أثناء العرض العسكري الضخم الذي نظّمته الصين لإحياء الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، شاع على منصات التواصل مقاطع وصور معدّلة زُعم خطأً أنها منشورة بواسطة وكالة فرانس برس (AFP) بعد تطبيق فلتر «كئيب». في الواقع، التقطت الوكالة واحدةً على الأقل من الصور المتداولة، أما البقية فمصدرها مؤسّسات إعلامية أخرى، ولا تتطابق النسخالأصلية مع النبرات اللونية التي ظهرت في النسخ المنتشرة على الشبكات.
نُشِر في مقطع على منصة دوين بتاريخ 2 سبتمبر 2025 نصّ مبسّط يصف صورة جندي يقف في الثلج من سلسلة مفترضة باسم «صبر إمبراطورية»، ويزعم المقطع أن معالجة لونية أسهمت في خلق إحساس بالبرودة والجلال. انتشر هذا الادعاء لاحقًا على دوين وويبو ويوتيوب وX وتيك توك، مع عدد كبير من المنشورات التي تذكر ما سُمّي «فلتر فرانس برس».
تضمّن المقاطع مونتاجًا لصور جنود ودبابات وطائرات مقاتلة من استعراض عسكري، وحقق بعضها آلاف التفاعلات والإعجابات. تعليقات المستخدمين بيّنت أن كثيرين اعتقدوا أن الصور أصلًا من أرشيف فرانس برس، فكتب أحدهم أن الهدف كان تشويه صورة الصين لكن النتيجة كانت عكسية، بينما تساءل آخرون لماذا يُفترض أن يتم العبث بالصور أصلاً.
تحقّق فريق التدقيق أظهر أن معظم الصور المتداولة التي نُسبت إلى AFP منشورة في الأصل عبر وكالات ومصادر أخرى: صور التُقطت لسنوات سابقة بواسطة وكالة غيتي (مصوّر مستقل مثل كيفن فراير) وصور نشرتها مؤسسات الدولة الصينية مثل CCTV ووكالة شينخوا ووزارة الدفاع. النسخ الأصلية لهذه الصور والفيديوهات أفتح وأكثر طبيعية من الإصدارات المُظلمة أو المحوّرة التي تداولتها الحسابات.
فرِد دوفور، مصوّر فرانس برس، التقط فعلاً صورة واحدة ظهرت في بعض المنشورات تُظهر جنديًا تختفي ملامحه وراء علم في قاعة الشعب الكبرى عام 2016، لكن الوكالة لم تنشر سلسلة تحت عنوان «صبر إمبراطورية» كما زُعم. كما وزّعت AFP نسخًا غير مُعدّلة لصور وفيديوهات مرتبطة بالحدث تظهر دون التعديل اللوني المشاهد في المقاطع المتداولة.
تُشير مبادئ التحرير لدى الوكالة إلى تجنّب «التفتيح أو التعتيم أو الطمس المفرط» و«التلاعب اللوني المبالغ فيه»، وتسمح فقط بتعديلات بسيطة مثل تصحيح الألوان الأساسية أو تعديل طفيف للإضاءة أو تنقية الصورة من الغبار في ظروف إضاءة ضعيفة. الوكالة سبق أن فندت ادعاءات مماثلة عام 2023 تفيد بتعديل صور لنزع المصداقية عن الجيش الصيني.
أدوات البحث العكسي والبحث بالكلمات المفتاحية بيّنت كذلك أن صورًا أخرى في التجمعات المنسوبة إلى AFP منشورة أصلاً عبر Getty Images، وأن صورًا من استعراض 2019 عُرضت أغمق مما كانت عليه في أرشيف غيتي. كما نشرت CCTV لقطات مباشرة من استعراض 3 سبتمبر 2025 تُظهر جنودًا يسيرون تحت راية الحزب وأمام طائرات، والفيديوهات الرسمية أفتح لونيًا من النسخ المتداولة.
أما بعض الصور التي بدت مُفرطة التبنّي للدراما فتبين أنها منشورات للدولة أو منشورات مُنتجة مسبقًا، بل ثمة صورة أُشير إليها على دوين في فبراير 2024 واعتُمدت هناك كمولَّدة بالذكاء الاصطناعي، وحساب المنشور سبق أن نشر صورًا مُنتَجة مزيفة. في الحالات كافة، الأدلة تجمع أن التعديلات اللونية المنتشرة ليست نمطًا واحدًا أصدرته AFP، وأن نسبة كبيرة من المواد جاءت من مصادر متفرقة أو مُصطنعة.
باختصار: الادعاء بأن AFP طبّقت فلترًا «كئيبًا» على مجموعة صور الاستعراض الصيني غير صحيح؛ الوكالة التقطت صورة واحدة من بين ما نُشر، وأغلب المواد الأخرى منشورة أصلاً عبر غيتي ومصادر حكومية صينية ومنشورات منصات، والنسخ الأصلية أفتح طيفًا ولا تحمل المعالجات اللونية المزعومة.