استيلاء القوات الإسرائيلية على منزلي ثم إحراقه

ناصر فرطاوي يقف وسط أنقاض محل الاحتفالات الذي كان يملكه في طولكرم بشمال الضفة المحتله، يرفع إكليلًا من زهور السيليكون المحروقة وفانوس رمضان المصفّر وهو يفتش بين بقايا متجرٍ كان مشهورًا في المدينة.

في الطوابق الثلاثة التي كانت تضم شقق العائلة الفاخرة، بدت الجدران مغطاة برسومات وكتابات بذيئة، من بينها رسومات فاحشة في غرفة المعيشة وغرفة ابنته. الأثاث الفاخر مكسور أو طُرح من النوافذ، والزخارف الرصينة مُنتزعة، ونسخة مصقولة من القرآن ممزقة صفحاتها، ورائحة الطعام الفاسد تعبق المكان.

«جاءوا ودمروني»، قال ناصر. «كل شيء هنا قابل للتدمير لأنني أعيش في هذه المدينة — لأني فلسطيني». في 3 مارس وصلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى ممتلكات العائلة وأعطتهم ساعة ونصف لمغادرة المنزل، ثم استولت وحدات الجيش على البناية أثناء تنفيذها لعملية واسعة في مخيم طولكرم للاجئين.

يضيف ناصر بصعوبة التصديق: «حوّلوا المكان إلى قاعدة عسكرية، عاشوا فيه كأنه فندق لثلاثة أشهر ونصف، ثم أضرموا فيه النار». من مسافةٍ بعيدة رأى في 11 يونيو الحريق يلتهم مخزنه ومحله — المكان الذي كان يزوره الناس لتزيين سيارات الأعراس هناك. ظل حيه منطقة عسكرية مغلقة، ولم يُسمح له بالعودة إلا مطلع هذا الشهر.

وردًا على سؤال عن حالة العقار، قال الجيش الإسرائيلي لوسائل الإعلام إنه «لا يملك معلومات عن أي حرق متعمّد ارتكبه عناصره في الموقع»، وأن شكوى قُدمت وتخضع للمراجعة. وأضاف بيان الجيش: «تدمير ممتلكات مدنية من قبل جنود يتعارض مع قيم جيش الدفاع الإسرائيلي. كقاعدة، الحوادث التي تنحرف عن الأوامر والقيم ستُفحص وتُحقق وتُعالج بواسطة القادة». البيان لم يتناول الرسوم البذيئة.

منذ هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 وتصاعد الحرب على قطاع غزة، انشغلت أنظار العالم هناك، لكن التوترات في الضفة الغربية تصاعدت أيضًا، مع تزايد هجمات المستوطنين والعمليات العسكرية الإسرائيلية التي تقول تل أبيب إنها تستهدف مسلحين فلسطينيين. بحسب الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 900 فلسطيني في الضفة نتيجة إجراءات الجيش والمستوطنين خلال تلك الفترة، وفي المقابل قُتل أكثر من 60 إسرائيليًا في هجمات نسبت إلى فلسطينيين أو في اشتباكات مسلحة داخل الضفة وإسرائيل.

يقرأ  الهجمات الإسرائيلية والتجويع القسريأودت بحياة ٦٢٬٠٠٠ فلسطيني في قطاع غزة

خلال العمليات الإسرائيلية الكبرى، تُستخدم منازل فلسطينية بشكل روتيني كقواعد عسكرية مؤقتة ومراكز تحقيق، والجيش يبرر ذلك بمقتضيات الأمن. وبيّن الجيش أن «العمل من داخل منازل في المنطقة يكون ضروريًا أحيانًا لاكتشاف وتفكيك البنى التحتية للإرهاب من جذورها، وذلك لفترات زمنية متفاوتة حسب الحاجة العملياتية والظروف الميدانية»، وأنه يتصرف «وفقًا للقانون الإنساني الدولي ويتخذ خطوات للحد قدر الإمكان من تأثيره على المدنيين».

في منتصف إلى أواخر حزيران وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نحو 267 منزلاً فلسطينيًا استولت عليها قوات إسرائيلية لفترات تتراوح من عدة ساعات إلى أيام، وقدّرت تقديرات مبكرة أن أكثر من 1300 شخص تضرروا، وذكر المكتب أن غالبية هؤلاء «عادوا إلى منازلهم ليجدوا ممتلكاتهم مخربة». كما استولت القوات على ممتلكات في مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم مع بداية العام، وُصفت بأنها «معاقل إرهابية»، ما دفع نحو 40 ألف من سكان المخيمات إلى النزوح، لا يزال نحو 30 ألفًا منهم غير قادرين على العودة.

من شرفة في أحد الطوابق العليا يمكن رؤية مخيم طولكرم كمدينة أشباح؛ نحو 10,600 شخص ما زالوا مشردين، والجرافات الإسرائيلية شقّت طرقًا عبر المباني، مقسِّمة المخيم إلى مقاطع. تقدّر الأونروا أن أكثر من 150 منزلًا هُدمت في طولكرم، وعلى مستوى الضفة تقول الأوتشا إن أمر هدم واحدًا وألفًا صادر بين بداية عملية «الجدار الحديدي» في يناير وحتى تموز.

تدعم الأونروا الآن اللاجئين المقيمين في مساكن خاصة في محيط طولكرم، وأنشأت مركزًا صحيًا مؤقتًا ومدارس وبدأت تعليمًا إلكترونيًا للطلاب. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إن القوات ستبقى في المخيمات الثلاثة حتى نهاية العام على الأقل.

ناصر عاد إلى منزله لكنه لا يعرف كيف سيعيد بناؤه. يقدّر خسائره الإجمالية بما يصل إلى 700,000 دولار تقريبًا. بإمكانه تقديم شكوى للسلطات الإسرائيلية، لكن التجارب السابقة تشير إلى أن فرص حصوله على تعويض ضئيلة. السلطة الفلسطينية، التي كانت تدفع سابقًا لإصلاحات ناتجة عن اقتحامات عسكرية، تعاني الآن أزمة مالية حتى أنها لا تستطيع دفع الرواتب كاملة للعاملين في القطاع العام.

يقرأ  تحدٍ في مدينة غزة إسرائيل تُطلع هيئة الإذاعة البريطانية على مواقع المساعدات المخصّصة للنازحين

بدون متجره وببضائعه المحترقة، فقد ناصر مصدر رزقه ويخشَى ألا يستطيع دعم ابنه وابنته اللذين يدرسان الطب في مصر. يناشد المنظمات الدولية المساعدة.

«أنا إنسان بسيط، تاجر»، يقول ناصر. «أحب السلام. لم أدخل سلاحًا بيتِي قطّ. لم تكن لي مشكلة مع الجيش الإسرائيلي. أريد أن أعيش بسلام، لكن يبدو أنهم لا يريدون السلام.»

أضف تعليق