«مرشحة تُلقب بـ«السيدة الحديدية» تسعى إلى رئاسة ساحل العاج»

سيمون غباغبو تعدّ بـ«تحديث» ساحل العاج إذا ما فازت بالانتخابات

سيمون غباغبو، السيدة الأولى السابقة لساحل العاج، عادت من اختباء في مُخبأ لتفادي الاعتقال إلى إعلان تحدٍّ جريء أنها ستترشّح للرئاسة. في عودة استثنائية، سُمح للمرأة المثيرة للجدل البالغة من العمر 76 عاماً هذا الأسبوع بالمشاركة في انتخابات أكتوبر، ودعت مناصريها إلى المساهمة في «بناء أمة جديدة».

طوال سنوات، عملت غباغبو جنباً إلى جنب مع زوجها السابق لوران، وكانت تُعدّ القوة الحقيقية خلف عرشه. الآن، بعد إدانة جنائية وانفصال رسمي، تصعد إلى واجهة المشهد السياسي كمرشّحة للرئاسة بصفة مستقلة. شغلت منصب السيدة الأولى بين 2000 و2011 ولُقِّبت بـ«السيدة الحديدية» لصلابتها وشدّة موقفها. في حين كان مؤيّدون ينادونها محبّةً «ماما»، كانت محطّ رعب داخل الحزب الذي أسَّسته مع زوجها، الجبهة الشعبية الإيفوارية (FPI).

«جميع الوزراء يحترمونني، وغالباً ما يعتبرونني فوقهم»، قالت لصحيفة فرنسية خلال فترة رئاسة زوجها. في التجمعات، استغلت غباغبو إيمانها المسيحي الإنجيلي وألقت خطباً حماسية بليغة دفاعاً عن زوجها.

التقيا لوران في 1973 حين كانا ناشطين مؤثّرين في الحركة النقابية بساحل العاج. حائزة على شهادات في التاريخ واللسانيات، وعملت معلّمة وشاركت فاعليّة في نقابات التربويين. شَدَّت علاقتهما أيضاً بالنضال ضد حكم الرئيس فيليكس هوفويت-بوانيي، إذ ناضلا ضد الاستبداد الذي استمرّ 33 عاماً مطالبين بالديمقراطية التعدّدية. جرّاء نشاطهما السياسي، سجنا أكثر من مرة. «خضت النضال السياسي ضد النظام السابق إلى جانب الرجال،» استذكرت غباغبو في حديثها مع l’Express. «قضيت ستة أشهر في السجن، تعرّضت للضرب والاعتداء، تُركت كأنّي على شفير الموت. بعد كل تلك المحن، من المنطقي ألا يتجرأ أحد على مضايقتي.»

في 1982 شاركا في تأسيس الـFPI، وفي تلك السنة هرب لوران إلى فرنسا بعد مضايقات من أجهزة الأمن، تاركاً غباغبو تعتنِي بتوأمتيهما بمفردها. وبعد ست سنوات أعيد لوران وعقدا قرانهما في حفل خاص حضره أقل من عشرة مدعوين.

يقرأ  قرويون يحفرون بأيديهم للوصول إلى ضحايا دفنتهم انهيارات أرضية في السودان، بحسب مجموعة

سُمِح بإجراء أول انتخابات وطنية في 1990، فترشّح لوران وكانّت غباغبو عاملاً أساسياً في حملته. واصفت الصحافة الفرنسية الشراكة السياسية بينهما بقولها: «لوران يتميّز باللباقة الطيبة، وسيمون بالخطاب الحاسم». أما صحيفة معارضة إيفوارية فقد وصفتهما بأوصاف أقل لطفاً: «لوران غباغبو — مُنفتح، حارّ، وماكر… وزوجته سيمون — غامضة، باردة، وسرّية.»

في انتخابات شابها اتهامات تزوير واسعة، خسر لوران بفارق كبير أمام هوفويت-بوانيي، لكنه فاز بعد ذلك بمقعد في الجمعية الوطنية وحصلت زوجته على مقعد بعد خمس سنوات. وفي دورة 2000 ترشّح مرة أخرى وبفعل استبعاد مرشحين معارضين من قبل قيادات عسكرية انتهى به الأمر إلى الفوز. لكن ما بدا بداية عهد ديمقراطي سرعان ما تحوّل؛ الرئيس الجديد تبنّى إجراءات صارمة لقمع المعارضة، ودعم فكرة «الإيفواريّة» أو «الهوية الإيفوارية» ما أدّى إلى انقسام البلاد واندلاع تمرد في الشمال.

