الانتقام من النقابيين في جنوب شرق آسيا يكشف عن تراجعٍ مقلق في التزام الشركات بحقوق الإنسان

تشِيا تشان ومايو مايو آيه يأتيان من دولتين مختلفتين — الأولى من كمبوديا والثانية من ميانمار — لكن المآزق الصعبة التي يواجهها زُعماء النقابات تكشف عن تدهور واضح في قدرة العمال على التنظيم داخل صناعة الملابس في جنوب شرق آسيا، حيث باتت حرية التنظيم أمراً يصعب الحفاظ عليه رغم الحِمايات الدستورية المتعددة ومدونات السلوك التي يفترض أن تحميها.

في 25 يوليو، اعتُقلت مايو مايو آيه، زعيمة اتحاد تضامن عمال ميانمار (STUM)، بحسب أعضاء النقابة بتهم لم تُكشف وبدون تمتعها بالإجراءات القانونية اللازمة. وُصفت ظروف الاعتقال بأنها مروعة: فقد أُكره ابنها على الركوع تحت تهديد السلاح لإجبارها على تسليم أجهزتها الرقمية قبل أن تُسحب مقيدة اليدين. وفي مداهمة متزامنة لمقر STUM دخل عدد من الرجال بملابس مدنية—من بينهم مسؤول حَيّ شوي باي ثار—قوة إلى المكتب وصادروا حواسيب محمولة وهواتف نقالة. كانت تشيو ثويل، ابنة مايو، حاضرة أثناء المداهمة الثانية. وبعد أيام، وبعد أن تطرقت إلى اعتقال والدتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تم اعتقالها مع ثلاثة من موظفي STUM الآخرين.

في بيان مشترك، كتبت منظمات مثل حملة الملابس النظيفة ومنظمة هيومن رايتس ووتش: “حتى الآن لا نعرف أين يُحتجز المدافعة عن حقوق الإنسان مايو مايو آيه وابنتها وباقي المحتجزين بصورة غير قانونية، ولا الأسباب الحقيقية لاعتقالهم.” وأضاف البيان خشية من احتجازهم في مركز استجواب في شوي باي ثار، الذي يُعرف باستخدامه للتعذيب والمعاملة المهينة. وأُشير أيضاً إلى أن مايو تحتاج إلى أدويتها الروتينية لحالات طبية سابقة، لكن تسليم تلك الأدوية بات مستحيلاً، مما يثير قلقاً بالغاً على سلامتها وسلامة المحتجزين الآخرين.

وكانت شركة Honeys Garment Industry Limited، الفرع البورمي لتاجر التجزئة الياباني Honeys Holdings، قد سحبت في يناير دعاوى قضائية طويلة الأمد اتهمت مايو بالتشهير بعدما فُصل نحو 450 عاملاً شاركوا في احتجاجات ضد حصص إنتاجية مفرطة بالمصنع. اتهمت الشركة مايو بأنها حثّت العمال على الإضراب عبر صفحات فيسبوك وشبكات اجتماعية أخرى، وأنها عطّلت الإنتاج ووشّت سمعة الشركة برسائل ومقالات صحفية ومحادثات داخل مجموعات العاملين.

يقرأ  شنغهاي تخفف شروط شراء المنازل مع تزايد معاناة سوق العقارات في الصين

روّي نغرنغ، منسق النداءات العاجلة لمنطقة شرق آسيا في حملة الملابس النظيفة، أكد أن انسحاب Honeys من الدعوى لم يتضمن أي اعتراف بالأذى النفسي والجسدي الذي تعرّضت له مايو خلال أكثر من سبع سنوات، ولم يصاحبه اعتذار أو تعويض عن المصاريف القانونية والنفقات الأخرى التي تكبدتها. وأضاف أن الشركة لم تقم بالاعتراف بالانتهاكات التي طالت 448 عاملاً ولا بتقديم تعويض أو تدارك، لذا ستستمر المطالبة بالاعتذار والتعويض.

بينما تبقى علاقة اعتقال مايو بدعوى Honeys غامضة—ولم تعلق الشركة—قال جونسون يونغ، منسق النداءات العاجلة الدولي في حملة الملابس النظيفة، إن مالكي المصانع وظفوا القمع المنهجي في ميانمار كسلاح ضد عمل STUM التنظيمي، وأن لدى العلامات التجارية القدرة على استخدام نفوذها لتغيير السرد العام ودعم نشطاء النقابة.

