إنسانية، بعد لقائه المبعوث الأميركي الخاص جون كويل في مينسك يوم الخميس. وناقشا سبل إعادة إقامة علاقات تجارية، من بينها إعادة فتح سفارة الولايات المتحدة في مينسك. أُغلقت السفارة في فبراير 2022 بعدما سمحت الأراضي البيلاروسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالانطلاق منها لشنّ غزوه الشامل على أوكرانيا.

قال كويل لوكالة رويترز إنه لا يملك بعد تاريخاً محدداً لإعادة فتح السفارة، لكنه أضاف أن ذلك سيحدث “في وقت قريب جداً”. وبيلاروس حريصة على بناء علاقة اقتصادية مع الولايات المتحدة بعد أن ضربتها حزمة عقوبات غربية بسبب ارتباطها بالحرب الروسية في أوكرانيا. وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن بعض العقوبات عن شركة “بيلافيا” رُفعت مقابل الإفراج عن السجناء.

يقرأ  الرئيس هرتسوغ يلح على البابا ليو الرابع عشر للتدخل من أجل إطلاق سراح رهائن حماس

تأتي هذه التطورات في سياق حوادث سابقة، أبرزها أمر مراقبي الحركة الجوية البيلاروسيين في 2021 لطائرة تابعة لشركة رايان إير كانت متجهة من اليونان إلى ليتوانيا بالهبوط في مينسك، حيث اعتُقل الصحافي رومان بروتاسيفيتش.

كان من بين المفرَج عنهم في هذه الدفعة فلاسفة وصحافيون ومعارضون بارزون، بينهم فلاديمير ماتسكيفيتش (69 عاماً)، الصحافي إيغور لوسيك، والرصيد السياسي ميكولا ستاتكيفيتش، مرشح الرئاسة عام 2010. وقالت أولوغا زازولينسكايا عبر منصات التواصل إن الإفراج يعد خبراً سارّاً لأسرهم ومعارفهم، لكنها لفتت إلى أن حريتهم تحققت على أساس الترحيل القسري خارج البلاد بدلاً من العودة إلى الوطن.

ومنذ قمع الاحتجاجات عام 2020 بعد انتخابات رفضت على نطاق واسع على أنها مزوّرة، اعتُقل العديد من المعارضين السياسيين. ونقلت وكالة بيلتا الرسمية عن لوكاشينكو قوله إن الأميركيين “يتخذون موقفاً بناءً تجاه ما يسمّى بالسجناء السياسيين. ليس لدينا حاجة لسجناء سياسيين أو لأي سجناء آخرين”.

تنضم هذه الدفعة المؤلفة من اثنين وخمسين سجينا إلى 314 آخرين أُطلق سراحهم منذ يوليو 2023 في محاولات لتليين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وفق منظمة هيومن رايتس ووتش. كما نُفّذ عفو سابق شمل 14 سجيناً في يونيو خلال زيارة مبعوث أميركي خاص، بينهم سيرجي تيخانوفسكي، زوج زعيمة المعارضة المنفية سفيتلانا تيخانوفسكايا؛ وأُجبر ثلاثة عشر آخرون على الخروج في منفى اختياري.

استقبلت تيخانوفسكايا بعض المفرَج عنهم عند عبورهم الحدود إلى ليتوانيا، حيث شكر الرئيس ليتوانيا جيتاناس ناوسيدا الرئيس ترامب على جهوده في إطلاق سراحهم، وقال إنهم يغادرون وراءهم “أسلاكاً شائكة ونوافذ مشدودة وخوفاً دائماً”. وفي حديثها الأول بعد الإفراج، قالت الصحافية السابقة لاريسا شتشيراكوفا إنها أنهت مدة حكمها كاملة التي امتدت ثلاث سنوات “ومن ثم طُرِدت”.

يقرأ  احتجاجات واسعة في نيبال تدفع رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته

رفض ميكولا ستاتكيفيتش مغادرة وطنه والذهاب إلى المنفى، ونشرت المعارضة البيلاروسية صوراً له جالساً في ما يُشبه منطقة لا أحد عند الحدود؛ وبحسب تقارير، عاد لاحقاً إلى داخل بيلاروس. وقالت مجموعات حقوقية مثل “فياسنا” إن المواطنة ذات الجنسية المزدوجة (بريطانية–بيلاروسية) جوليا فنر كانت من بين المفرَج عنهم؛ وكانت قد اعتُقلت عند دخولها بيلاروس العام الماضي وحُكم عليها مؤخراً بفترة طويلة قبل أن تُفرَج.

أشار الرئيس ترامب الشهر الماضي إلى أنه كان يجري محادثات مع لوكاشينكو حول احتمال الإفراج عن سجناء، في وقت كان يسعى فيه أيضاً لتحسين العلاقات مع بوتين. وعلى الرغم من أن قمته مع بوتين لم تحقق نجاحاً ظاهرياً ملموساً، يبدو أن ترامب نجح في إبرام اتفاق مع لوكاشينكو، الذي ظل لعقود منعزلاً عن جيرانه الأوروبيين بسبب حكمه السلطوي.

أضف تعليق