تتردّد روايات عن تأثير كبير لغباغبو على قوّات الأمن التي استُخدمت لكتم أصوات المعارضين. كما أُرجئت انتخابات رئاسية مقرّرة في 2005 ست مرات، بحجّة أنّ على الحكومة استعادة السيطرة على كامل التراب الوطني، قبل أن يُقبل أخيراً بإجرائها في 2010. وفي نتيجة مفاجئة خسر أمام الرئيس الحالي الحسن واتارا، إلا أن لوران رفض الاعتراف بالنتيجة، وما تلا ذلك من محاولة البقاء في السلطة أشعل حرباً أهلية راح ضحيتها أكثر من 3,000 شخص.

بعد الاقتراع، دافعت غباغبو عن قرار زوجها بالبقاء، ووصفت واتارا «قائد قطاع طرق». «انتهى زمن النقاش حول الانتخابات بين غباغبو و’قائد قطاع الطرق‘،» قالت في خطاب لمؤيّديها. «رئيسنا راسخ في السلطة ويعمل.»

مع تقدّم قوات موالية لواتارا مدعومة بقوات فرنسية نحو مقرّ الرئاسة، لاذ الزوجان بالمخبأ، حيث ألقي القبض عليهما ثم نُقِلا إلى فندق في أبيجان، منهياً بذلك صراعاً دام خمسة أشهر. بعد اعتقالهما تداوَل الإيفواريون صوراً تُظهِرهما في حال سقوط.

يقرأ  ناومي أوساكا تهزم كوكو جوف وتتأهل إلى ربع نهائي بطولة أمريكا المفتوحة

في محاكمتها بعد خمس سنوات، وصفت غباغبو احتجازها في الفندق وادعت تعرضها لمحاولات اغتصاب علنية «كنتُ ذاتي وصلت وبُطْني مكشوف، عُرّيتُ. تعرّضت لعدة محاولات اغتصاب نهاراً واضحاً، كل ذلك بحضور جنود فرنسيين كانوا يصوّرون». حُكم عليها بالسجن عشرين عاماً بتهم «محاولة تهديد أمن الدولة»، الإخلال بالنظام العام وتنظيم عصابات مسلّحة خلال الحرب الأهلية.

لكن بعد ثلاث سنوات فقط، منحها الرئيس واتارا عفواً قال إنه خطوة نحو المصالحة، وهو ما سمح لها بالمشاركة في الانتخابات المقبلة رغم إدانتها. وفي المقابل تابعت المحكمة الجنائية الدولية قضايا منفصلة ضد غباغبو عام 2012 تتعلّق أيضاً بأعمال الحرب، لكنها أُسقِطت لاحقاً. وقد وجّهت المحكمة كذلك اتهامات ضد لوران بجرائم ضد الإنسانية، فحُبِس في لاهاي سبع سنوات قبل أن يُبرّأ ويعود إلى البلاد في 2021.

لم تشهد عودته عودة الودّ مع زوجته؛ فبعد أيام على هبوطه في التراب الإيفواري قدّم طلاقه بعدما أقام علاقة مع الصحافية نادي بامبا. ردّت غباغبو عبر محاميها متهمة إياه بـ«زنا فاضح ومعروف» و«هجر الدار الزوجية».

منذ ذلك الحين، عملت السيدة الأولى السابقة بهدوء ومنهجية على إعادة بناء قاعدتها السياسية، بعد انفصالها عن الـFPI. أسّست حزباً جديداً يساريّاً أسمته حركة الأجيال القادرة (MGC)، وفي حملتها لانتخابات الشهر المقبل تعد بـ«ساحل عاج مُحدَّث» و«مزدهر». ترشّحها ليس ذا دلالة سياسية فحسب، بل يحمل رمزية قوية في بلد لا تزال تُعاني فيه النساء من نقص التمثيل في المناصب القيادية الوطنية؛ إذ لا تتجاوز نسبة النائبات في البرلمان حوالي 30%.

رغم تشوّه صورتها بسبب اتهامات ماضية، لا تزال تعتبر إحدى أقوى المتنافسين على مقاسمة التأييد مع واتارا في الاقتراع القادم. وهي سياسية مخضرمة ذات خطاب قوي، ويبدو أنها قد تحظى بدعم أنصار زوجها بعدما مُنع هو نفسه من الترشّح. وفي حال فوزها، ستدخل «السيدة الحديدية» التاريخ كرئيسة أولى لساحل العاج، محطة جديدة في مسيرة سياسية عاصفة امتدّت لأربعة عقود.

يقرأ  عشرات القتلى في هجوم على قرية بولاية بورنو النيجيرية — تقارير تشير إلى تورط بوكو حرام

أضف تعليق