وأضاف: “العلامات التجارية والمبادرات متعددة الأطراف العاملة في ميانمار تمتلك القدرة للضغط لإطلاق سراح نشطاء STUM، وينبغي عليها أن تمارس ذلك جماعياً ضد الموردين والجيش الحاكم.”

في كمبوديا، اعتقل ميّ تشان، ميكانيكي حاول تأسيس أول نقابة مستقلة في مصنع Wing Star Shoes، دون مذكرة واحتُجز ستة أشهر في أوائل 2024. أُفرج عنه لاحقاً بعد أن قضت محكمة الاستئناف الكمبودية بأن التهم لا أساس لها، مستنتجة أن إدارة المصنع قد قدّمت شكوى للشرطة بلا أدلة ملموسة، في قضية اعتُبرت انتقامية بامتياز.

منظمات مثل حملة الملابس النظيفة ومنتدى حقوق العمال انتقدت اسكس وموجي، اثنين من مشترِي Wing Star Shoes، لامتناعهما عن تعويض الأب لثلاثة أطفال عن الخسائر المالية التي لحقت به وبعائلته، بما في ذلك فقدان مسكنهم، بعد عام من إطلاق سراحه. رغم إعادة توظيفه في Wing Star Shoes، يعمل تشان الآن في مبنى منفصل وبعيداً عن زملائه، خلافاً لما أعلنته اسكس سابقاً حول إعادة توظيفه في منصبه الأصلي.

يقرأ  بن غفير «مصدوم» من شراء أقارب زعيم حماس منزلاً في إسرائيل

ثولسي ناراياناسامي، مديرة المناصرة الدولية في منتدى حقوق العمال، وصفت وضع تشان بأنه محاولة لإضعافه وكسر عزيمته بعدما سُجن ستة أشهر بتهم ملفقة. كانت سابقاً له صلاحية الإشراف على جميع الميكانيكيين والوصول إلى مبنيي المصنع الرئيسيين، أما الآن فوضعيته تقترب من العزل العملي بلا مهام ذات جدوى.

عرضت Wing Star Shoes، يوم الأربعاء، أقل من ثلث المبالغ المطلوبة كتعويض، مع تأكيدات على عودة تشان إلى منصبه واحتفاظه بحق التنظيم. رفض تشان، بدعم من التحالف الكمبودي للنقابات (CATU)، العرض بوصفه غير كافٍ لاسترداد أرضه أو تغطية تكاليف العلاج لمشكلات صحية تعرّض لها خلال فترة سجنه.

كما نقّب منتدى حقوق العمال في بيان اسكس الصادر في 28 أغسطس للدفاع عن موقفها بعد رد CATU، مشيراً إلى أن لهجة اسكس واعتراضها على “مزيد من التحقيق” والادعاءات “الخاطئة” حول مصدر الشكوى الجنائية، مع وعودها بالتواصل مع أصحاب المصلحة في القاعدة، يكشف عن نهج شكلي ومعزول يُستخدم ذريعة لتفادي تقديم تعويضات حقيقية أو احترام جاد لحرية التنظيم.

قالت ناراياناسامي إنها لا تفهم تردد اسكس—التي لم ترد على طلب للتعليق—عن اتخاذ الإجراء الصحيح، لا سيما وأن لديها نفوذاً كبيراً على Wing Star Shoes، بما في ذلك إمكانية سحب الأعمال. وأضافت أن فشل اسكس في تصحيح شكوى جنائية انتقامية ضد تشان يمثل تراجُعاً مقلقاً من الشركات في مجال حقوق الإنسان ويُغاضِي عن استخدام التجريم لإسكات المنظمين في المنطقة، مما يزيد من معاناة العمال.

وختمت بالقول إن فشل اسكس في ضمان امتثال موردٍ له سجل طويل من انتهاكات الحقوق يكشف عن فجوة مقلقة في قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها الحقوقية تجاه المستهلكين. وأضافت: “لدى اسكس المسؤولية والوسائل لمعالجة هذا الانتهاك الآن. ولا يمكن تحقيق التزاماتها المعلنة باحترام حقوق العمال إلا عبر تأمين تعويض معقول عن محنة تشان البشعة وضمان التزام المورد بحرية التنظيم حتى تتاح الفرصة لتحسين ظروف 20,000 عامل.”

يقرأ  مؤلف مشارك في مشروع ديناه لصحيفة «بوست»: إدراج حماس في القوائم السوداء «عدالة تاريخية» لضحايا ٧ أكتوبر

أضف تعليق