خلص تقرير أممي موسّع إلى أن حياة المواطنين في كوريا الشمالية أصبحت أكثر قسوة وخوفاً منذ تولي كيم جونغ أون الحكم، وأن السلطات وسّعت استخدام عقوبة الاعدام لتشمل جرائم مثل مشاهدة ومشاركة أفلام ومسلسلات أجنبية.
وجد المكتب الأممي لحقوق الإنسان، بعد أكثر من 300 مقابلة مع ناجين فرّوا من البلاد خلال العقد الماضي، أن الدولة شدّدت قبضتها على “جميع جوانب حياة المواطنين”، وأن المراقبة ازدادت انتشاراً بفضل تطور التقنيات. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن استمرار هذا المسار سيعني مزيداً من المعاناة والقمع والخيبة التي يعانيها الشعب منذ زمن طويل.
ذكر التقرير أن تشريعات أُقرّت منذ 2015 أوجدت جرائم جديدة يعاقَب عليها بالإعدام، ومن أبرزها تداول المحتوى الإعلامي الأجنبي. وذكر الفارّون أن تنفيذ الإعدامات ازداد منذ 2020، وأن السلطات تنفّذ بعضها علناً بواسطة فرق الإعدام لزرع الخوف وردع مخالفي القوانين. وحكت إحدى الهاربات، كانت قد غادرت في 2023، أن ثلاثاً من صديقاتها أُعدمْن بعدما ضبطن بمحتويات كورية جنوبية، وأن محاكمتهن جرت مع متهمين بجرائم مخدرات، مما يعكس معاملة موحّدة للجناية المختلِفة.
عندما تسلّم كيم الحكم في 2011 كان بعض الناس يأملون بتحسّن معيشتهم—وخصوصاً بعد وعود بتحسين الاقتصاد والحدّ من المجاعة—إلا أن التقرير يبيّن أن الاتجاه تغيّر عقب تراجع الدبلوماسية مع الغرب والولايات المتحدة منذ 2019، وتركيز النظام على برنامجه العسكري. وأكد معظم الناجين أن الحصول على ثلاث وجبات يومياً بات ترفاً، وأن موجة الجائحة جعلت النقص الغذائي أكثر حدة، مع وفيات بسبب الجوع في أنحاء البلاد.
في الوقت نفسه، شدّدت الحكومة القيود على الأسواق غير الرسمية التي كانت مصدر رزق لأسر كثيرة، وضيّقت الأمن على الحدود مع الصين، وأمرت القوات بإطلاق النار على من يحاولون الفرار، مما جعل الهروب شبه مستحيل. وقالت ناجية أخرى إن السلطات عملت تدريجياً على منع الناس من كسب لقمة العيش بالوسائل الذاتية حتى أصبح العيش بحد ذاته معاناة يومية.
أظهر التقرير كذلك ارتفاعاً في استخدام العمل القسري: تُجنّد أسر الفقراء في “كتائب صدمة” لتنفيذ أعمال خطرة في البناء والتعدين، وغالباً ما تنتهي بحوادث وموتى، فيُقدّمون هؤلاء ضحايا على أنهم أبطال تضحية لنظام كيم. كما أفاد التقرير بأن آلاف الأيتام وأطفال الشوارع جُندوا في السنوات الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير 2014 للجنة تحقيق أممية سبق وكشف ارتكاب حكومة كوريا الشمالية لجرائم ضد الإنسانية، خصوصاً في معسكرات الاعتقال السياسي التي تستمر فيها عقوبات السجن المؤبد والاختفاء القسري. ويشير تقرير 2025 إلى استمرار عمل أربعة على الأقل من هذه المعسكرات، مع استمرار التعذيب وسوء المعاملة في السجون العادية، رغم سماع الأمم المتحدة عن بعض التحسّن الطفيف في مستوى العنف من جانب الحراس.
طالبت الأمم المتحدة إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لكن إحالة كهذه تتطلب إحالة من مجلس الأمن الذي حجبت الصين وروسيا مراراً محاولات فرض عقوبات جديدة على النظام منذ 2019. ويأتي اجتماع كيم مؤخراً مع زعيمي الصين وروسيا في بكين كإشارة إلى قبول ضمني بسياسة بيونغ يانغ النووية وتعاملها مع شعبها.
خاتمة التقرير تدعو المجتمع الدولي إلى التدخّل، وتطالب كوريا الشمالية بإغلاق معسكرات الاعتقال السياسي، وإلغاء عقوبة الاعدام، وتعليم المواطنين حقوقهم الأساسية. وأكد تقرير الأمم المتحدة وجود رغبة واضحة وقوية لدى الشبان الكوريين الشماليين في التغيير وإحداث تحول نحو حياة أكثر كرامة وحرية.