بعد هجوم إسرائيلي صادم على مدينتهم… قلق يخيم على سكان الدوحة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني

الدوحة — ستة توابيت وضعت أمام المئات الذين تجمعوا لأداء صلاة الجنازة في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب: خمسة منها مغطاة بالأعلام الفلسطينية وتابوت واحد بعلم قطري. في الصف الأول من المصلين حضر الامير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ليشيِّع ويكرّم ضحايا الهجوم الإسرائيلي الذي هزّ الدوحة هذا الأسبوع.

من بين القتلى رقيب أول بدر سعد محمد الحميدي الدوسري، عنصر في قوات الأمن الداخلي يبلغ من العمر 22 عاماً. وبعد الصلاة بدا الامير يعزي طفلاً صغيراً والدموع تنهمر على خديه.

الهجوم، الذي استهدف قادة حركة حماس بينما كانوا يناقشون مقترحاً لوقف إطلاق النار قُدّم من الولايات المتحدة، وقع يوم الثلاثاء وأحدث صدمة واسعة؛ القادة نجاوا من الضربة لكن وقع الحدث ألقى بظلاله على المدينة.

عدم التصديق

وقع الانفجار يوم الثلاثاء بعد الظهر في منطقة الخليج الغربي بالدوحة. دوت عدة انفجارات في أنحاء المدينة، تصاعدت أعمدة دخان كثيفة ووحّدت سكانها بين الفزع والذهول. وبالنظر إلى سمعة الدوحة في الأمان، بدا من الصعب على كثيرين تصديق أن المدينة يمكن أن تُستهدف بهذه الطريقة.

منذ استقلالها عام 1971، لم تشهد قطر صراعاً تحول إلى عمل عسكري مباشر داخل أراضيها. وعندما شنّت ايران ضربة في وقت سابق من العام، كانت مشاركة قطر ظرفية إلى حد كبير، إذ شكّلت قاعدة الوجود العسكري الأميركي عاملاً مؤثراً في سياق الحدث.

محمد عاصم، الأربعيني القادم من بنغلاديش مع زوجته وطفليه ويعمل في تجارة المواد الغذائية بالجملة، يقطن على بعد نحو كيلومتر من المبنى الذي استهدف، وقال إنه لم يصدق أن أمراً كهذا قد يحدث في المدينة. «ظننت أن بيتاً يُهدّم، فالأصوات المتتالية ذكّرتني بتلك الصورة»، قال لعاملين في الصحافة. «لم أدرك الحقيقة إلا عند متابعة الأخبار».

يقرأ  انفجار في منطقة ذات معدلات جريمة مرتفعة بشمال بيرو: ١٠ مصابين و٢٥ منزلاً متضررًا

«ربّ اجعل هذا البلد آمناً»

بعد نحو خمس وأربعين دقيقة من الضربة وصلت مع زميلة لي المصوّرة شوقات شفي إلى الحي الدبلوماسي في الخليج الغربي قرب الساحل، بينما كانت تفاصيل الحادث تصل إلى غرف الأخبار العالمية. أوقفنا السيارة على بعد بعض المباني وسرنا مشياً نحو الموقع حتى بلغنا حافة المجمع المتضرر: سور بلون قاني ممزق الواجهة، حطام رمادي يفلت عبر البوابة الواسعة، وأعواد دخان ما تزال تتصاعد من الفناء حيث أصاب ضربة أخرى.

حلّقت فوق المجمع طائرتان مسيّرتان لساعات، إحداهما مزودة بألياف بصرية وأخرى تحكم عن بعد، لتضيء المكان بعد الغسق بينما كانت فرق الطوارئ تنقب في الركام. طوق أُحكم على المداخل المؤدية إلى شوارع الحي، وتواجدت أمامنا عناصر من فروع الأمن المختلفة والدفاع المدني وعدد من سيارات الإسعاف في وضع الاستعداد. مع تقدم الليل خفّ تواجد الشرطة، بينما كانت العائلات في المنازل القريبة تلمح أحياناً من نوافذها أضواء سيارات الطوارئ الحمراء والزرقاء.

كان المبنى، الواقع في منطقة سكنية تضم ثلاث مدارس قريبة، مقراً لكتلة من أعضاء المكتب السياسي لحماس.

التنسيق والردود الإقليمية

تعهدت قطر بالتحرك بتنسيق مع حلفائها الإقليميين، وزار الدوحة في الأيام التالية قادة وملوك وأمراء ورؤساء وزراء وممثلون رفيعو المستوى تأكيداً على التضامن، من بينهم رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف.

وانضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب أيضاً إلى موجة التضامن مع قطر، قائلاً إن مثل هذا الهجوم لن يتكرر، رغم أن تصريحه تضمن أيضاً أن «القضاء على» حماس هدف يستحق المتابعة. لكن تصريحات ترامب لم تمنح سكان الدوحة الطمأنينة المنشودة؛ فقد باتت عاصمتهم في مرمى الصراعات الإسرائيلية الإقليمية، لتصبح واحدة من ست دول تعرضت لهجمات إسرائيلية خلال ذلك الأسبوع.

يقرأ  ١٠ لقطات حائزة على جوائز تجسد إصرار الكائنات البرية على البقاء

علقت اللوحات الإعلانية رسائل قصيرة لطمأنة الجمهور؛ وفي مركز سيتي سنتر في الخليج الغربي عُلِق على الجدران دعاء نبيّ الله إبراهيم: «رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا».

تقصّينا آراء السكان، فأجاب أحدهم، وذكر اسمه الأول فقط محمد، بأنه لا يثق كثيراً في وعود السياسة. «إسرائيل تتصرف كما تشاء، وبعد بعض الكلام الحاد يعود كل شيء كما كان»، قال وأضاف: «سنرى ما سيفعله ترامب فعلاً».

أضف تعليق